يبدو لي من الوهلة الأولي أن هناك انفصالاً واضحاً بين برنامج المائة يوم للرئيس مرسي وبين رؤي وأفكار وقرارات حكومة قنديل يظهر ذلك واضحاً في سلوكيات تلك الحكومة ووزاراتها ومحافظاتها.. فتجد الرئيس له أفكاره والحكومة وتوابعها لها أفكارها المختلفة تماماً. أبلغ دليل علي ذلك كارثة إغلاق المحلات بعد العاشرة مساء وهو قرار أقل ما يوصف به أنه عشوائي لأنه لم يدرس بشكل جيد كعادة كل القرارات الحكومية علي مدار أكثر من نصف قرن. ولو فكر مسئول واحد في تلك الدولة أن إغلاق المحلات مبكراً يعني المزيد من البطالة والمزيد من الباعة الجائلين والمزيد من الاختناق المروري والمزيد من الانفلات الأمني والتحرش بالشوارع ما كان مثل هذا القرار رأي النور. صحيح أنني أتفق مع ضبط أداء المحلات وترشيد استهلاك الكهرباء مثل دول العالم المحترمة القريبة منا في الوطن العربي. لكننا مجتمع لديه خصوصية منها أنه يعاني بطالة وأنه شعب لا يهوي الاستيقاظ مبكراً ومغرم بسهر الليالي لأنه باختصار مستهلك لا ينتج وبالتالي فالبحث في بدائل إغلاق المحلات مبكراً واتخاذ ما ينفع شبكة الكهرباء والتجار والناس. والأفضل أن يتم رفع أسعار الكهرباء للاستهلاك التجاري ما بعد الساعة الثانية عشرة ليلاً مع العلم أن هذا القرار قد يؤدي إلي مزيد من التضخم لأنه سيرفع أسعار السلع بحجة أن الكهرباء زادت فواتيرها. لكن ضرر أخف من ضرر. الخيبة الثانية التي تظهر فيها حالة الانفصال بين برنامج الرئيس وبين مسئوليه كارثة بقعة السولار التي امتدت بطول محافظات الصعيد مارة بنهر النيل الذي يروي مصر جماداً أو حيواناً أو إنساناً وحتي الآن لم تظهر عبقرية مصري واحد يخبرنا كيف لنا إزالة تلك البقعة رغم أن د.مرسي نفسه وعد بحماية النيل شريان الحياة في مصر بل لم يخرج علينا مسئول واحد ليخبرنا من المسئول الحقيقي عن تلك البقعة السوداء وكيفية عقابه أو محاسبته بالقانون إذا كانت البلد مازال بها قانون يطبق. أما ثالث "الخيبات" التي طلت علينا في الأسبوع الماضي ومازالت تبعاتها تلقي ظلالها ما بين الاستنكار والغضب والرفض هي إلغاء حفل غنائي في المنيا في وجود قيادات شعبية وسياسية وأمنية وتنفيذية لمجرد أن بعض السلفيين طالبوا بذلك.. هذا المنهج والأسلوب هو نفس ما كان متبعاً من تلك الجماعات في السبعينيات وانتهي بمقتل السادات علي أيدي تلك الجماعات السلفية وجاء مبارك ليأخذ مجموعة من القرارات والقوانين الاستثنائية التي كبلت الحريات وخنقت الناس لكنهم قبلوها وقبلها العالم لأنها كانت تسوق في إطار محاربة الإرهاب. إذن الإرهاب الجديد الذي يهدد مصر بدأت بوادره بشكل حياتي يتعلق بالناس أنفسهم منذ حادث السويس الذي قتل فيه طالب الهندسة ومن قبله حادث قطع الأذن بالصعيد ومن بعده حوادث الكنائس وتهجير الأقباط ثم ما يحدث في سيناء.. صحيح أنها أحداث لا رابط بينها لكنها جميعاً مؤشرات لمستقبل قد يكون أسوأ مما نحن فيه. والسؤال ألم يعد الرئيس المنتخب بأنه سيعيد الأمن والأمان خلال برنامج المائة يوم؟! نعم وعد.. لكن يبدو أن وعود الرئيس شيء وسلوكيات الحكومة شيء آخر وإذا لم يحاسب د.مرسي المسئولين عن الظواهر الثلاث "الخيبات" التي ذكرتها.. فقل علي المستقبل القريب السلام.