تدهورت قيمة الجنية على مدى 70 عاماً، فبعد أن كان الجنيه يقابل 4 دولارات قبل ثورة 1952 وبداية حكم الثورة لمصر، أصبح الدولار الآن يقارب 9 جنيهات في سوق الصرف الرسمية، وما يزيد عن 11 جنيها في السوق الموازية "السوداء"، ومنذ 3 يولو أخذت قيمة الجنيه في التدهور حتى وصلت نسبة التراجع 60% تقريبا. عوامل داخلية وخارجية وقد كان من مسببات هذا الانخفاض في سعر الجنيه عوامل داخلية، مرتبطة بسياسات الحكومة الاقتصادية والمالية والنقدية، أدت إلى استمرار عجز الموازنة العامة للدولة وزيادة الدين المحلي الى مستويات غير مسبوقة، وكذلك الدين الخارجي، وضعف الصادرات وزيادة الواردات. وعوامل خارجية مرتبطة أيضا بسياسات الحكومة، كضعف الاستثمارات الأجنبية، وانهيار إيرادات السياحة، وتراجع عائدات قناة السويس، وانخفاض تحويلات المصريين بالخارج، حيث كشف البنك المركزي في تقرير له صدر مؤخرًا عن تراجع تحويلات المصريين العاملين بالخارج إلى مصر، لتسجل 4 مليارات و700 مليون دولار مقابل 8 مليارات و200 مليون دولار خلال فترة المقارنة من العام المالي الماضي. عدم الاستقرار السياسي، والتدهور الأمني، وتواصل نزيف الدم في سيناء، وانهيار السياحة، وسقوط الطائرة الروسية، وأزمة الطالب الغيطالي جوليو ريجيني، وغيرها من أسباب تقف بقوة وراء تراجع تحويلات المصريين بالخارج، ونقص العملة الصعبة في البلاد. وقد دعا هذا التراجع الحاد في تحويلات المصريين محافظ البنك المركزي إلى زيارة الكويت، سعيا منه إلى زيادة الإيداعات الكويتية في مصر، من خلال الاستثمار في وديعة "بلادي" الدولارية، التي أعلنت الحكومة عن طرحها في فبراير الماضي للعاملين المصريين المغتربين في الخارج والتي لم تحقق المرجو منها حتى الآن. مليار دولار تراجع وقالت صحيفة "الراي" الكويتية أمس الأحد: إن عائدات المصريين بالكويت تراجعت بنحو مليار دولار منذ بدء أزمة ارتفاع سعر الدولار الأخيرة بمصر، الأمر الذي دفع طارق عامر محافظ البنك المركزي لزيارة خاطفة للكويت نهاية الأسبوع الماضي استغرقت يوما واحدا لبحث أسباب تراجع تحويلات المصريين. وأضافت: أن عامر قال إن سر التراجع الكبير للتحويلات يعود إلى أن جزءًا كبيرًا من حركة الأموال يتم خارج النظام المصرفي الرسمي، وإن هذه السوق تكبر بدعم من اتساع الفجوة بين سعر الصرف الرسمي الذي يمكن أن يحصل عليه العميل من البنوك وشركات الصرافة، والآخر الذي يمكن الحصول عليه عن طريق التحويلات غير الرسمية، وإن التحويلات غير الرسمية تمثل عائقًا كبيرًا، وإنها تؤثر على إيرادات أحد أهم مصادر تغذية العملة الصعبة في مصر، وهي تحويلات المصريين العاملين في الخارج، وإن الفارق بين السعر الرسمي والمدفوع من بعض تجار العملة يتراوح بين 15 و20 %. وأشارت الصحيفة إلى أنه وفقًا لأسعار صرف الجنيه في اليومين الماضيين قياسًا إلى الدينار الكويتي، بلغ سعر تحويل الألف جنيه في شركات الصرافة المحلية نحو 34 ديناراً، في حين بلغ سعر تحويله في السوق غير الرسمية نحو 29 دينارًا، ما يعني أن الفارق بين السعرين يصل إلى 6 دنانير، الأمر الذي يشجع على اللجوء لهذه النوعية من التحويلات بدلا من التعامل مع البنوك أو شركات الصرافة المحلية. وتشكل تحويلات العاملين المصريين في الخارج غير الرسمية ضغطًا على خطط البنك المركزي في ضبط سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية، خصوصًا وأنه وباعتراف عامر ليس من السهل مواجهة الدولة لهذه التحويلات بالطرق القانونية التقليدية، وذلك بسبب أساليبها الفردية وأوامرها اللحظية بين التاجر والمحول. ازدهار السوق الموازية «السوداء» ويعد ازدهار تجارة العملة خارج النظام المصرفي أحد أهم عوامل انهيار الجنيه أمام الدولار، فالفارق الكبير بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء يغرى الجميع بالطلب على الدولار، حتى يستطيع تحقيق مكاسب سريعة للغاية حيث بلغت أكثر من 2 جنيه لكل دولار واحد على الاقل، مما يجعل من الافضل للمواطنين اللجوء للسوق السوداء لصرف عوائدهم بالدولار من هذه السوق بدلا من اللجوء للبنوك، وارتبط بهذا العامل عنصر أشد خطورة وهو سعي كل من المستوردين وشركات الصرافة إلى الحصول على تحويلات المصريين بالخارج خاصة من يعمل بدول الخليج نتيجة لفرق السعر بين البنوك وشركات الصرافة أو ما يطلق عليه السوق الموازية. فشل حكومي يقول الخبير الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي: لقد لعبت سلطة 3 يوليو دورا مهمًا في إثارة الخوف لدى كافة الكيانات الاقتصادية، والذى أدى الى الذعر من السيطرة على النقد الأجنبي، مما دفع المتعاملين الى التحوط والحذر والاحتفاظ بثرواتهم خارج البلاد. ونتيجة كل هذه العوامل فقد فشلت الحكومة في السيطرة على أزمة الدولار وكبح جماح كبار التجار المضاربين ووقف السوق السوداء، واتجهت إلى جهات خارجية سواء بالاتفاق مع السعودية لتوفير البترول، أو الترتيب لطلب قرض من صندوق النقد الدولي لإيجاد حلول للسيطرة على سوق الصرف. ولا يبدو في الأفق أي حل للأزمة نتيجة السياسات الراهنة والتي تدفع الى الخوف من المستقبل من سياسات الحكم الحالي الذى يبغى السيطرة على كافة الموارد الاقتصادية دون دراسة أو تخطيط،على حد وصفه.