بعد أن تكررت محاولات الانتحار من عدد من المواطنين. كنوع من الاحتجاج علي عدم تلبية بعض طلباتهم أو تجاهل تظلماتهم أو تعنت بعض المسئولين في التعامل معهم صدرت عدة فتاوي تؤكد أن الدين الإسلامي يحرم هذا التصرف.. وأن المنتحر كافر.. وجزاؤه جهنم. وكنت قد سبقت وكتبت في هذا المكان بالأمس أننا شعب متدين نؤمن بتكريم الله لبني آدم ولا يصح لمن كرمه الله وأعطاه الحياة أن يفرط في حياته يأساً بطريقة لا يرضاها الخالق وهي قتل النفس. طالبت في المقال باتباع الطرق المشروعة في التظلم برفع الشكاوي للمسئولين مباشرة أو إرسالها لأجهزة الإعلام وإذا لم يستجب المسئولون فلتكن الشكوي إلي الله والدعاء علي الظالم وهذا أضعف الإيمان. وقد علق الإعلامي الشاب اللامع جابر القرموطي في برنامجه الشهير "مانشيت" علي المقال ووجه لي سؤالاً مضمونه ماذا يفعل صاحب المظلمة إذا قدم شكواه إلي المسئول أو إلي أجهزة الإعلام ولم يتم الاستجابة لشكواه؟! والحقيقة أن جابر فاجأني.. وجلست أفكر وأتساءل في نفسي: فعلاً ماذا يفعل المواطن المظلوم إذا تم تجاهل شكواه؟! هل يقدم علي الانتحار؟! وقلت: لا.. فالانتحار حرام.. والنتيجة أن المنتحر لن تلبي شكواه بعد موته ويخسر حياته في نفس الوقت.. إذن ماذا يفعل؟! وعندما عجزت عن الاجابة قررت أن أطرح هذا السؤال الذي وجهه جابر القرموطي لي علي الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء. ماذا يفعل المواطن المظلوم يا دكتور نظيف إذا لم يستجب المسئول لطلبه؟! وارجو أن يدعمني جابر في توجيه نفس السؤال لرئيس الوزراء. المشكلة لا تتعلق بالشكاوي أو المطالب الفردية فقط.. بل المشكلة تتعلق بمطالب وحقوق جماعية لفئات معينة في المجتمع.. بل الأدهي من ذلك أن هناك قرارات استفزازية تصدر من بعض المسئولين تمس مصالح هذه الفئات فتدخل اليأس إلي نفوسهم. الحكومة يا دكتور نظيف تستطيع بشيء من الجدية والصراحة أن تتحاور مع فئات المجتمع ذات المطالب المحددة. وأن تقول لهم هذا ممكن وهذا غير ممكن ولماذا؟! الحكومة يجب أن تصدر تعليمات صريحة لكل المسئولين علي مختلف مستوياتهم بضرورة بحث مشاكل الأفراد والجماعات بكل الجدية وأن تحاسب كل مسئول يتعنت مع المواطنين أو العاملين وتبعده عن المسئولية إذا لم يقم بواجبه. عندئذ سوف تنحسر حالات الاحتقان ولا يتكرر منظر الانتحار حرقاً أو غرقاً في الأماكن العامة.