قدم "مخيم الابداع" رؤية نقدية في ديوان "الدليل" للشاعر سالم الشهباني. هذا الشاعر الشاب الذي قال عنه مدحت صفوت في تقديمه له إنه استطاع ان يحفر اسمه في شعر العامية بقدرته علي جذب قلوب البسطاء. ووصف ديوان الشهباني بأنه "ديوان للغلابة" لأنه استطاع ان يخاطب الفئة البسيطة من الشعب وذلك باستخدامه الألفاظ السلسة ولم يعتمد علي أي لفظ معقد ومبهم يصعب فهمه. كما أنه ركن إلي الموروث في الحكي وتمكن من توظيفه في صور لا تخل بمعناه المعروف لدي الناس. فضلا عن انه لجأ إلي الرموز المجتمعية التي درج الناس عليها في اسلوب مبسط وغير متناقض مع ما هو متعارف عليه من قصص هؤلاء المشاهير. قال الناقد مصطفي سليم ان هذا الديوان هو ثمرة من ثمرات الشهباني. ويمكن ان نقول انه تجربة ممنهجة. انشطرت فيه الموهبة بين الطفولة والوطن. ففيه يرصد مرحلة الطفولة بحس حذر وبخبرته الشعرية الذاتية التأملية. فقد استعان بالألعاب الشعبية التي كانت قد اختفت من حياتنا المصرية مثل "القطة العامية". وبعد ذلك انعطف انعطافا مغايرا عندما تحدث عن الثورة المصرية بعشق. فأوضح ان هناك علاقة حب بين شعب يعشق ووطن يتمنع وبين سليم ان الشهباني اتخذ في قصيدة الملح والبحر مسارا صوفيا حيث تحدث فيها عن أهمية وجود الانسان في الأرض. وعلاقته بالخالق العظيم. وضرورة تفاؤله في الحياة حتي يستطيع التعايش معها. كما انه استطاع ان يوظف العديد من أساطير الأمم في ديوانه. فضلا عن انه قام باستدعاء الزمن في الكثير من قصائده. فقد تحدث عن الموروث البدوي الذي يتعامل مع الشعر علي أنه الحياة عندما يفرح يفرح بالشعر وعند حزنه يحزن أيضا بالشعر. أما الناقد عمر شهريار فقد لفت نظره من الوهلة الأولي عنوان الديوان وهذا دفعه لأن يقرأه حوالي أربع مرات في اليوم الواحد "علي حد قوله" وقال: "قد يكون عنوان الديوان "الدليل" واضح بأنه عنوان لاحدي القصائد التي يحتويها. إلا أنني قمت بعملية ربط بين فكرة الدليل وفكرة الصديق التي تسيطر علي أغلب قصائد الديوان.. صديق انهزم من العدم.. صديق معه في مشوار البحث عن الوجود في الوطن كله. وهذا نمط ليس بمستحدث وإنما هو من قديم الزمان في الشعر العربي وان كان بأشكال مختلفة. وهذا الصديق قد يكون الذات ويتخذان معا من الثورة المصرية نبراسا يهتديان إليه". يري شهريار ان الديوان يمكن ان نعتبره قصيدة واحدة لا تنطلق من الثورة بل إنها متسلسلة بتسلسل الأحداث فقد بدأه الشهباني بداية مختلفة تماما كأنه يحكي الأمر منذ بداية الخليقة. ويتحدث عن ماض غير مفهوم أو معروف للجميع. وهنا يعتبر حالة التاريخ هذه تبدأ من لحظة الانهزام التي تظهر في مؤلفه. اعتبر شهريار الصحراء التي ذكرها الشهباني في احدي قصائده هي صحراء الذات. وليست بالضرورة ان تكون صحراء الوجود. ورأي ان الجماليات في الديوان كثيرة أهمها قدرة الشاعر علي التوظيف التراثي فقد ضمن نصوصه الشعرية ببعض الاقتباسات من النصوص القرآنية والقصص القرآني. وكذلك بعض أغاني التراث. وهذا كله أعطي الديوان شكلا جمالياً مميزا. وأكثر ما جذبني في الديوان ما ختمه به حيث قال: "بكرة من صلب الغلابة تأتي مصر".