من قبيل المصادفة الطيبة والفأل الحسن أن نحتفل في يومين متتاليين بمولد النبي صلي الله عليه وسلم وبالذكري الثانية لثورتنا المجيدة التي كانت مضرباً للأمثال ونموذجاً يحتذي قبل أن تضل الطريق ويسطو عليها أصحاب الأغراض والمصالح. إن تعانق المناسبتين بهذه الصورة بمثابة رسالة من السماء لعلنا نتوقف أمام سيرة الحبيب بالقراءة والفهم الصحيح لنستلهم منها ما يعيننا علي تجاوز ذلك المشهد المشوش شديد التعقيد ونخرج من عنق الزجاجة التي حشرنا فيها أنفسنا. سماء الجزيرة العربية كانت له ملبدة بالغيوم. والظلام الدامس يخيم علي كل شيء.. أجواء الحروب والصراعات القبلية هي المسيطرة دون أسباب منطقية في كثير من الأحيان. القوي كانت له الغلبة ولا عزاء للفقراء والضعفاء. حتي بعث الله رجلاً هو أشرف من سكن البسيطة نسباً وأفضلهم مقاماً وطهارة ونقاء ليخرج الناس من عبادة العباد إلي عبادة رب العباد ومن ضيق الدنيا إلي سعة الدنيا والآخرة ومن جور الأديان إلي عدل الإسلام. لقد فتح النبي قلوباً غلفي وآذاناً صمي. فآخي بين أعداء الأمس ليصبح الأوس والخزرج والمهاجرون والأنصار بنعمة الله إخواناً. قبل أن يعقد معاهدة مع اليهود ويضع وثيقة المدينة التي تعد أول دستور حقيقي تعرفه البشرية يقر مفهوم المواطنة ويقوم علي العدالة والمساواة في الحقوق والواجبات دون اعتبار لدين أو جنس أو لون. يصف المفكر الفرنسي "دي لامارتين" النبي بأنه الفيلسوف. المحارب. الخطيب. المشرع. قاهر الأهواء.. ويتساءل: بالنظر إلي كل مقاييس العظمة البشرية. هل هناك من هو أعظم منه؟ ويقول الكاتب الأمريكي "ول ديورانت" مؤلف موسوعة "قصة الحضارة": إذا حكمنا علي العظمة بما كان للعظيم من أثر في الناس قلنا إن النبي محمد هو أعظم عظماء التاريخ. ويري الفيلسوف الانجليزي الشهير "برنارد شو" أن العالم كان في أمس الحاجة إلي رجل مثله من أجل تحقيق السلام والسعادة لكل البشر. إذا كان ميلاد الرسول خطاً فاصلاً بين ظلام الجاهلية ونور الإسلام ومرحلة فارقة في تاريخ البشرية. فهل تكون ذكري ميلاده التي نحتفل بها بعد غد الخميس فرصة لوقفة مع النفس نراجع فيها أنفسنا قبل احتفالات اليوم التالي بذكري الثورة التي يتخوف الكثيرون من خروجها عن السيطرة في ظل الشحن المستمر من هواة إشعال الفتن؟ وهل نتعلم درساً مهماً علمه النبي صلي الله عليه وسلم لأصحابه وللأمة كلها من بعده أن المسلم ليس بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء؟!! تغريدة: * نصيحة إلي المسئولين بالسكة الحديد ووزارة النقل.. أرجوكم راجعوا تصريحاتكم وتصريحات من سبقوكم قبل أي أحاديث رنانة. حتي لا يكون كلامكم مكرراً ويصيب الناس بمزيد من الإحباط وخيبة الأمل. * تذكرني حكاية الحمامة التي في ساقها ميكروفيلم بأفلام الأبيض والأسود ومسلسلات الجاسوسية القديمة. فهل هناك من يتسلي بنا أو يصرف نظرنا عن أمر آخر ؟ كل شيء ممكن!!