د.صلاح الراوي أستاذ الأدب الشعبي في أكاديمية الفنون وعضو مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر وأمين الصندوق. وأكثر من أربعين عاما عطاء في الحياة الثقافية.. مبدع يحمل رقة المبدعين وصلابة البنائين .. خاض الكثير من المعارك الثقافية.. وله العديد من الرؤي حول المشاركة من النخبة المثقفة.. أوفي الأداء الثقافي للمؤسسات الرسمية للثقافة المصرية. د.صلاح الراوي ترك غير نضاله الطويل رصيدا كبيرا من الاصدارات منها: الشعر الشعبي البدوي في مصر. الفلوكلور في كتاب حياة الحيوان للدميري. فلسفة الوعي الشعبي. الثقافة الشعبية وأوهام الصفوة. بعدين "شعر". مفاتيح البحر "شعر". في حواري معه سألته: البعض يري الأدب الشعبي.. أدب درجة ثانية.. ما رأيك؟ قال: الذين يرون هذه الرؤية هم الصفوة المنعزلة حقيقة عن روافد مجتمعها.. إن صلب ثقافة المجتمع وجوهرها هو الثقافة الشعبية والأدب جنس من أجناس هذه الثقافة.. لا نقول يمثل رافدا من روافد الأدب العام ولكنه المنبع الأصل لأي أدب يريد أن يعبر للناس عن قضاياهم وصراعهم الأبدي مع الواقع بكل ضراوته الواقعية والغيبية والاجتماعية. الأدب الشعبي درجة ثانية من وجهة نر من؟! من لا يعرف. ومن وجهة نر من يعرف لكنه يتخذ من الجماعة الشعبية موقفا فوقيا متعاليا وهذا يرجع إلي مصالح طبقة ما.. لهذا نجد أن الثقافة الشعبية لا تدرس في المدارس وتحول إلي تخصص ضعيف التأثير للناحية العلمية علي الرغم من وجود معهد عال هو الوحيد في الشرق الأوسط ومع هذا يل التأثير ضعيفاً وينعكس علي طبيعة الدراسة وتحولت دراسة الثقافة الشعبية إلي مجرد مهنة ولا أبالغ إن قلت "ارتزاق" ومن هنا يجد نفسه مضطرا للتجاوب مع الرؤي السلبية.. بل ربما الشعور بالدونية في مواجهة علوم أخري استقرت نرة احترام المجتمع لها. بينما أري نفسي عالما في أدق فروع العلم وأهمها وهو علم الأدب الشعبي الذي لا يقل عن الطب والفيزياء والكيمياء وغيره. * اتجاهات الدراسة الشعبية محل تنازع بين الباحثين. كل باحث ينتمي لأستاذ يقدمه علي الآخر ويتحمس له.. كيف تحل هذه المعضلة وكيف تجاوزتها؟ ** ليتها كانت مشكلة اتجاهات بل هي مشكلة عصابات.. في مثل هذه القضايا لم أعرف مجاملات.. علاقة الأستاذية في هذا التخصص هي أعجب علاقات ربما في تاريخ العلوم جميعا إن بضاعتنا هي ثقافة الناس وأري دائما أن ما يحميك كباحث هو الناس فمم تخاف؟! من السلطة. إذا خفت هذه السلطة فقد خنت جوهر العلم الذي تورثه لأن الثقافة الشعبية في جوهرها ثقافة مقاومة ضد أشكال القهر والتبعية لأنها ثقافة نقيضة.. أين يقف الباحث في هذا التخصص؟ الغالبية العمي في مصر بل في العالم العربي أعينهم علي الدرجة العلمية.. بل السلطة والأستاذية جزء من السلطة.. من هنا يبدأ الانتماء العصابي.. ان الأستاذ يري أن تلاميذ "خشداشية" له بالمصطلح المملوكي.. والخشداشية أن يكون له سلطان وعسكر محبوبون وفق تفاوت تربتهم في هذا التركيب الهيراركي المملوكي. الأستاذ لا يريد أن يؤمن أن تلميذه نقلة مختلفة عنه وأن التلميذ لابد أن يجري درسا نقديا علي منجز الأستاذ ومثل هذا يدخل عندهم في منطقة الكفر البين ولكننا والحمد لله قمنا بهذا "الكفر" وندلل علي هذا تدليلا قاطعا لا اشتباه فيه. * ما الدليل علي ذلك؟ وهل هناك تجربة شخصية؟ ** انه طوال تاريخ هذا العلم في مصر ليس هناك مقالة واحدة نقد فيها باحث أو أستاذ باحثا زميلا له أو أستاذا وهذه عجيبة في العلوم.. لأن العلم قائم علي الرؤي الجديدة. والتجارب التي حاولنا تقديم رؤي نقدية لمنجزات سابقة علينا قوبلت بتجريدة كاملة من المواجهة نا منهم أن الحياة العلمية لدي كل الباحثين أن يتحسبوا لمسألة المناصب والدرجات والترقيات وهنا تكون الحفرة التي يقع فيها أغلب الباحثين. * أكاديمية الفنون كان لك شوط كبير من الصراعات فيها.. كيف حسمت هذه الصراعات وما رؤيتك حول الأكاديمية الآن؟ ** لاينكر أحد أن داخل الأكاديمية مجموعة بنائية أعتبر نفسي أحدهم.. فمنذ وجودي في الأكاديمية وأنا أعمل لإعادة صياغة لوائح الأكاديمية مع الشباب من أعضاء هيئة التدريس وكنا نعمل مع فوزي فهمي مؤمنين بنفس القضية أن تفوق واستثارة هذا المجتمع يرجع إلي أكاديمية الفنون لأنها تضخ سنويا صناع الفن في مصر. وكان حديثي الدائم مع د.