بعيداً عن النتائج التي أعلنها الزعماء العرب في مؤتمرهم الاقتصادي الذي عقد مؤخراً بالرياض. فإن المشكلات الاجتماعية في الوطن العربي تكاد تكون واحدة. لا فارق بين دولة غنية ودولة تكتفي بالوقوف عند حد الفقر: افتقاد النظرة الاستراتيجية. عدم وجود خطة شاملة. حقيقية. للتنمية. الإفراط في الإنجاب. قلة الإنتاج. تفشي البطالة السافرة والمقنعة. غلبة الاستهلاك علي الإنتاج. انتشار الأمية. تفاقم أمراض الفساد والانحراف كالرشوة والمحسوبية والوساطة والانتهازية إلخ. أما الظاهرة الأخطر. فهي أن العرب يودعون الجزء الأكبر من أموالهم في البنوك التجارية الأمريكية. والولايات المتحدة. سواء القطاع الحكومي أو القطاع الخاص. تخص إسرائيل بأكبر معونات تحصل عليها دولة أجنبية. فيتحول المال العربي من ثم إلي تنمية للكيان الصهيوني. وإلي أسلحة تستخدم ضد العرب. معادلة غريبة كما تري.. لكنها صحيحة أيضا! لكي تتقدم المجتمعات. فلابد أن تتغير. إن تقدم. أو تخلف. مجتمع ما. أشبه بالأواني المستطرقة. فما يتحقق بالسلب أو بالإيجاب في مجال. يتحقق بالضرورة في بقية المجالات. الأمية مرض متوطن يجب القضاء عليه مثلما نحاول القضاء علي الأمراض المتوطنة الأخري كالبهارسيا والإنكلستوما وغيرها. ومن الصعب ولعله من المستحيل غرس التكنولوجيا في تربة تعاني غياب الحرية والديمقراطية والأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية السيئة. لا أكون مغالياً لو قلت إن أحد شروط التقدم لن يتحقق بمجرد إيقاف نزف العقول. وإنما باستعادة تلك العقول من خلال توفير المناخ الملائم للبحث والإبداع. وهو مناخ ينبغي أن يشمل كل الظروف العلمية والمادية والاجتماعية والنفسية وغيرها. أشير إلي ملاحظة أستاذنا حسين فوزي بأنه ليس بالإمكان ازدهار الأدب في عصر ما هذا مجرد مثل دون أن يكون هذا الازدهار أثراً من آثار نهضة تتناول كافة نواحي النشاط الإنساني. العالم العربي عملاق يجهل مدي قوته. الثروات التي تزخر بها أراضيه تجعله في العالم المتقدم. وإن استلزم ذلك أن يفيد من ثرواته. ويوازن بين الإنتاج والاستهلاك. وينبذ القبلية. ويؤمن بحتمية الوحدة. وبالديمقراطية. وباحترام الرأي المخالف. وبالرؤية المستقبلية. تقدم العلم هو الهدف الأهم للمجتمعات الغربية. وهو ما يجب أن يكون هدفاً في الوطن العربي. متلازماً مع أهداف التحرر والعدالة والاجتماعية.