جزيرة الوراق تقع في محافظة الجيزة وتحدها محافظة القليوبية من الشمال والقاهرة من الشرق .. ورغم تميز موقعها فإن سكانها البالغ عددهم 80 ألفاً يجدون معاناة في الحصول علي الخدمات حتي أن بعض الأهالي يعتقدون أن موقعها المتميز سر تعاستها حيث مارس النظام السابق ضغوطاً ووضع مخططاً لاجبارهم علي ترك الجزيرة لصالح رجال أعمال تابعين له. ومنع متعمداً وصول الخدمات الآدمية إليها. وجاءت الثورة وتمني أهل جزيرة الوراق أن تتغير أوضاعهم .. وتنظر إليهم الحكومة نظرة اهتمام. قالوا ل "المساء" إن من يثير المشاكل والاعتصامات في الفترة الأخيرة بوزارة النقل اعتراضاً علي مناقصة تشغيل العبارات الجديدة لا يمثلونهم ولا يتحدثون باسمهم. بل يبحثون عن مصالحهم الشخصية في صراع للمصالح بين كبار العائلات للفوز بالمناقصة. أكد الأهالي أن مطلبهم الوحيد الأزلي هو إنشاء كوبري للمشاة يربط الجزيرة بالعالم الخارجي من جهة منطقة شبرا بعيداً عن معديات الموت التي تحصد أرواحهم..!! التحقيق التالي يحاول الاقتراب من مشاكل أهالي جزيرة الوراق. يقول عبدالنبي عبدالحميد وخالد بحيري إن المشاكل التي أثيرت بخصوص اعتصام بعض أهالي الجزيرة ومطالبتهم بإعادة مناقصة "المعديات" هي حرب مصالح بين بعض العائلات بالجزيرة للفوز بها لأنها طريق سريع للإثراء وكسب المال. وهناك 80 ألف مواطن يستخدمون عبارات للنقل وقضاء الحوائج بشكل يومي. يوضح محمد يحيي "موظف" أنه لا توجد أي خدمات بالجزيرة فليس هناك إسعاف ولا مطافيء ولا نقطة شرطة بعد إغلاق النقطة الموجودة بها وهو ما جعل الجزيرة مأوي للبلطجية وتجار المخدرات وعندما ينشب أي حريق بالمنطقة يستخدم الأهالي الأواني المنزلية في إطفائه. وكثيراً ما يعجزون عن السيطرة عليه ويتسبب في خسائر بالأرواح والممتلكات نتيجة إهمال الحكومة وتجاهلها لهم. تشير هدير محمد عطية إلي أن الأطفال الصغار من طلاب المدارس يدفعون أجرة للمعديات ذهاباً وإياباً لمدارسهم ولا توجد مدرسة ثانوية بالجزيرة ويضطر الطلاب للذهاب خارج الجزيرة مما يهدر كثيراً من أوقاتهم ويعيش الأهالي مأساة في الحصول علي أنبوبة بوتاجاز يدفعون جنيهين رسوماً لعبورها بالمعديات فوق سعرها الحقيقي وكذلك جراكن المياه التي يأتون بها من خارج الجزيرة ويدفعون عنها أجرة حيث يستغل أصحاب المعديات الموقف في ظل غض الحكومة الطرف عن معاناة الأهالي. يقول عبدالله جمال "طبيب تحاليل طبية" : مشاكل جزيرة الوراق كثيرة حيث لا يوجد صرف صحي ويتخلص الأهالي من فضلاتهم في نهر النيل مما يؤدي لتلويثه بالإضافة لاختلاط مياه الشرب بمياه المجاري. وهو ما يؤدي لإصابة الأهالي بأمراض خطيرة كالكبد والفشل الكلوي. أما محمد شعبان "موظف" فيري أن أهالي جزيرة الوراق يعيشون خارج الزمن ومعزولون عن العالم الخارجي. ويجلبون جميع مستلزماتهم المعيشية من خارج الجزيرة عن طريق عبارات الموت غير الصالحة للاستخدام التي تسببت في غرق كثير من الأهالي. يؤكد حسين سالم "سائق" أن زوجته توفيت بسبب تأخر نقلها بالمعدية أثناء ولادتها. فلا يوجد أي إسعافات أولية للحالات الطارئة بالجزيرة التي يعيش فيها نحو 80 ألف مواطن دون خدمات صحية. فالمستشفي الموجود بالجزيرة عبارة عن مبني يفتقد أي تجهيزات طبية ويغلق أبوابه منذ الساعة الثانية عشرة ظهراً. يقول الحاج عبدالرحمن علي حسن "تاجر مواد بناء" إن الدولة تكلفت 4 ملايين جنيه لإنشاء مرَسْي معديات. و5.4 مليون لشراء معدية وكان يمكن إنشاء كوبري مشاة بهذا المبلغ لربط الجزيرة بالجهة الأخري. طالب حسن بسرعة إنشاء كوبري المشاة للتخلص من عبارات الموت التي تسببت في وفاة شقيقيه غرقاً بالإضافة لحالات وفيات أخري في حوادث متكررة. يوضح السيد محمود "عامل" أنه كان مخططاً إقامة منزل من الكوبري الدائري للجزيرة. لكن أصحاب المصالح من النظام القديم منعوا إقامته لاجبار المواطنين علي ترك منازلهم تمهيداً للاستيلاء عليها لإقامة مشاريع خاصة بهم. يشير محمد عبدالفتاح إلي أن ما يجري اليوم من اعتصامات هو حرب مصالح وليس تعبيراً عن مطالب المواطنين بالجزيرة الذين يريدون كوبري مشاة لعبور المواطنين وعمل مواسير الصرف الصحي. ويمكن للقطاع الخاص إنشاؤه لو كانت الدولة غير مستعدة لذلك. نظير تحصيل رسوم عبور بتذكرة يومية وليس عن كل مرة كما هو الحال الآن. يؤكد جمعة عبدالشكور عدم وجود مخبز بالجزيرة وأن الخبز يباع بأسعار تتراوح بين 25 و50 قرشاً ويضطر الأهالي للذهاب للوراق لشراء الخبز المدعم ب 5 قروش ومعظمهم علي باب الله لا يستطيعون شراء الرغيف بنصف جنيه. وتساءل عبدالشكور : ألسنا مصريين حتي نأكل الرغيف المدعم مثل سائر المواطنين ..؟! أما نورا محمد "ربة منزل" وهناء السيد فيذهبان إلي أن النساء بالجزيرة يتحملن الصعاب بشكل كبير خصوصاً عند الولادة التي تأتي دون ميعاد ولا يجدن من يسعفهن فيفارقن الحياة لتأخر إسعافهن. وقد فقدت هناء طفلها لتأخر ولادتها مع وجود نزيف وكانت المعدية متوقفة في الجهة الأخري.