السفير فتحي الشاذلي ل"المصريون": قمة الثمانى طوق نجاة ل"مصر وتركيا" مصر والسعودية وتركيا هى القوى السنية الرئيسية ضياع فرص المصالحة في القمة الإسلامية "نكسة" الرئيس التركي السابق صديق لي وكان يستأنس برؤيتي استمرار انحياز تركيا للتيار الإخوانى ليس في صالح الشعب التركي "العدالة والتنمية" رفض عرضًا ب 400 مليون دولار للسماح بغزو العراق
لدينا مطالب لعودة العلاقات، ولا بد من تسليم الإخوان المقيمين في تركيا والذين صدر بحقهم أحكام قضائية، ووقف القنوات التي تبث من هناك، وعلى الطرفين استثمار قمة الدول الثماني، وترميم العلاقات بين البلدين، وعلى الرئيس عبدالفتاح السيسي التمسك بأساسيات التحول الديمقراطي. هكذا رسم السفير فتحي الشاذلي، مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير مصر لدى تركيا الأسبق، الملامح الدبلوماسية للعلاقات بين القاهرةوأنقرة، والتي تشهد توترًا كبيرًا، وقطيعة سياسية واقتصادية منذ الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 3 يوليو 2013. ولد السفير فتحي الشاذلي في محافظة القاهرة وتخرج في كلية التجارة جامعة عين شمس 1964، وعُين في السلك الدبلوماسي عام 1965، وهو من دفعة وزير الخارجية الأسبق وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، عمل في سفارات مصر في كل من باماكو وكراكاس واستوكهولم، ثم نائبًا للسفير في أديس أبابا، شغل منصب سفير مصر في الرياض بين عامي 91_95، ثم منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية بين عامي 95_99، ثم تولى سفير مصر في أنقرة بين عامي 99_2003، ويعمل حاليًا كمدرب للدبلوماسيين في أكاديمية ناصر العسكرية المعهد الدبلوماسي. تفاصيل هامة، ورؤى دبلوماسية، وسيناريوهات مستقبلية، تكشفها سطور هذا الحوار.
بتقديركم.. هل ترون أن جماعة الإخوان باءت عبئًا على النظام التركي؟ لا أرى مؤشرات على ذلك حتى الآن، أردوغان هو الذي انفرد بالخروج على السياق الطبيعي للعلاقات المصرية التركية، وتصريحاته تتحدى إرادة الشعب المصري في ثورة 30 يونيو، وهناك مَن انتقد موقفه داخل النظام التركي، ومنهم على سبيل المثال "عبدالله جل" رئيس الجمهورية السابق، و"يشار يكيش" أول وزير خارجية للعدالة والتنمية، وهناك مَن يعزز من تلك الانتقادات للتخلص من تبعات الانحياز لجماعة الإخوان المسلمين، أردوغان يبدو أنه إخوانى وكانت ميوله إخوانية، وكراهيته لثورة 30 يونيو مدفوعة بغضب شخصي لأنها أضاعت عليه حلم الهيمنة على المنطقة. *بماذا تفسرون تصريحات مستشار أردوغان التي قال فيها إن الإخوان يهددون تجربتنا الديمقراطية؟ رجب طيب أردوغان ربما كان إخوانيًا لكن المؤشرات تقول غير ذلك بما في ذلك هجوم قيادات من تيار الإسلام السياسي على أردوغان، وانحياز تركيا للإخوان أضر بعلاقة تركيا مع مصر ومع دول أخرى، وتصريحات مستشار أردوغان لا تبدو مستغربة بالمرة هذا أمر طبيعي، ومؤشر على تضرر النظام التركي من تصريحات أردوغان، استمرار انحياز تركيا للتيار الإخواني لا يمكن أن يعود عليها بالنفع. *ما السيناريوهات المطروحة للأزمة الحالية وهل ثمة انفراجة قريبًا بين أنقرةوالقاهرة؟ حتى الآن لا توجد أي انفراجة، ومشهد القمة الإسلامية خير شاهد على أنه لم يحدث أي تقدم حقيقي، على الرغم أنني أعلم أن هناك اتصالات جرت بين الجانبين برعاية أطراف أخرى، هناك مطالب مصرية بعودة العلاقات كما كانت، ومنها تسليم الإخوان المقيمين في تركيا والذين صدر بحقهم أحكام قضائية، ووقف القنوات التي تبث من هناك. *هل تعني بالأطراف الوسيطة بين مصر وتركيا أطرافًا سعودية أو خليجية؟ لا يعنيني مَن يتوسط أو مَن هو الوسيط، ولكن هذه المساعي لم تسفر عن شيء، لم يتوقف التحريض، لا زال المقيمون من الإخوان يتمتعون بالحماية التركية، والمناسبة الكبرى وهى القمة الإسلامية ضاعت، واعتبر ضياع تلك المناسبة "نكسة". *بما تفسرون حالة التجاهل بين أردوغان و"شكرى" في القمة الإسلامية؟ هذا المشهد يعكس فشل كل المساعي الرامية لترميم العلاقات بين البلدين، ويعكس الحالة التي وصلت إليها العلاقات بين البلدين، وأنا مستاء من ذلك، مصر دولة إقليمية كبيرة وتركيا كذلك، وهناك روابط بين شعوب البلدين، وأنا أتصور أنه من الممكن أن يعدل أردوغان عن مواقفه فهذا أمر وارد، ولكن ليس في المستقبل القريب؛ لأنه أضاع فرصة القمة الإسلامية ولم ينتهز تلك الفرصة. *المؤتمر الخامس لوزراء دول قمة الثماني الذي يعقد بالقاهرة.. هل تعتقد أنه فرصة للتقارب بين البلدين؟ من الممكن أن يكون طوق نجاة ومن الوارد أن تكون تصريحات مستشار أردوغان الأخيرة هي تجديد للمساعي الرامية إلى إصلاح العلاقات بين البلدين، ويلقى ضوءًا في النفق المظلم غير الطبيعي للعلاقات بين البلدين. *مصر والسعودية وتركيا تحالف لم يكتمل حتى الآن رغم خطورة المد الإيراني والتدخل الروسي.. مَن يتحمل مسؤولية ذلك؟ مصر والسعودية وتركيا هى القوى السنية الرئيسية، ولكنني غير سعيد بظاهرة التمايز المذهبي، كما أن الخلل أصاب هذا التعاون بسبب نشوز تركيا بصرف النظر عن علاقتها الاستراتيجية مع السعودية، مصر تستطيع أن تبذل جهدًا بنفسها وتستطيع أن تستغني عن تركيا، مصر وتركيا من أكثر عشر دول مؤثرة في العالم وتأثيرها يجاوز حدودها طبقًا لدراسة أمريكية، الحالة النشاز في العلاقات التركية المصرية مآلها إلى تغيير. *كيف ترون تضارب الأوراق في المنطقة؟ وهل هناك مخطط لتوريط دول عربية في صراعات دموية؟ هل يوجد دموية أكثر مما نحن فيه الآن، هناك دول عربية تحولت إلى دول فاشلة، وهناك دول في طريقها للفشل مثل اليمن وسوريا وليبيا، وربما تأتى في أعقابها دول أخرى، العرب بيُغنوا خصومهم معونة الثأر منهم، وللأسف لا يوجد دولتين عربيتين لهما نفس التعريف للأمن القومي العربي. *بصفتك الدبلوماسية.. ما حقيقة المفاوضات بين مصر وتركيا من أجل المصالحة مع الإخوان؟ أنا كمواطن مصري أرى أن هؤلاء الناس لا يزالون يقومون بإلحاق الأذى والألم بالمصريين البسطاء ولا يتورعون عن القتل والتخريب، أنا شخصيًا أرفض هذا الكلام، وأرفض التفاوض مع إرهابي وقاتل، لا يمكن الجلوس مع شخص لا يتورع أن يضع لغمًا أو قنبلة تحت عربية شرطة لينسفها ويدمرها، لو أن هناك دوائر داخل الدولة تقوم بتلك المفاوضات فهي دوائر مقصرة في حق مصر والمصريين. *التقارب الإماراتي التركي الأخير.. ما هي الرسائل والدلالات؟ على غرار تصريحات مستشار أردوغان الأخيرة من الممكن أن يكون هذا توجهًا جديدًا للقيادة التركية، ومن الممكن أن يكون هذا عدولًا عن مواقف الرئيس التركي الداعمة لنظام الإخوان الذي سقط في 30 يونيو، أنا من أنصار العلاقات المصرية التركية الأوثق وأرحب بهذا التطور. *ما تعليقكم على تصريحات وزير الخارجية التركي بأن مصر دولة هشة تحت حكم الرئيس السيسي؟ مصر تخوض معركة ضد الإرهاب في سيناء كيف تكون دولة هشة؟ تأتى تلك التصريحات في سياق تصريحات أردوغان وده كلام خطير، وأنا أرى العكس، تركيا هي التي فشلت في علاقاتها الإقليمية وهي في مأزق وعلاقاتها مع الدول المجاورة "متنيلة". *ما مصير الاستثمارات التركية في مصر في ظل العلاقات بين البلدين؟ا يتواجد في مصر طبقًا للأرقام والإحصاءات التركية أكثر من 200 شركة تركية، يعمل فيها أكثر من 54 ألف مواطن مصري، ويوجد أكثر من 2 مليار دولار استثمارات في مصر ولكنهم لم يأتوا من أجل سواد عيون المصريين لكن أتوا لأنهم يعلمون أن الوضع الاستثماري في مصر جيد وأن مصر أرض خصبة للاستثمار. *ما نظرتكم المستقبلية للمنطقة؟ منطقة الشرق الأوسط أصبحت منطقة فعل لكل القوى الصاعدة في العالم، وهناك دول مثل اليابان أجرت تعديلاً دستوريًا من أجل السماح لخروج القوات المسلحة خارج البلاد وخصوصًا في الشرق الأوسط، ويتواجد الآن قواعد عسكرية في أماكن غريبة مثل جيبوتي توجد قواعد أمريكية وفرنسية وصينية. *كيف كانت علاقتك مع المسئولين الأتراك وقتما كنت سفيرًا في تركيا؟ كانت لدى علاقات طيبة مع المسئولين الأتراك، والرئيس التركي السابق عبدالله جل أول صديق لي من المسئولين، وكان يستأنس برؤيتي ويستمع إلى آرائي ويتأثر بها وأنا أحبه كثيرًا وأحترمه وهو كذلك، وقال لي إن الأمريكان كانوا يريدون أن يدفعوا 400 مليون دولار دعم للقواعد العسكرية التركية مقابل أن تكون تركيا هي بوابة السماح للجنود الأمريكيين لغزو العراق الأخير ولكن حزب العدالة والتنمية رفض ذلك العرض. *أخيرًا.. ما رسالتكم إلى الرئيس السيسي والرئيس أردوغان؟ رسالتي إلى السيسي: أطلب من الرئيس أن يستلهم إرادة الشعب المصري ويستمسك بثوابت هذه الإرادة ويواصل ما بدأه من جهد وطني شامل للنهوض بمصر، ما يحدث الآن في المشروعات القومية ثورة حقيقية بجميع المقاييس، أرجو ألا يثنيه قولًا أو تصرفًا عن الاستمساك بهذه الأشياء، أرجو ألا يسمح الرئيس بأي معوق لتلك المشروعات وأن يستمسك بأساسيات التحول الديمقراطي، وعلى الدولة أن تعجل بإصدار قانون الإعلام لأنه إحدى الدعائم التي تقوم عليها الدولة. رسالتي إلى أردوغان: الصوت النشاز الذي ظل يردده فيما يتعلق بمصر أضر بصورته لدى المصريين ولدى أنا شخصيًا، وسبق أن أعجبت به كثيرًا عندما وقف في جامعة القاهرة وتحدث باللغة العربية وقال: "ارفع راسك فوق انت مصري" ، أرجو أن يتخلى عن هذا المنهج في الخروج على العلاقات المصرية التركية.