يستحق مجلس الشوري وبجدارة ان يطلق عليه "سوق عكاظ مصر".. مع احترامي الشديد لسوق عكاظ الحقيقي. الشوري .. اضافة إلي انه لا يملك أي دور تشريعي أو رقابي أو تنفيذي.. فانه أيضا مجرد "مكلمة" بلا معني أو مردود أو فائدة مرجوة منه.. ومن تابع جلسة الشوري أمس سيخرج بنفس القناعة التي عندي. الجلسة كانت لمناقشة تداعيات كارثة قطار أسيوط التي هزت مشاعر ووجدان كل مصري. وابكتنا جميعا. ولعنا من خلالها الفساد والاهمال واللامبالاة. بدأت الجلسة وانفضت.. ولم تخرج منها الا بثلاثة أشياء مضحكة ومبكية في آن واحد.. لأن شر البلية ما يضحك: * الأول .. توصيات بلا معني ترفع إلي لجنة أو لجان.. بما يعني تمويت القضية والتكبير عليها تمهيدا لدفنها وأخذ العزاء فيها.. وهناك حقيقة معروفة للكافة تقول: إذا اردت قتل موضوع.. احله إلي لجنة!! * الثاني .. عضو محترم يقف ويتمطع ويتهم الإعلام بأنه السبب في كل كوارث مصر.. وكأن الإعلام هو الذي أهمل المزلقانات وترك أتوبيس الأطفال يعبر بلا تنبيه وجعل القطار يفرم 54 تلميذا تحت عجلاته.. وكأن الاعلام هو الذي ترك الفساد يستشري في هيئة السكة الحديد ويحتوي مفاصلها وصواميلها وتروسها. وكأن الاعلام هو الذي عين محافظا لا دخل له بالعمل التنفيذي ولم يشمله التحقيق. وكأن الاعلام هو الذي عين رئيس مدينة مكافأة له علي وقفته الايجابية خلال الانتخابات الرئاسية. وكأن الإعلام هو الذي ارتكب سلسلة كوارث القطارات المتكررة بالفيوم والعياط والشرقية والإسماعيلية وغيرها قبل هذه الكارثة الكبري.. أليس هذا الافك "مهزلة" وافتئاتاً علي الحقيقة؟!! * الثالث .. في مشهد غير مسبوق في البرلمانات.. وقفت نائبة محترمة والقت شعرا علي انه رسالة من "عصافير الجنة".. شهداء المذبحة.. بدلا من مناقشة أسباب وتداعيات المذبحة. هذا هو حصاد جلسة طويلة وعريضة يتقاضي عنها السادة النواب مخصصات يدفعها الشعب الذي تقتله الحكومة في كل ربوع مصر باهمال ولامبالاة وعجز. ماذا تسمون هذا المجلس اذن؟! .. أليس سوق عكاظ فرع مصر؟!! ** لا ركوع لغير الله.. * قطع البث فجأة عن قنوات دريم وتسويد شاشاتها يعني ببساطة شديدة انه لا ثورة قامت و لا شهداء سقطوا من أجل الحرية. هل الغرض من هذا القرار "دبح القطة" للإعلام كله حتي لا يسخن الإعلاميون في باقي الفضائيات علي حال البلد المتردي وعلي الدستور الملاكي الذي يجري "طبخة" أو "سلقه" الآن؟! أم "تصفية حسابات" مع دريم ومحاولة تركيعها عقابا لها علي المعالجات الحرة لما يجري في البلاد ومواقف الضيوف منها خاصة الحلقة النارية التي استضافت المستشار مرتضي منصور وموقفه من بعض مستشاري الرئيس عامة وأحدهم خاصة؟!.. أم محاولة فاشلة لانتهاج سياسة "رأس الذئب الطائر" لتكميم كل صوت يعلو وينتقد بجرأة وحنق الكلمة الحرة في الحلوق وتخويف باقي القنوات؟!! أيا كان الغرض.. يجب ان يعلم الذين اجرموا في حق الاعلام ان احدا لن يسمح بأن تذبح له القطة.. ولن تخيفه تصفية حسابات ولن يركع لغير الله ولن يكون ابدا رأس الذئب الطائر. سؤال برئ لمن اتخذ هذا القرار غير المنزه عن الهوي بالوقوف الفجائي للبث عن دريم: لماذا لم تفعلوا نفس الشئ مع "الجزيرة مباشر مصر" التي ليس لها ترخيص أصلا أم تخشون زعل "قطر" الشريك الاستراتيجي؟! ولماذا لم تفعلوه مع بعض القنوات الدينية التي تستبيح الأعراض وتشوه سمعة الناس بالباطل أم تخشون احتشاد التيار الديني بالميادين؟! لا تعتقدوا ان الناس في غيبوبة .. الحقائق واضحة وكل الشعب يعلمها.. ان غدا لناظره قريب.. "وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".