عندما يخرج المرء من دائرة الضوء تخفت عنه الأضواء ونادرا ما نسمع عن أنشطة لمسئول سياسي سابق خصوصا في الغرب بعد خروجه من منصبه بقدر ما كنا نسمع عنه خلال فترة ولايته. لكن لهذه القاعدة بالطبع استثناءات علي رأسها رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير فالبرغم من مرور أكثر من خمس سنوات علي ترك منصبه. فإنه مازال بطل الشائعات التي تتداولها معظم وسائل الإعلام. تارة بسبب انحيازه التام لإسرائيل منذ توليه منصب مبعوث الرباعية الدولية في الشرق الأوسط عام 2008 وتارة أخري بسبب استغلاله لهذا المنصب لإدارة لعبته المالية أو الباب الدوار كما أطلقته عليه معظم الصحف واستطاعته تكوين ثروة طائلة تتراوح ما بين 20 و50 مليون جنيه استرليني من خلال تقديم خدمات سياسية لحكام عرب. من أبرزهم الزعيم الراحل معمر القذافي. وتارة أخري بسبب علاقة صداقة تربطه برئيس جمهورية رواندا بول كاجامي المتهم في العديد من جرائم الإبادة وانتهاكات حقوق الإنسان. والأكيد ان بلير لا يضاهي بين رؤساء وزراء بريطانيا في كسب الملايين بعد خروجه من السلطة عام 2007 فبجانب مهامه في الأعمال الخيرية وكمبعوث للشرق الأوسط فهو يعمل استشاريا لبنك جيه بي مورجان الاستثماري الأمريكي ولشركة التأمين السويسرية بزيورخ براتب سنوي 3 ملايين جنيه استرليني. إلا ان القدر الأكبر من ثروته يأتي من الاستشارات التي تقدمها شركته لحكومات في الخارج. ويعمل مكتب توني بلير عبر شبكة معقدة من الشركات المساهمة وذات المسئولية المحدودة والمغلقة. الأمر الذي يجعل تعقب مصادر ملايينه في غاية الصعوبة. وأخيرا كشفت صحيفة الديلي ميل البريطانية في سياق تقرير مطول لها عن ثروة توني بلير. ان احدي مؤسساته استطاعت أن تضاعف أرباحها ثلاث مرات خلال العام 2012. ونقلت الصحيفة عن تقارير حسابية ارتفاع أرباح مؤسسة "ويندرش فينشرز" من 1.1 مليون جنيه استرليني خلال عام 2011 إلي 6.3 مليون جنيه استرليني خلال العام 2012 واعتبرت الصحيفة ان هذه الأرقام ربما تكون بمثابة مقدمة للكشف عن امبراطورية توني بلير التجارية الضخمة التي يديرها في الخفاء. ولا يكشف عن مكاسبه وأرباحه التي يتحصل عليها سواء من أنشطته وخدماته الاستشارية للحكومات الأجنبية. أو من "رابطة توني بلير للاستشارات التجارية". وخلال العام الماضي. كشفت صحيفة "فايننشيال تايمز" البريطانية ان توني بلير يجني مبلغا يمكن أن يصل إلي 350 ألف جنيه استرليني مقابل القاء خطبة ومبلغ 5.2 مليون جنيه استرليني سنويا من بنك "جي بي مورجان" الاستثماري الأمريكي مقابل تقديم خدمات استشارية ووفقا للديلي ميل فإنه من المتوقع أن يثير حجم دخل الزعيم العمالي السابق موجة من الانتقادات الجديدة بشأن أسلوبه في كسب المال. منذ أن ترك منصبه كرئيس للوزراء في بريطانيا بالرغم من اصراره علي انه يدفع بالكامل ضريبة الدخل البريطانية المستحقة علي كل مكاسبه. وتعتبر حكومة كازاخستان واحدة من زبائن بلير. حيث يقوم فريق العاملين معه بتقديم خدمات استشارية بشأن ما يسمي بالنمو الاقتصادي الأخضر الذي يعتمد علي استغلال الموارد الطبيعية وكيفية إجراء الإصلاحات المنضبطة كما يحصل بلير علي مبلغ 8 ملايين جنيه استرليني سنويا مقابل تقديم خدماته الاستشارية للرئيس نور سلطان نازارباييف الذي يرأس كازاخستان. وهي الصفقة التي تعرضت لانتقادات واسعة من جانب جماعات المعارضة هناك فقد أمر الرئيس الكازاخستاني بإغلاق صحيفة "ريسبوبليكا" المعارضة بعد أن اتهمت بلير بتحسين صورة الرئيس وتبرئته وتبييض سجله من انتهاكات حقوق الإنسان كما تشير "ديلي ميل" إلي أن بلير كان قد قدم نصائحه إلي الحكومة الكويتية بشأن أساليب الحكم الجيدة كما اسهم في تقديم تقرير بشأن رؤية الكويت عام 2035 يستعرض من خلاله القضايا والتحديات الرئيسية التي تواجه الكويت.