ما أجملنا نحن المصريين. شبابا ورجالا ونساء وصغارا. أقولها فخورا بمصر التي انجبتنا وربتنا علي الحب والتسامح وعلمتنا كيف نتمسك بروابط الأخوة والدم في أحلك اللحظات وأشدها وأقساها وحفرت داخلنا أن نكون دائما أعلي من الشعارات وأرفع من أن نردد للعالم- كأننا مدانون هاربون من ذنب يلاحقنا- إننا جسد واحد ودم واحد ونسيج واحد وأن الدين لله والوطن للجميع فنحن بالفعل هكذا وأوثق دون أن نرفع لافتة أو نردد شعارا ومحمد الذي يسكن بجوار جرجس في بيت واحد وفي طابق واحد كلاهما يجمعهما السلام الذي نزلت به أديان السماء وتربطهما المحبة التي أرسل بها الرسل والأنبياء ويتعاملان بعقيدة "النبي وصي علي سابع جار" دون أن يسأل أي منهما من هو النبي الذي وصي. وما أجملنا أيضا نحن المصريين ونحن نبدع في السراء والضراء ونحول الكوارث إلي مناسبات نتغني فيها مهما كانت خسارتها ليخرج من كل كارثة عشرات المبدعين الذين يؤكدون أن الإبداع فعلا كما يري النقاد هو ابن المعاناة والأقرب إلي ذلك ما كتبه العشرات من شبابنا المصريين المعجونين بالموهبة والمعزولين بالإبداع عن الكارثة التي لحقت بنا جميعا وأدمت قلوبنا وقد اخترت من بين هؤلاء المدعين الموهوبين اثنين أحدهما هو محمد مصطفي الماحي الذي يقول في إحدي رباعياته: الوطن جوا في دمك.. زي حبك للعبادة/ شيء كده مزروع في قلبك.. بدري من يوم الولادة/ الوطن ده أرض ودم.. الوطن ده أب وأم/ الوطن صليب مرفوع.. وجنبه قبلة وسجادة والثانية هي ميادة مدحت التي تقول في قصيدة بعنوان "مدنة وصليب": المدنة مالت ع الصليب/ تمسح دموعه/ شكا لها طعنة في الوريد وجعت ضلوعه/ مدت ايديها تمسح الحزن في عينيه/ بكت علي حالها وحاله/ مسيرها هتطيب الجراح والجاي أحسن م اللي راح/ رحمة ورأفة بالعباد/ ده احنا اللي علمنا البشر/ معني الإله/ وفي قلبنا خشوع نبي وقت الصلاة/ واحنا اللي رغم الجرح قادرين نبقي واحد/ وفي صورة الحزن العجيب/ مدنة وصليب/ لاتنين في واحد. ما أجملنا ونحن اليوم- مسلمين ومسيحيين- في عيد الميلاد المجيد. لا بل في العيد الوطني للمسلمين والأقباط. اثنان في واحد.