تسارعت وتيرة المعارك في سوريا. وأصبحت الجماعات المقاتلة هناك أكثر فعالية. وما يثير المخاوف أن العديد من هذه الجماعات المسلحة لا يعنيها في كثير من الأمر معارضة نظام الأسد. كما أن ولاءها لأي كيان قيادي. ومن بينها الائتلاف الوطني السوري الذي جري تشكيله مؤخرا أمر مشكوك فيه. وبهذه المعطيات. رأت صحيفة "وورلد تريبيون" الأمريكية أن المشهد في سوريا لايبشر بانتقال سلس للسلطة. متوقعة أستمرار القتال هناك حتي بعد سقوط نظام الأسد.. ولا تستبعد الصحيفة انتقال الصراع لمناطق جديدة علي غرار السيناريو الليبي عقب سقوط نظام معمر القذافي. حيث نزحت مجموعات "الطوارق" الليبية القتالية إثر سقوط نظام القذافي الي الجنوب الافريقي حيث فرضوا حصارا علي أجزاء من شمال مالي. وعلي غرار ما حدث في ليبيا. من المرجح أن تحمل حماسة النصر الجماعات القتالية المنخرطة في الحرب الأهلية السورية علي النزوح الي ساحات قتال جديدة يواصلون فيها القتال إما لأسباب أيديولوجية أو مالية.. وقد تزايدت بوضوح الحماسة الدينية لتلك الجماعات مع استمرار القتال وارتكاب الفضائح. فقد وردت تقارير عن وجود ما يسمي بالمتطوعين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة السورية. وفي حال النصر علي الأسد. قد تغير تلك الجماعات القتالية وجهتها شطر مقاصد جديدة. وقد تكون لبنان. والعراق مواقع جذب لهم. فالشيعة اللبنانيون يدعمون الأسد سياسيا. وذلك الي جانب دعمه عسكريا عبر عدد صغير من مقاتلي "حزب الله" الشيعي ممن يقاتلون جنبا الي جنب مع قواته هذا من ناحية. وعلي الجانب الآخر تجد "السنة" اللبنانيين يهربون أسلحة إلي أبناء مذهبهم من مقاتلي الثوار. وتري "وورلد تريبيون" أن الاقتتال الطائفي انتقل بالفعل الي لبنان رغم انحسار موجته في الوقت الراهن. وتشير الصحيفة الامريكية إلي أن دول الخليج ذات الأغلبية السنية قد تري في سقوط الأسد فرصة للتصدي للهلال الشيعي الممتد من إيران إلي لبنان. غير أن العقبة الكنود في سبيل هذا التصدي تتمثل في "حزب الله" صاحب القاعدة الشعبية العريضة والقوة العسكرية التي يصعب تجاهلها. ورجحت الصحيفة أن يكون العراق مسرحا للعمليات في المستقبل.. فالاقتتال الطائفي اندفع في البلاد منذ أن ازاحت الولاياتالمتحدة السنة عن المناصب القيادية التي ظلوا يتمتعون بها منذ حصول العراق علي الاستقلال بعد الحرب العالمية الأولي. وفي الوقت الذي يشن فيه السنة العراقيون حملة شعواء ضد الحكومة الشيعية في بغداد. ينخرط بعضهم في الحرب السورية الدائرة. وقد يعودون الي بلادهم لمواصلة القتال بعد سقوط الأسد. وإقامة اقليم سني ذاتي الحكم من المرجح أن تكون هدف السنة العائدين من سوريا الي العراق. وخاصة بعد أن عززوا مهاراتهم القتالية.. وقد يكون طموحهم أعلي سقفا من ذلك ويتطلعون لتأسيس دولة سنية مستقلة ترتبط أواصرها مع دولة سوريا التي من المتوقع أن تكون ذات أغلبية سنية بعد سقوط الأسد. وبالطبع مع دول الخليج ذات الأغلبية السنية. لكن أخطر ما تمخضت عنه الحرب في سوريا هو أن تلك الحرب أصبحت بمثابة مستودع مليء بقدامي المحاربين ممن كرسوا حياتهم للقتال والجهاد ومن هؤلاء من هم مستعدون دائما لحمل السلاح والتوجه الي أي ساحة من ساحات العالم الاسلامي. فقد عاد المجاهدون العرب إلي أوطانهم بعد تحقيق النصر في أفغانستان قبل ثلاثين عاما لينقلبوا الي معاداة من كان يدفع لهم من قبل.