قامت حرب 73 وكسرت مصر أسطورة الجيش الذي لايقهر,وظلت تتعامل مع الملف السياسي لإستعادة سيناء حتي رجعت إليها بعد 7سنوات من التفاوض في 25 إبريل 1982,وبعد أن إرتوت بدماء أبنائها,وصار هذا اليوم مشهودا في تاريخ مصر ,تحتفل به وتذكر الأجيال الناشئه أن ألأرض عِرض,وأن التنازل عن ألأرض بمثابة الخيانه العظمي,وهو ماتتربي عليه الجيوش في كل دول العالم ,ويشكل لها العقيده الأساسيه,وبما أن ألوضع المصري الآن بعد قضية تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعوديه ضبابي ,وشائك وملتبس وملتهب,بسبب سوء إخراج المشهد والذي فوجئ فيه المصريون بأن هاتين الجزيرتين ليستا ملكاً له,وقد يكون هذا صحيحاً لكنه يحتاج إلي نوع من التهيئة والتدرج,ومراعاة أفهام الناس بإختلاف إتجاهاتهم,وأفكارهم ,وثقافتهم,ولذا خرج الإحتفال بيوم عودة سيناء بمجموعه من الظواهر والتصرفات المفاجئه والصادمه,والغير منطقيه علي المستوي الرسمي والشعبي,ولعل ماقالته هذه السيده يكشف كثيراً من ضبابية المشهد(أيوه حنديهم الجزيرتين..ودي هديه مننا..ولو طلبوا الهرم كمان ..حنديهلهم)!,كان هذا جواب سيده تحمل العلم السعودي,وتتمايل به وترفرف في وجه من يعترضها,والعلم السعودي بما يحمل من شهادة التوحيد , يستحق الرفع بما يحمل من رمزيه لعقيدة راسخه للمليارات من سكان الأرض,لكنه في المواقف السياسيه رمز لدوله وحدود ووطن,ويخضع للقواعد العامه في العلاقات بين الدول,ويسري عليه ما يسري علي أعلام الدول ألأخري,وقد حدث أن رفعه أحد ألأفراد في أحد مظاهرات 25يناير فيما سماها الإعلام جمعة قندهار, والتي كان يقودها وقتها التيار الإسلامي,فالتقطت أعين المتربصين ألمشهد ,وظهرت ألإتهامات بالتمويل الخارجي!,وتغلغل الوهابيه!,وغيرها من التهم المعلبه والجاهزه,والتي مازلنا نعاني منها جميعا إلي ألآن,وتكاد تقسم المجتمع إلي جزر منعزله,وفئات متناحره,وهو من الخطورة بمكان!,وتعالوا نعود إلي مجموعة من الظواهر والملاحظات التي تلتقطها عين الخبير في المشهد الحالي الملتبس ,منها أن ثقافة الديمقراطيه بما تشمله من قواعد تكاد تكون غائبه عن جميع الأطراف حكاماً ومحكومين,فحرية التعبير والتظاهر السلمي حق للمواطنين,لكنه أيضا مرتبط بإجراءات,وكنا نمارس هذا بالخارج,فتقدم طلباَ لتنظيم المظاهره وتحدد تاريخها وخط سيرها, ومدتها,وهل هي صامته أم سيكون فيها هتافات,والمسؤلين عنها,وهل تريد منع أحد معين من ألإشتراك فيها ليقوم البوليس بإخطاره,ثم يقوم البوليس بإخطار هيئة النقل العام والمترو بالتاريخ وخط السير حتي يغيروا المسار في هذا الوقت حتي لا يتعطل الناس,ثم يقوم البوليس بحماية المظاهره حتي تنتهي ,ويذهب الجميع بعد أن عبروا عن قضيتهم ,وأوصلوا صوتهم,ونفسوا عما بداخلهم,لكن المشكله عندنا في مصرأننا نفرغ كل شئ من مضمونه,فنصدر قانوناَ للتظاهر يحمل في طياته تجريم وتأثيم ومنع التظاهر,وكم من ألأشخاص حوكموا بسبب إنتهاكه,لأن الدولة لا تعطي لهم تصريحاَ,ولا تفتح لهم باباَ ,فيقومون بالإعلان والدعوه للتظاهر في أي وقت,وفي أي مكان,بما يبدو أنه مخالف للقانون الذي لا يطبق ,وهي ثقافة لابد أن تتغير من الدولة وألأفراد!,ثانياَ:كان إختيار يوم 25 إبريل موعداًللتظاهر إعتراضاً علي تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعوديه غير موفق تماماً,لأنه تاريخ غالٍ علي كل مصري بإختلاف توجهاته حيث عادت سيناء إلي حضن الوطن,وكان يجب علي جميع التيارات والمنظمات والسياسيين المشاركه في هذا ألإحتفال بما له من رمزيه,وتحديد يوم آخر للإعتراض ,لأن المشهد ظهر وكأنهم يريدون إفساد فرحة الشعب برجوع ألأرض(سيناء) برغم دعوتهم لعدم التفريط في ألأرض(تيران وصنافير)!,ثالثاً:كان مشهد معاملة الدوله للمتظاهرين متبايناً ومختلفاً ومنحازاً للمؤيدين بالسماح لهم بالتظاهر دون تصاريح بل وتحليق الطائرات فوقهم إحتفالاً,والتضييق علي المعارضين وإغلاق الشوارع وتهديدهم ومنعهم من التجمع ,والقبض علي النشطاء منهم مما أعطي إنطباعاً أن الدولة تكيل بمكيالين,وأن تطبيق قانون التظاهر حمَال أوجه,كما حدث قبل ذلك عندما إنتهكه أمناء الشرطه في الزقازيق,ولم يٌحاسبوا أو يحدث لهم شئ,رابعاً: كان مشهد إنتشار العلم السعودي والهتافات المؤيده لتسليم الجزيرتين للسعوديه من عينة(تيران سعوديه..رغم أنف المصراويه!),غريبا َ وعجيباَ,حتي تندر الخبثاء وقالوا إذن هل لو جاءقرار التحكيم بالنسبة لسيناء وطابا في مصلحة إسرائيل هل كان سيخرج هؤلاء يحملون العلم الإسرائيلي!؟,وهل لو خرج نشطاء يتظاهرون ضد إستكمال سد النهضه مثلاً سيخرجون يرفعون العلم الأثيوبي!؟ بل قال البعض (الحمد لله أنهم لم يدوسوا العلم المصري ويحرقونه!),لقد أعمي التعصب والعناد والمكابره والكيد السياسي أعين الفريقين المؤيد والمعارض فوقعوا في أخطاء قاتله,تنبئ عن واقعٍ مؤلم ,ومستقبل تحيطه الأخطار,وتحفه الشكوك,مالم يتسع الصدر لتقبل الخلاف,وسماع الآخر,والكف عن التخوين,والرمي بالعماله,ومسؤلية الدوله أكبر في حل هذه المشكله,ولإنهاء وضع حرج أوجدته ,وكان يمكن تجنبه بقليل من الحكمه,وبكثير من السياسه !