الله يرحمك يا عم عزيز.. هذا الدعاء ينطق به لساني عندما يحدث مكروه للمسيحيين برغم انه رحل عن دنيانا منذ سنوات.. فعم عزيز رحمه الله رجل مسيحي جميل ضرب المثل في الأخلاق العالية وشهامة المصريين. عرفته علي مدي أكثر من 20 عاما عندما كنا نسكن في جزيرة بدران بحارة إبراهيم مسعود.. لم يحدث يوما أن اختلفنا معه في يوم من الأيام وكان يحرص دائما هو وأبناؤه سامي ونبيل ورءوف وشريف وسيسيل وسناء ووالدتهم رحمها الله علي مشاركتنا نحن المسلمين في احتفالنا بشهر رمضان فكانوا يجهزون لنا "البلح" كي نفطر عليه والمياه المثلجة ويرسلون لنا الكنافة والقطايف وغير ذلك من لوازم رمضان.. وفي الأعياد كانوا يهنئوننا ونحن أيضاً كنا نبادلهم احتفالاتهم ولم يقصر أي منا في حضور مناسبات الآخر مهما كانت مشاغل الحياة. لذلك عندما وقع حادث الكنيسة حزنت بشدة ودعوت الله أن ينتقم من كل إرهابي أراد زعزعة أمن هذا البلد الذي ذكر في القرآن الكريم عندما قال جل شأنه "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".. فهؤلاء الأقباط جزء من نسيج الوطن وقد شاركوا المسلمين في انتصارات أكتوبر ووقفوا معهم صفا واحدا عندما تلاحم الهلال مع الصليب لمواجهة الاستعمار الانجليزي. لذلك نقول انه مهما حدث بين أبناء الشعب الواحد أقباط مصر ومسلميها من فتن بين الحين والآخر في محاولات يائسة لشق الصف بين عنصري الأمة فلن تؤثر هذه الأحداث علي طبيعة العلاقة بين أبناء الوطن الواحد بل علي العكس سوف تزيد هذه الأحداث من متانة العلاقة وتكسبها صلابة فوق صلابتها. لا شك ان أي استهداف من أية جهة خارجية لزعزعة أمن واستقرار هذا البلد سببه الأساسي التعصب والتطرف الأعمي من بعض الرموز سواء كانت إسلامية أو مسيحية.. ولذلك لابد أولا وقبل كل شيء أن نقضي علي هذا التعصب وأن نضع الأمور في نطاقها الصحيح وألا نعطي الفرصة للفضائيات الدخيلة كي تشعل نار الفتنة.. ولابد أيضاً من تغيير المفاهيم الخاطئة التي ألصقت بالإسلام زورا وبهتانا بأنه دين إرهابي في الوقت الذي تدعو مبادئه إلي التسامح والمحبة والعدل واحترام حقوق الغير. ان علماء الأمة من المسلمين والأقباط مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضي بتوحيد الصف وإزالة كل الشوائب التي عكرت صفو العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في الفترة الأخيرة.. فهم وحدهم قادرون علي اعادة الأمور لنطاقها الصحيح.