نحن شعب يقتل نفسه بنفسه. بل قل اننا شعب ينتحر. فنهر النيل الخالد وهبه الله لنا ليكون مصدراً للحياة والنماء. فحولناه إلي بحيرة ملوثة تنقل الموت الي كل من يشرب من مياهه. كنا نردد عبارة من يشرب من مياه النيل لابد ان يعود إليها. واعتقد ان هذه العبارة لم يعد لها محل من الاعراب بعد كل هذا التلوث الذي نراه. ومن يشرب من مياه النيل الآن. حتماً لن يعود إليها. يعلم القاصي والداني ان اختلاط مياه الشرب بالمجاري يكون مسبباً لأخطر الأمراض ليس أولها الفشل الكبدي ولا آخرها الفشل الكلوي. ورغم ذلك يمد الأهالي بالقري المطلة علي النيل مواسير الصرف الصحي. لتضخ الي النيل البراز والبول وكافة المخلفات. ولم يكتفوا بذلك بل أصبحوا يلقون فيه بالقمامة وبالحيوانات النافقة. الأمر نفسه يحدث في الترع والقنوات الكبيرة والصغيرة. وأصبح كل مجري مائي من حولنا. مصدر خطر علي الصحة. وقاتل للبشر. حتي رشاحات الصرف الصحي التي تم شقها في الصحراء أصبحت حالياً وسط الكتل السكنية بعد الزحف العمراني حولها. وطبيعي أنها ستنقل الآفات لكل من يعيش حولها. ناهيكم عن الروائح الكريحة والتي تزكم الأنوف. وتسبب الأمراض أيضاً. وزاد الطين بلة ان البعض يروي عشرات الآلاف من الأفندة علي مياه الصرف الصحي. لتنتقل الآفات والأمراض الي المحاصيل. وبالتالي تنتقل منها الي كل من يتناولها. الصرف الزراعي بما يحويه من كيماويات. أصبح يتم استخدام مياهه في الري أيضاً. أما الصرف الصناعي فحدث عنه ولا حرج. فمصانع كثيرة تصرفه علي النيل والترع الكبري. وآخرها بقعة الزيت التي حيرت البلاد والعباد. وأخذت طريقها من أسوان الي الاسكندرية دون ان يستطيع أحد إيقافها عند حدها! ألم أقل لكم أننا أمة تنتحر.