تعرضت السياحة في مصر علي مدي العامين الماضيين ومنذ قيام ثورة 25يناير لعدة ضربات متلاحقة أدت إلي تناقص عدد السائحين بصورة كبيرة وخسائر وصلت إلي ثلاثة مليارات دولار سنوياً .. وجاء الحادث الكارثي الذي وقع مؤخراً بمدينة الأقصر والذي راح ضحيته 18 سائحاً من جنسيات مختلفة ليساهم أكثر وأكثر في تراجع السياحة إلي مصر.. ولكن جاءت زيارة وزير السياحة هشام زعزوع إلي العاصمة الإيرانية طهران بهدف جذب السياح الإيرانيين لزيارة مصر .. لتفتح باب الأمل في زيارة أعداد السياح القادمين إلي مصر.. التقينا معتز السيد نقيب المرشدين السياحيين في حوار صريح وشامل حول مستقبل السياحة في مصر. في البداية سألناه حول وضع المرشدين في ظل أزمة السياحة وانخفاض الرحلات بشكل ملحوظ بعد الثورة واستمرار حالة التوتر السياسي بالبلاد وما يصاحبها من إنفلات أمني وأزمات اقتصادية. * قال : الوضع كارثي بل وصل إلي حد المأساة لأنها أصعب فترات تمر بها مهنة الإرشاد والتي يعمل بها أكثر من 16 ألف مرشد إلي جانب ملايين العاملين بالنشاط السياحي عامة انضم منهم حوالي 13 ألف مرشد إلي طابور البطالة .. ورغم ذلك أري أن السياحة يمكن إعادتها بمجرد استتباب الأمن ذلك لما تملكه مصر من مقومات سياحية متفردة وأطالب المتشدقين بمناهضة السياحة أن يعرفوا أن السياحة هي المصدر الأول لتوفير العملة الصعبة وأنها جلبت لمصر 12 مليار دولار في عام 2010 بما يوازي أكثر من ضعف دخل قناة السويس هذا العام وقد طالب بتعديل قانون المرشدين ومناقشته في الدورة البرلمانية القادمة وتوجيه رسالة طمأنه للعالم من الحزب الحاكم ترحب بالسياحة. السياحة الإيرانية * توجه وزير السياحة مؤخراً إلي العاصمة الإيرانية طهران لجذب حوالي 2 مليون سائح إيراني سنوياً لمصر .. كيف تري هذا التوجه. * ما يقال عن السياحة الإيرانية وجذب 2 مليون سائح إيراني أمر مشكوك فيه لأن السياحة الإيرانية لها أجندة معينة رغم أن وزير السياحة أشار إلي أن السياحة الإيرانية لن تدخل القاهرة بل سيتم توافدها إلي 4 مدن مصرية فقط هي الغردقةوالأقصر وأسوان وشرم الشيخ .. وإذا جاءت السياحة الإيرانية ستنعش السياحة ولكن لا أعتقد أن يكون بهذا العدد لأن العدد تم حسابه بالمقارنة بأعداد السياحة الإيرانية لتركيا والتي تصل إلي 2 مليون في السنة ولكن هناك اعتبارات أخري تتمثل قرب المسافة وزيادة خطوط الطيران .. وإذا تم مقارنتها بالسياحة المصرية فإذا تم تسيير طائرتين يومياً. تحمل كل واحدة 500 سائح ففي الشهر سيصل 15 ألف سائح تقريبا وبالتالي نصل إلي رقم 2 مليون سائح سنوياً ولابد أن يتم التعامل مع الأرقام بواقعية ومنطقية كما أننا حتي الآن لا نعرف ذوق السائح الإيراني ولكن المعلوم أنهم يفضلون زيارة آل البيت. رسوم التأشيرة * كيف تري زيادة رسوم التأشيرة إلي 25 دولاراً. * أري أنها زيادة مقبولة ولا تؤثر علي السائح كثيراً ولكنها تؤثر علي شركات السياحة التي تعتبر أن التأشيرة باب رزق لها. فبدل من تقديم تسهيلات لهم .. نفاجئهم بالزيادة في الرسوم. * وما رأيك فيما أشيع عن إيجار منطقة الهرم؟ ** تصريحات البعض من المقربين للقيادة السياسية أرسلت رسالة للآخرين بأنه يمكن تأجير منطقة قناة السويس وبالتالي تجرأ البعض في مثل هذا الطلب وهذه استحالة ونوع من الخيال ورغم الرفض وعدم الموافقة من الجهات الرسمية إلا أننا نقول لهم نفدي تاريخنا وأرضنا بأرواحنا وتأجير جزء من الوطن مرفوض ونتصدي لهم ومثل هذه الإهانات مرفوضة. * كيف تري حال الإرشاد السياحي في هذه الفترة؟! * الحال محزن والوضع سيئ جداً ويعتبر من أسوأ الفترات التي مرت بها مهنة الإرشاد السياحي فقد مررنا بأزمات كبيرة ولكن