لم يساورني الشك لحظة واحدة في شعبنا المصري الذي يسير إلي الأمام ولا ينظر إلي الخلف إنه سوف يقول نعم للدستور.. تابعت بكل دقة ما يدور في الشارع وبين أروقة المكاتب وفي وسائل المواصلات والمقاهي والفضائيات.. لفت نظري شيء غريب وهو أن المعارضة تخاطب بعضها البعض ولا تلتفت إلي الشارع وكأنها منفضلة تماما عن الواقع.. شغلوا أنفسهم بفريق واحد وهو الإخوان المسلمون وإذا افترضنا جدلا أن الإخوان المسلمون يمثلون 20 مليونا ولهم تنظيم جيد فأين ال70 مليونا الآخرين المعارضة شغلت نفسها بهؤلاء ولم تشغل بالها بالباقي فتركت الفئة الأكثر تنظيما وإقناعا وفكرا ونفذت إلي العقول قبل القلوب ووحدت خطابها ولم تتجاوز وأقامت الحجة وانتصرت والخطاب الديني ليس هو الأساس في المنظاهرات السياسية لكن لغة الإقناع والصدق هي التي غلبت والسؤال الذي يطرح نفسه ماذا يريد الشعب من المعارضة؟! يريد التقرب منه ولمس أمانيه وآلامه يريد أن يساعده في الحصول علي لقمة عيشه ويأخذ بيده إلي الطريق السليم.. خسارة المعارضة هي بعدها عن الفئة البسيطة المهمشة والاصطفاف في لغة مقعرة لا يفهمها الشارع ولا يهتم بها كلامهم موجه إلي فئة محدودة ومحددة وهي طبقة الأثرياء والنخبة والمبعدين سياسيا والذين تعدوا أدوارهم في النظام السابق.. لكنهم تركوا الفئة الغالبة من أبناء الوطن وهم الفقراء وذوو الاحتياجات الضرورية المعارضة اختصرت نفسها في 20 كيلو مترا ما بين ميدان التحرير وقصر الاتحادية بمصر الجديدة عطلوا مصالح الناس والعباد حتي كفر بفكرهم ولو فيه شيء من الصواب انتهت المعارضة تماما بالأفكار التي تقدمها وإذا لم تغير من نفسها فعليها السلام وإذا لم تتغير لغة الخطاب فسوف يكتسح الإسلام السياسي لمدة لا تقل عن 40 عاما علي الأقل.. لأنهم هم الذين تواجدوا قبل الثورة بأكثر من 70 عاما يقدمون منشآت خيرية من مستشفيات ووحدات تتعاطف معهم الفقراء ولبوا دعوتهم في كل مكان هم مقبلون عليه المعارضة تقدم حلولا برجوازية لا يفهمها الشارع إذا أرادت أن تكون عليها أن تبدأ اليوم في بناء المستشفيات وإيجاد فرص عمل للشباب والتواجد في الأماكن الأكثر فقرا وتقديم حلول عملية بالأموال وهم قادرون.. ونصيحة أسديها الثورة ليست قفزة علي الحكم أو شعارا في ميدان الثورة عمل في الواقع وبناء يشعر به المواطن.. الثورة ليست مليونيات وحرب شوارع.. الثورة استقرار بعد عناء وبناء بعد تقصير هكذا أفهم معناها ليست إضرابا أو تعطيل إنتاج أو قطاع طريق أو تخويف الآمنين الثورة صفاء النفس والبعد عن الحقد وزوال نعمة الغير.. إذا كنتم صادقي النية مع الشعب الذي ساند وحملكم فوق الأعناق ضعوا أيديكم في أيدي الرئيس المنتخب الشرعي أنتم والشعب وادعوا للبناء ولا تتحاوروا مع الشارع بلغة الأصم المتغابي عن الواقع.. الأصم الذي يسمع صوته فقط ولا يسمع صوت الآخرين والمتغابي الذي يعرف الحقيقة وينصرف عنها.. الشارع والغلابة والمقهورين.. يريدون الاستقرار اسمعوا أصواتهم إنها تئن من الغلاء والحاجة فإن لم تسمعوها فسوف ينقلبون عليكم وهذه شهادة لله أسديها إليكم.