ربما لأن السيد حافظ يتسم بتمرد المبدع. ورفضه الانحناء والخنوع والسير في الدروب المعبدة. لم ينل حظه في الحياة العامة. ولم ينزل منزله المناسب في الواقع الثقافي.. فكثيرون من أصحاب الحظوة والمال من الأدباء لم يقدموا نصف ما قدم السيد حافظ من ابداع مسرحي راق. وفياض. وكذلك أعمال الدراما التليفزيونية والسينمائية ثم هو أخيرا يخوض مجال الإبداع الروائي من أوسع أبوابه. وقد امتلك حرفية القص والبناء الدرامي المحكم. فنشر مؤخرا روايته الأولي "نسكافيه" ويلحق بها الجزء الثاني بعنوان "قهوة سادة" وله تحت الطبع "كابيتشينو". ويكتب حاليا كما يقول في الندوة التي أقامها أتيليه القاهرة لمناقشة نسكافيه رواية "شاي أخضر".. وكأنه يريد استيفاء كل أنواع المشروبات.. وننتظر أن ينزل الي مستوي المشروبات الشعبية بعض الشيء: حلبة بحليب. وشاي بلبن.. مثلا!! هذه المنظومة الروائية جديدة كرباعية. تتناول ما يتناوله كل الناس صباحا ومساءً: المشروبات وبعض الرباعيات والخماسيات والثلاثيات. التي أصدرها كتاب روائيون من قبل تعني بالدرجة الأولي بالمكان. وربما الزمان. لا بالمأكل والمشرب رغم أن الطعام والشراب هو الأكثر تأثيرا في حياة الإنسان. في ندوة "نسكافيه" بالأتيليه تحدث النقاد: د. أسامة أبوطالب ود. وفاء كمالو ود. شريف الجيار. وقدم الندوة عادل جلال. بحضور عدد كبير من المبدعين والنقاد والباحثين. قال د. أسامة أبوطالب: الرواية تعتمد علي قالب موسيقي يشبه الكونشرتو. يعتمد علي القرار والجواب بين أبطال الرواية. خالقا نوعا من الدراما التي تبدأ بالتوتر الصانع للمفارقة والدهشة في كثير من الأحيان. معتمدا في ذلك علي بناء الشخصيات في مستويات عدة: مباشرة وغير مباشرة. وقد اتخذ نموذج المرأة الباغية في قالب حديث لمعالجة جديدة تفتح دلالاتها في المطلق.. وعلي النقيض من ذلك نري القالب الذكوري الذي يميل لجوانب الذكر المسيطر بمعناه التقليدي. لكنه يتفاعل في الحياة وفي رحلته الطويلة بين أركان الوطن العربي.. فرواية نسكافيه الأولي للسيد حافظ تتجول من قطر لدبي للبنان للكويت للإسكندرية للقاهرة. متخذا من أبطال الرواية رمزا للوطن. ذكرت د. وفاء كمالو ان الرواية لم تكن كتابة علي أوراق خجل التجربة الأولي. بل هي كتابة علي أوتار الوعي والخبرة والاحتراف. اتخذت مسارها التلقائي نحو تيار الإبداع المدهش الذي يعزف علي أعصاب عارية. ويشاغب الصمت. ويبوح بمعني المعني!! وفعل الكتابة لدي الروائي كان قرارا بامتلاك أقصي أشكال الحرية. حيث تجاوز المؤلف جمود التابوهات المغلقة. واستبك بحرارة مع السياسة والجنس والاقتصاد والمجتمع. لنصبح أمام وجود حي يمتلك شرعية الانتماء للفن الإنساني الجميل. عن تجربته الإبداعية قبل الرواية وبعدها قال السيد حافظ: أنا لست كاتبا روائيا. بل أن مشروع كاتب روائي. أنفقت العمر كله في المسرح. فأنتجت مائة مسرحية في 78 كتابا. وأحاول ان أكون صاحب مشروع كبير.. فكتبت للمسرح التجريبي 36 مسرحية. ولمسرح الأطفال 16 مسرحية. ولمسرح التراث العربي 9 وللمسرح النسوي ..5 وانتقلت الي عالم الفيديو والدراما التليفزيونية فكتبت 10 مسلسلات.. وأنا الآن بصدد مشروع الرواية منذ أربع سنوات. وأن أدخل في أسماء المشروبات بوصفها خلطة سحرية. بل هي طقس ديني أكثر منه طقسا غذائيا.. ان الروح تحب المشروبات!!