في منتصف صيف 2014، خرج المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين، مهدي عاكف، في إحدى جلسات محاكمته ملتحفًا عمامته في مشهد شبهه فيه محبوه بالزعيم الليبي الراحل "عمر المختار"، ما لبس أن مر ما يقرب من عامين، حتى ترجَّل "المختار عاكف" وتربص به داء "السرطان". محمد مهدي عثمان عاكف "88 عامًا"، رجل من عمر التنظيم "وولد هو في عام 1928"، يعد ويكيبيديا "دائرة معارف" الإخوان، نظرًا لكونه شاهدا على كل عصور الجماعة، أصيب خلال اليومين الماضيين بالسرطان، داخل محبسه بمستشفى ليمان طرة، وفق مصادر متطابقة. "عاكف" الذي يعد صاحب لقب "أول مرشد عام سابق للجماعة"، حيث إنه رفض الاستمرار في موقعه، بعد انتهاء ولايته ليتم انتخاب بديع بدلا منه، مسجلًا بذلك سابقة في تاريخ الجماعة، هو المرشد العام السابع لها، تولى منصبه بعد وفاة سلفه مأمون الهضيبي في يناير 2004، وخلفه في المنصب المرشد الحالي محمد بديع "المسجون على ذمة عدة قضايا". وفي تصريحات خاصة ل"المصريون"، قال أحمد رامي، أحد المتحدثين الرسميين باسم حزب "الحرية والعدالة"، "الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين"، إن "المرشد العام السابق للجماعة محمد مهدي عاكف، أصيب بالسرطان بمحبسه بليمان طرة". الحالة الصحية السيئة ل "المرشد السابق للجماعة"، أشار إليها أيضًا، محمد منتصر، المتحدث باسمها، في بيان عبر موقع "تويتر"، قائلا "إن جريمة الانقلاب المستمرة بقتل المعتقلين بالبطء لن تثنيهم عن نضالهم من أجل مصر عاكف وَعَبَد الغني "القيادي الإخواني محمد عبد الغني" وغيرهم أبطال يدفعون ثمن الحرية من حياتهم". وبينما لم يحدد "منتصر" أو "رامي"، متى أصيب عاكف بالسرطان، ذكر عبد المنعم عبد المقصود، عضو هيئة الدفاع عن معتقلي جماعة الإخوان المسلمين، في تصريح خاص، أن "أسرة عاكف ليس لديها علم بإصابته بعد"، غير أنه أكد "إصابته بعدة أمراض، أبرزها أمراض الشيخوخة"، مشيرًا إلى أن "أسرته ستتوجه اليوم للاطمئنان عليه". ويقضي "عاكف" حكمًا ليس نهائيًا بالسجن المؤبد (25 عامًا)، في القضية المعروفة إعلاميًا ب"أحداث مكتب الإرشاد" على خلفية تهم ينفيها هو وهيئة دفاعه، من بينها "القتل والتحريض على القتل"، وطعن "عاكف" على هذا الحكم، لكن الطعن لم يُبت فيه حتى اليوم. وعاكف الذي برأه القضاء في مايو من العام الماضي، من تهم وجهت إليه ب"إهانة القضاء"، تعرض للسجن منذ العصر الملكي، ثم في عصور الجمهورية في عهد كل رؤساء مصر عدا مرسي. وقبض على عاكف في أول أغسطس 1954، واتهم بتهريب "عبد المنعم عبد الرءوف" أحد قيادات حركة الضباط الأحرار بالجيش التي قامت بثورة يوليو 1952 وهو الضابط الذي حاصر قصر رأس التين المتحصن فيه الملك فاروق وأشرف على طرده، وحُكم على عاكف حينها بالإعدام، ثم خفف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة فقضى 20 عامًا كاملة بالسجن وأفرج عنه في عهد السادات عام 1974. وفي شتاء 1995 بلغ التوتر في العلاقة بين الإخوان المسلمين والحكومة المصرية مداه فشنت الحكومة حملة اعتقالات طالت الكثير من جيل الوسط بالجماعة وقدمتهم للمحاكمة العسكرية في مسلسل استمر أكثر من خمس سنوات، ومثل عاكف أمام المحكمة العسكرية سنة 1996، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، ليخرج عام 1999. ويتخوف مراقبون وحقوقيون، من تداعيات إصابة عاكف بالسرطان، على حياته، مشيرين إلى عشرات الحالات المحبوسة على ذمة قضايا يراها ذووهم "سياسية" وتراها الحكومة "جنائية" لاقوا حتفهم متأثرين بمرضهم، وكان رأسهم قيادات إخوانية وإسلامية بارزة، من بينها فريد إسماعيل "القيادي الإخواني"، وطارق الغندور "قيادي إخواني"، وعصام دربالة "قيادي بالجماعة الإسلامية". وبينما يلاحق النظام، جماعة الإخوان المسلمين، تمر الجماعة بأزمة داخلية، ظهرت للعلن بوضوح في شهر مايو الماضي، وذلك على خلفية تباين وجهات النظر بشأن مسار مواجهة السلطات، وشرعية القيادة في الظرف الجديد "الإطاحة بنظام حكمهم في 3 يوليو 2013 وتداعياتها".