كانت عابرة وسرعان ما تتعافي السياحة وأشهرها مذبحة الدير البحري في عام 97 والتي قتل فيها 60 سائحاً ورغم ذلك الحادث المأساوي لم تتجاوز شهور وعادت السياحة إلي معدلاتها الطبيعية .. ولكن منذ قيام الثورة والأزمة مستمرة لم تتوقف مظاهرات ومليونيات وقتل وغيرها ورغم أن التظاهر حق مشروع كفلته كل دساتير العالم للتعبير عن الرأي بطريق مشروع إلا أنه لا يقطع طريق أو يعطل مرور. * ماذا عن حجم المشكلة بالأرقام ؟! * * حجم المشكلة طبقاً للأرقام المعلنة من جانب الحكومة طبقاً لآخر الإحصائيات الصادرة من منظمة السياحة العالمية والتابعة للأمم المتحدة أن عدد السياح الذين زاروا مصر في عام 2010 أكثر من 7.14 مليون سائح وأدخلوا 5.12 مليار دولار للخزانة المصرية وهذا يمثل أكثر من ضعف إيراد قناة السويس والذي وصل إلي 5.5 مليار دولار بالإضافة إلي الدخل المباشر للعاملين في المجال والمهن المرتبطة بقطاع السياحة وبقدر عددهم بحوالي 4 ملايين عامل .. وبعد الثورة تناقصت هذه الأرقام بنسبة 35% طبقاً للإحصائيات إلي 9 ملايين سائح ووصل الدخل إلي 8 مليارات دولار فقط ولكن الواقع الملموس يدل علي أن الانخفاض الحقيقي يفوق هذه الأرقام وذلك من خلال علاقتي المباشرة بالفنادق والسياحة العائمة والمناطق الأثرية ويمكن قياس ذلك من خلال أكثر المناطق جذباً للسياحة وهي المتحف المصري ومنطقة الهرم ومعبد الكرنك حيث كان الرواد يصل عددهم إلي أكثر من 10 آلاف سائح يومياً والآن أقل من 3 آلاف في أفضل الظروف إلي جانب أن عدد الفنادق في الأقصر وأسوان والفنادق العائمة بنهر النيل وعددهم 300 فندق عائم تقريباً كانت نسبة الاشغالات في نفس التوقيت من العام 100% نسبة الاشغالات الآن لا تتعدي 50% وهذا يترجم الوضع السياحي الحالي في مصر. أزمة المرشدين * بالنسبة لأثر هذه الظروف علي المرشد السياحي؟! * * يوجد في مصر 16 ألف مرشد سياحي والأمر بالنسبة لهم كارثة ونسبة البطالة وصلت إلي 80% وبعضهم اضطر للبحث عن مهنة أخري لأن الوضع وصل إلي حد المأساة لأن العاملين في شركات السياحة أو الفنادق أو شركات الطيران انخفض دخلهم بنسبة ما ولكن انقطع الدخل تماماً بالنسبة للمرشد لأن القانون ينص علي أن يتقاضي المرشد أجراً نظير عمل يقوم به ولهذا طالبنا بتفعيل القرار الصادر في 2011 من وزير السياحة لتعديل أجر المرشد السياحي إلي 300 جنيه في اليوم الكامل وسمي القرار 209 ولكنه لم يفعل حتي الآن رغم موافقة الوزير الحالي علي بعض المطالب أهمها إلغاء دورة التجديد نهائياً وفيها كان المرشد يلتزم بدخول امتحان كل 5 سنوات كشرط لتجديد الترخيص ذلك دون باقي المهن وذلك طالبنا بالمساواة بالمهن الأخري ولكن من الصعب لأنها نص في قانون 121 لسنة 83 وتحتاج لتشريع جديد ولكنه تم إلزام شركات السياحة والإدارة العامة للإرشاد يأخذ رأي النقابة قبل إصدار تصاريح الترجمة للأجانب حتي يتم تقنين عمل الأجانب لتوفير فرص عمل للمرشدين خاصة متحدثي اللغات النادرة. * ما المطالب التي يتضمنها قانون الإرشاد السياحي؟! * * أهم المواد التي يجب تغييرها في القانون الجديد نص المادة 121 لسنة 83 ليضمن الاستقلال التام لنقابة المرشدين السياحيين ويلغي الأزدواجية في استخراج الترخيص حيث إنه لابد أن يحمل المرشد رخصة من وزارة السياحة ورخصة من النقابة وطبقاً للقانون لا يمكن مزاولة المهنة بإحدهما فقط بالإضافة إلي أن القانون ينص علي تحديد أجر المرشد دون الرجوع للنقابة .. ونقترح في التعديلات أن يتم تحديد أجر المرشدين من خلال لجنة رباعية مكونة من السياحة والنقابة والمجلس الأعلي للأجور والشركات وهي المعني الأول بهذا الأمر ويكون قرار اللجنة ملزماً للجميع بالإضافة إلي تعديل نسبة النصاب القانوني لاكتمال الجمعية العمومية طبقاً للقانون الحالي يشترط حضور 50% من المسددين للسنة الماضية و25% للانعقاد في المرة الثانية وهذه النسبة كبيرة جداً ولذلك لم تكتمل الجمعية العمومية ولو مرة واحدة ونقترح أن تكون النسبة 10% فقط في المرة الثانية أو ألف مرشد فقط أيهما أقل.