المواطن المصري أصابه الرهق والعنت ولم يعد لديه القدرة علي تحمل المزيد من ضيق العيش بعد أن أصبح ضحية لصراع السلطة مع المعارضة.. وقد آن الأوان أن تضع هذه الحرب أوزارها ويقترب الطرفان كل منهما من الآخر. نطالب مؤسسة الرئاسة أن تخطو خطوة باتجاه المعارضة بكل أطيافها وليس جبهة الإنقاذ فقط. ونطالب كل رموز المعارضة وليس جبهة الإنقاذ وحدها أن تخطو نفس الخطوة باتجاه الرئاسة.. لابد من جلوس الطرفين علي مائدة واحدة مستديرة لبحث إنهاء هذا التوتر وإعلاء مصلحة مصر علي المصالح الخاصة. الناس ضاقوا من هذه الفرقة التي تتسع يوماً بعد يوم.. لأنهم هم الضحية وهم المضارون من هذا الخلاف.. الناس يريدون أن يعيش الجميع في وئام.. نختلف باحترام من أجل مصلحة مصر لا من أجل أهداف خاصة. وللحقيقة لابد أن نقول كلمة حق وهي أن مؤسسة الرئاسة أبدت نيات حسنة ودعت إلي حوار للاتفاق علي نقاط الخلاف خاصة فيما يتعلق بالدستور. لكن المعارضة وضعت شروطا مسبقة.. والرئاسة رئاسة لابد أن نعترف بذلك. ولن تقبل هذه الشروط قبل الجلوس وجهاً لوجه.. لكنها يمكن أن تلبي هذه الشروط إذا جلس الجميع وأبدوا روح التعاون من أجل إنقاذ مصر. نقرأ الآن وكل يوم عناوين الصحف فنصاب باكتئاب ويتملكنا اليأس.. مسيرات حاشدة إلي الميادين في القاهرة والمحافظات.. والجماهير ترفع صور الشهداء وأرغفة الخبز.. ومظاهرات غاضبة في التحرير والاتحادية.. وبورسعيد تطالب بالقصاص.. وجمعة الكرامة والرحيل تطالب بسقوط النظام.. أمن مركزي لتأمين مقري إقامة البرادعي وحمدين صباحي.. والبلاك بلوك يحملون الأكفان!! عناوين كلها تضعنا في مستنقع اليأس والإحباط.. فأي نظام ذلك الذي يريدون إسقاطه؟! لنكن جميعاً عقلاء ونعرف أن الشرعية هي الأساس ولن يسقط حكم بمظاهرات تخرج هنا أو هناك ما دام قائماً وموجوداً بشرعية الانتخاب. إذن.. علينا أن نعترف بالأمر الواقع. ولا نشتط في مطالبنا.. علينا أن نتحاور بصراحة ووضوح.. ونضع مطالبنا علي طاولة المفاوضات.. فإن اتفقنا فبها ونعمت. وإن لم نتفق نخرج إلي الجماهير ونقول عرضنا كذا وكذا ولم يتم الاستجابة لمطالبنا ثم نترك الحكم لهذه الجماهير. الأجواء الحالية بصراحة مسمومة.. وكلما تحدثنا مع بعض الناس نجدهم يتساءلون: متي تنتهي هذه الصدامات والصراعات؟! نحن نعيش أزمة اقتصادية.. وقبل ذلك نعيش أزمة أخلاقية.. والناس فقدوا الأمل في عودة الهدوء الذي هو الأساس للخروج من هذه الأزمات.. الناس يريدون أن يعيشوا.. يريدون أن يشعروا بالأمان ويمارسوا حياتهم الطبيعية. لقد استغل بعض شواذ التفكير هذا المناخ غير المواتي وأطلقوا تصريحات وفتاوي تثير نيران الفتنة.. فتاوي بالقتل.. وفتاوي بالتحرش.. ومحامون يرفعون قضايا لا معني لها.. ومحاولات لإثارة القضاة مرة أخري بعد أن هدأت الأوضاع. نريد أن نخمد نيران هذه الفتن التي توشك أن تحرق البلاد.. ولن يتم ذلك إلا بالاقتراب من بعضنا البعض.. ونتفق علي كلمة سواء.