يتجه وفد عسكري مصري إلى الولاياتالمتحدة في وقت لاحق هذا الأسبوع، لإجراء محادثات مع مسئولين بوزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين، ومقابلة أعضاء بالكونجرس مع استعداد النواب لمناقشة طلب جديد لتقديم مساعدات للجيش المصري، البالغة حاليًا نحو 1.3 مليار دولار سنويًا. يأتي هذا وسط أجواء من التوتر تهيمن على العلاقات المصرية الأمريكية إثر اتهام واشنطن لمصر باحتجاز ستة من الأمريكيين العاملين في مجال حقوق الإنسان، من بينهم نجل وزير النقل الأمريكي راي لحود، بعد أن داهمت السلطات المصرية منظمات غير حكومية من بينها العديد من المنظمات التي تمولها الحكومة الأمريكية. وقالت مصادر مصرية، إن زيارة الوفد العسكري جاءت بناءً على طلب واشنطن لمخاطبة الكونجرس بشأن زيادة المعونات. ويسعى أعضاء الوفد خلال اللقاء مع أعضاء بلجنتي الموازنة والعلاقات الخارجية لإقناعهم بجدية مصر في دعم الديمقراطية والتحول لحكم مدني فضلا عن التزامه بتسليم السلطة في الثلاثين من يونيه القادم. وأقر العميد صفوت الزيات، الخبير الاستراتيجي بوجود أزمة تحكم العلاقات المصرية الأمريكية فيما يتعلق بالحملة علي منظمات المجتمع المدني، وقال إن إدارة الرئيس باراك أوباما تجد صعوبة بالغة في تمرير المعونات الأمريكية لمصر في هذه الأجواء بعد منع الأمريكيين الستة من السفر على خلفية هذه الأزمة. وأضاف ل "المصريون"، أن الأزمة لا تبدو فقط مع إدارة أوباما، بل أن الأزمة الأصعب مع الكونجرس الذي لا يقتنع بسهولة حتى لو أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية أن هذه المعونات تصب في صالح الأمن القومي الأمريكي، خاصة وأن الحملة على منظمات المجتمع المدني شككت في جدية المجلس العسكري في بناء دولة ديمقراطية حديثة. وأوضح أن إدارة أوباما تدرك جديًا أهمية مصر الإستراتيجية، حيث لا تزال مصر رغم كل التطورات وافية بالتزاماتها تجاه الأدوار الثلاثة الإستراتيجية لها، والمتمثلة في حماية الأقليات والحريات العامة، والالتزام بمعاهدة السلام مع إسرائيل والحرب على الإرهاب، مؤكدًا أن هذه الأوراق تبدو مهمة في يد أي مفاوض مصري وقال إن تسوية أزمة التمويل الأمريكي من شأنه أن يعيد الدفء إلى العلاقات المصرية الأمريكية في ظل وجود توافق على القضايا الإستراتيجية وتقديم المجلس الأعلى للقوات المسلحة ضمانات بتسليم السلطة في يونيو. وكان 11 عضوا في مجلس الشيوخ وجهوا رسالة إلى المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتاريخ 18 يناير قالوا فيها إن "استمرار تقييد أنشطة الموظفين الدوليين والمصريين ومضايقتهم سينظر إليه بقلق بالغ ولاسيما في ضوء المساعدات الأمريكية الكبيرة لمصر". من جانبها، اعتبرت الدكتورة منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن هناك مشاكل تحكم العلاقات المصرية الأمريكية تبدو أعمق من قضية منظمات المجتمع المدني والمعونات؛ فواشنطن تبدو حريصة جدا على استمرار تعامل مصر في مرحلة ما بعد الثورة بنفس نهج نظام الرئيس السابق حسني مبارك داخليا وخارجيا وهو ما تتحفظ عليه مصر بشدة. مع ذلك، قالت إن واشنطن تقف على مسافة واحدة من الفرقاء المصريين ولا تدعم أي من أطراف المعادلة في حالة وفائه بما تطلبه؛ فرغم معارضتها الظاهرة لوصول شخصية ذات خلفية عسكرية فهي قد تقبل بذلك في حال استجابة المجلس الأعلى للقوات المسلحة لمطالبها على الرغم من حرصها على مد جسور العلاقات مع الإسلاميين، وهو أمر سيكون على أجندة الوفد المصري.