لم يعد هناك ثمة مبرر للتحسر والأسف على ما آلت إليه الحالة الفكرية لبعض المثقفين المصريين ممن يطلق عليهم لقب "المفكر الكبير" رغم ضعف موقفهم الفكري في الأساس، لأن الأطر الفكرية التي يبشرون بها في تنظيراتهم وتحليلاتهم تقوم على المغالطة، ولم يخلص هؤلاء أبدا لحرية الفكر المنزه عن الهوى والميل، وأظن أن خطرهم أكبر على المجتمع نظرا لما أتيح لهم من منابر إعلامية وثقافية مهدت الطريق لهم ولأفكارهم فكانوا شركاء الأنصبة لرؤساء التحرير المتربعين على صدور الصحف التي كانت قومية( سابقا )، وعلى رأس هذا الفريق يتربع بجدارة الدكتور مصطفى الفقي. ففي مقاله الذي نشر بصحيفة الأهرام بعنوان" التصويت العقابي " تفضل سيادته بتقديم عدد من النتائج التي تكشف مدي الوهم الكاذب الذي يريد المفكر الكبير أن يصدره لقراء الأهرام كما سبق له أن أتحفنا بفلسفة تبرير الباطل في الإفراج عن الجاسوس الصهيوني عزام عزام وعقد اتفاقيات الكويز ، باعتبار أن القراء من الشعب المصري الساذج الذي لم ينضج بعد ( حسب تعبير د/ نظيف)، وربما تصور سيادته أو صدق أنه شعب لا يقرأ وإن قرأ لا يفهم ( حسب تعبير موشي ديان عن العرب)، ومن الجائز أيضا أنه يرى أن القراءة عادة روتينية لا يستخدم فيها العقل الواعي ، فليس باستطاعة فرد من الملايين السبعين أن يستبين من بين السطور ما يكشف انهيار مصداقية الكاتب المفكر وزيفه الفكري وأفضل رد على مقالته في كبسولات كما سبق أن فعل في مقاله تتلخص في الآتي: أولا : ليس من المقبول أن تكون خصما وحكما في آن واحد، فأنت مدان بمشاركتك في سلب مقعد الدكتور جمال حشمت، مهما كانت تخريجاتك للضغوط السياسية السيادية عليك لتقبل ما ليس لك بحق، وأنا أتعجب كيف ينام الظالم أو السارق أو المفكر الواعي بفعلته ؟ ثانيا : بعيدا عن فلسفة التبرير والمماحكة، أليس من حق الشعب أن يختار من يريد أم أنك نصبت من رؤيتك الأحادية وإطارك الفلسفي سيفا على أبناء دائرة دمنهور وزاوية غزال ؟ كان الأولى بك قبل أن تدافع عن باطلك، أن تنصت لقول الشاعر لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم ثالثا : الحزب الذي تنتمي إليه سيادتك ليس حزبا مدنيا، وإنما حزب يرتدي الملابس المدنية ويمارس العمل الحزبي العسكري بدليل ما حدث في المرحلة الثالثة بجولتيها من الانتخابات، البرلمانية وبشهادة وتحريض واحد من أهل بيتكم، وهو السيد القط الذي حرض النظام وحزبه على إعداد كل الأسلحة واستخدام كل الوسائل لمنع الإخوات من زيادة عدد مقاعدهم في المرحلة الثالثة من الانتخابات البرلمانية. رابعا : أي قاعدة نظرية وأي إطار فلسفي تتحدث عنه ؟ هل لحزبكم إطار فلسفي ؟ إذا كان الأمر كذلك فمن فضلك وضح لضعاف الفهم من أمثالي علنا نلحق بالركب الذي يعتمد علي المنطق والأساس العلمي، ولا نرى له أثرا في حياة المصريين على الأرض، وكل ما يعرفه لكم من إنجازات فلسفية هو ابتداع إطار فلسفي للقهر والتسلط والظلم وتطويرها لمدة ربع قرن بعد أن فشلت المرحلتان الناصرية والساداتية في تطوير أطرها التسلط الفلسفية خامسا: فيما يتعلق بضعف الأحزاب المدنية المصرية، ألستم مصممي أطر خوائها وتفريغها من الفعالية الشعبية وبث الوحدات التفجيرية بداخلها حسب الاستراتيجية؟ لماذا تتهرب من الأسباب وقد كنت مستشارا لهذه السياسة ؟ سادسا:يا سيدي لا تتكلم عن الفكر الليبرالي، ولا مقولة الشافعي، لأنك استخدمت المفهوم الأيدلوجي النفعي لتجميد الحياة السياسية وليس تحريرها كما تدعي سابعا: أي صحافة هذه التي تلعب دورا بارزا في ترسيخ أطر الديمقراطية كما جاء في مقالك؟ وما مستوي الصحة هذه الأطر الديمقراطية ؟ أهي الصحة من وجهة نظر السلطة الاستبدادية أم من وجهة نظر الشعب ؟ من فضلك عد إلى معدلات توزيع الصحف التي كانت قومية لتعرف مقدار مصداقيتها والدور الذي تلعبه ( في رأيك ) ؟ ثامنا: هل تتبني ما تقوله من ضرورة تمثيل جميع القوي السياسية في المجتمع فعلا وسلوكا ؟ أم أنه مجرد كلام الليل ...أم " هرطقة " ؟ تاسعا: أرجو أن تفعل ما تتقول به ولو لمرة واحدة " إن الأصل في الحياة السياسية هو القبول الكامل بالآخر والتحاور معه.. الخ" فمقالك يخالف فعلك ويؤكد أن ممارستك عكس ما تقول، ومن فضلك بلغ حزبك القابض على السلطة رغم فشله عدة عقود، بلغه بما تقول قبل أن تسوقه في المكان والزمان الخطأ. عاشرا وأخيرا : المعطيات التي تقول إنها جديدة ليست كذلك فهى هي القديمة ماعدا ماكياج النيولوك، وعلى النظام -وليس على قوي الشعب الأخري -أن يوفق أوضاعه وفق المتغيرات المجتمعية أولا والإقليمية والدولية ثانيا ، وأظن أنه بقليل من العقل وبقايا من أثر الضمير ستتوصل في قرارة وعيك إلى أن الحزب الذي رسب في جميع الاختبارات أعطي ما لا يملك لمن لا يستحق وليس العكس لأن ضمير أصحاب شركة حزب الاستهبال الوطني وُوري في وحل الفساد دون قراءة الفاتحة [email protected]