فوزي فهمي أن بناء الجدران سهل ولكن ينبغي أن يكون هناك التفات لبناء الكادر الأكاديمي. وتوالت الرئاسة وجاء مدكور ثابت ولكنها كانت فترة قصيرة لم يتمكن من وضع مشروع كبير ليستكمل به ما كان مقررا.. تلاه د.عصمت يحيي وكنت قبل مجيئه مديرا لمركز المعلومات. هذا الجزء الخطير في أي مؤسسة ولم يكن أصلا مركزاً للمعلومات فعملنا علي أن يصبح هكذا ولكن دائما هناك ما يشبه القدر عندما تبدأ في الانتهاء من عمل تبدأ المواجهة!! أما الخلاف الرئيسي بيني وبين رئاسة الأكاديمية فهو طريقة الادارة لهذه المؤسسة الرفيعة وكأنها عزبة لشلة وأنا لا أقبل أن أكون جزءا من الشلة.. الأمر الأخطر في هذا كان أسلوب العشوائية والهوي ويتجاوز رئيس المؤسسة القانون واللوائح والجمعية العمومية التي أري أن الطلاب والإدارة وهيئة التدريس هي التي تمثلهم.. إن كل قرار صحيح وقانوني وشريف أصدره عصمت يحيي كانت يدي فيه وإن كل قرار تنقصه هذه المعاني ولم يصدر كنت السبب الرئيسي في عدم صدوره ولو سئل عصمت يحيي عن ذلك لأجاب: نعم.. والأكاديمية في فترتها الأخيرة تعرضت لهزة عنيفة منذ مجيء سامح مهران ولا أنكر انه دعاني أكثر من مرة وكانت إجابتي: أنا نزعت عن قلبي ضغينتي مع أكاديميتي فحاولوا أنتم ذلك ولن أتعاون ولعلي كنت أستبصر مستقبلا فبعد قيام ثورة يناير التقيت بسامح مهران وكان الاشتباك بينه وبين سخسوخ قد بلغ قمته وليس لي شأن بهذا الصراع إلا بانعكاسه علي الأكاديمية وكان هدفي هو استنقاذ أكاديمية الفنون مما أعرف أنها ستتعرض له بعد التغيير الضخم في المجتمع والذي نراه الآن ودعوت لعقد مؤتمر عام يناقش العناصر الخمسة وهي الأستاذ والطالب والإدارة واللوائح والمقررات التعليمية. وأشهد أن سامح مهران تشجع وأقبل علي الأخذ بهذه الفكرة. إن الحل دائما كان تحت أقدامهم ولم يرد أحد فكانت النتائج لم يربح أحد.. اسألهم واسأل نفسي كيف فاتتهم فاعة ما يمكن أن تتعرض له الأكاديمية فيما نحن فيه من محاولات إلام!! إن من بين أساتذة الأكاديمية من يحرم الموسيقي وهو أستاذ موسيقي فماذا سيكون الغد؟! * لجنة التطوير لمقر اتحاد الكتاب متهمة بتعطيل أنشطة الاتحاد الثقافية والندوات والمؤتمرات فما رأيكم؟ ** لا علاقة بعمليات التطوير بتعطيل الأنشطة وما يغيب عن الكثيرين أن لدينا موقعا كبيرا هو مقر القلعة بل إن المؤتمرات الكبري تقام هناك.. ولو أراد أحد اللعب في هذا المكان فلا نرد عليه ولا نقبل المزايدات والتطوير الذي يجري للمكان ضروري لأنه لابد من وجود مكان يليق بنا الآن هناك دورات مياه صالحة بعد أن كانت غير صالحة تماما وكانت الابراص والفئران والعناكب تسكن اتحاد الكتاب نحن أدري بمساحات المزايدة في هذا الجزء ونقوم بدورنا كاملا. * وماذا عن حالة الصمت التي يتهم بها الاتحاد؟ ** ما هي المواقف التي تقاعس الاتحاد عنها أو صمت تجاهها نحو الوطن؟! عندما قامت النقابات بزيارة لسيناء كان وفد الاتحاد أول النقابات ووصلنا للحدود مع فلسطين وقدمنا مبادرة نوعية بهدايا من الكتب والاصدارات وبالمناسبة كان رئيس الوفد هو رئيس لجنة التطوير "د.صلاح الراوي" كذلك رفضنا بياناً حول قرار وزير الثقافة بعمل مجالس استشارية من خارج سياق المثقفين.. الاتحاد في قلب الأحداث ولم يتخل عن واجبه. كارثة هذا البلد في النخبة المثقفة وهذا يتضح في المواقف التي تحتاج لمواجهة حقيقية والمواقف تشهد علي ذلك ففي مؤتمر "الثورة مستمرة" مثلا والذي أقامه اتحاد الكتاب كان الحضور ضعيفا ولكننا في الاتحاد قمنا بما علينا ولم تقم الجمعية بما عليها بالمشاركة وهناك من جاء لمصلحة وغادر سريعا.. لذا نرجو من زملائنا بالاتحاد الترفق بنا لننهي هذه المهمة والتي لن نوقفها حتي الانتهاء منها.. فليس لنا مصلحة خاصة ولا هي اضافة لتاريخ أحدنا وإنما نحن اضافة للمكان الذي نحرص علي إصلاحه ولذا نطالبهم بالتشجيع الانساني أو بالصمت حتي لقاء الجمعية العمومية والاطلاع علي تفاصيل المرحلة بكاملها.