* وماذا عن الوضع السياحي بعد وصول الإخوان للحكم؟! * * بعد اعتلاء الإخوان السلطة وظهور بعض التصريحات المعادية للسياحة أعطت رسالة لمصدري السياحة بالتخوف الشديد بسبب التصريحات غير المسئولة التي تخرج من حين لآخر ومن هذه التصريحات تغطية التماثيل بالشموع وتحطيم أبوالهول وإعداد شواطئ للرجال وأخري للنساء والتعليق علي ملابس ومشروبات وأطعمة السائحين وغيرها خاصة بعد صدور الدستور الجديد الذي لم يتضمن أي مادة تنص علي أهمية السياحة وتدعيمها وإلتزام الدولة بتنمية وحماية هذا القطاع الاقتصادي الهام ووضع النصوص التي تكفل حرية السائح في الحركة والانتقال والمأكل والملعب وهذه كانت بمثابة رسالة طمأنة للعالم للسائح ومصدري السياحة وبعد صدور الدستور أتمني أن تكون هناك رؤية واضحة لقطاع السياحة في المستقبل لا تقبل اللبس تصل للعالم ورغم مجهودات د. هشام زعزوع وزير السياحة إلا أنه يعمل منفرداً لعودة الحركة السياحية لما كانت عليه قبل الثورة ولكن لا تؤتي ثمارها في ظل غياب الأمن في الشارع المصري وكثرة المظاهرات وغلق الميادين وقطع الطرق والسكة الحديد وبما أن مصر في بؤرة اهتمام العالم فالنظر موجه إليها من خلال الإعلام المفتوح ونقل الأحداث علي الهواء. * ما أنواع السياحة التي يمكن تنشيطها بسرعة؟! * * مصر تتمتع بالكثير من أنواع السياحة منها السياحة الثقافية والشواطئ والغوص والأنشطة البحرية التي تنفرد بها مصر عن أكثر الدول ثراء سياحياً بالإضافة إلي الشعاب المرجانية والرمال الساحرة .. وبالتالي يمكن الترويح السريع للسياحة الشاطئية الموجودة بالفعل التي ينقصها السائح بالإضافة إلي السياحة الثقافية بما فيها المعابد والكنائس بالإضافة إلي أن السياحة الداخلية قد تكون البديل والمنقذ لقطاع السياحة لتخفيف حدة العثرة فهي لا تغني عن السياحة الخارجية لأنها عبارة عن دوران رأس المال داخل الوطن ولا تساهم في جلب العملة الصعبة إلا أنها بديل مؤقت فيمكن للقادرين السفر إلي الأقصر وأسوان والغردقة بالإضافة إلي أن هناك رسالة لأصحاب المنشآت السياحية تحتوي علي ضرورة تخفيض الأسعار للمصريين بالاشتراك مع الحكومة لإيجاد آلية للتخفيض والتقسيط لعمل رحلات للمصريين للتعرف علي وطنهم وذلك بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني والنقابات والنوادي والأحزاب وغيرها لتنظيم رحلات علي مدار العام هذا يعمل الشعور بالانتماء وتعلي من قيمة الوطن وتقرب العادات والتقاليد بين أبناء الأقاليم ويعود علي أصحاب المنشآت السياحية بهامش ربح بسيط أفضل من حالة الركود والتوقف التام. * ما توقعاتك لمستقبل السياحة؟! * * لو أردنا إيجاد فرص عمل للشباب يجب معرفة أن كل مليون سائح قادم إلي مصر يوفر 200 ألف فرصة عمل ولهذا يجب السعي إلي زيادة عدد السائحين القادمين إلي مصر بمقدار 5 ملايين سائح لتوفير مليون فرصة عمل وهذا ليس ببعيد لما تملكه مصر من مقومات هائلة وكل هذا مرهون بالاستقرار والأمن ولو تحقق لعدات السياحة خلال عامين ويصعب التكهن بالوضع مستقبلا نظراً لصعوبة التكهن بالوضع السياسي .. ونتمني أن تمر الانتخابات البرلمانية القادمة بسلام حيث يعتبرها كثير من المراقبين أنها من أهم الأحداث التي ننتظرها العام في 2013 لمصر وأتوقع أن يكون هذا العام أفضل من العامين السابقين.