لم يكن أحد يتصور أن يصل الهوس الطائفي بالحكومة الطائفية في العراق ، ورئيس الوزراء العراقي إبراهيم الجعفري إلى حد أن يتم تجيير تأشيرات الحج التي تمنحها الحكومة السعودية للحجاج العراقيين لصالح حسابات سياسية ضيقة الأفق ، وأخطر من ذلك حسابات طائفية بحته ، وهو الأمر الذي كشفته تصريحات المسؤولين السعوديين ، كما أكدته تصريحات المعارضة العراقية ، التي أشارت إلى أن الجعفري ألغى نتائج قرعة الحج لكي يحرم الآلاف من أبناء السنة من أداء الحج بعد ظهور أسمائهم في قوائم القرعة ، وأدخل في الكشوف المسافرة أسماء غير التي تم اختيارها عن طريق القرعة ، وكلهم من الطائفة الشيعية ، وهو ما أكده المعارض العراقي عدنان الدليمي رئيس مؤتمر أهل العراق (السني) في تصريحات نشرتها صحيفة الشرق الأوسط نقلا عن حوارها معه في بغداد عبر الهاتف ، والتي قال فيها إن "رئيس الحكومة العراقية واللجنة المسؤولة عن الحج تتحمل في الدرجة الأولى مسؤولية عما حدث للحجاج العراقيين من ذل وإهانة حيث ينامون في الشوارع منذ خمسة أيام، والسبب عدم التزام الحكومة العراقية بمبدأ القرعة فأهملت من ظهرت أسماؤهم بالقرعة وأرسلت آخرين". وتساءل الدليمي قائلا "لماذا يرمي الجعفري أسباب مشكلة الحجاج على غيره، وعلى الحكومة السعودية بالذات، وهو الذي أصدر جوازات السفر الإضافية لأنصاره". وكانت المملكة العربية السعودية قد اعربت عن "استهجانها" من تصريحات رئيس الوزراء العراقي ابراهيم الجعفري الذي قال فيها ان المملكة لم تسهل دخول العراقيين الراغبين في تادية فريضة الحج في الاماكن المقدسة، معتبرة انه يسعى لاستخدام ورقة الحج لمعالجة "تردي مكانته السياسية داخل بلاده". ونقلت صحف سعودية أمس السبت عن مصدر مسؤول في وزارة الحج "استهجان المملكة لاستخدام رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته الحج كورقة يعالج بها تردي مكانته السياسية داخل بلاده وزجه بشؤون الحجاج لتحقيق مكاسب انتخابية". واضاف المصدر ان الجعفري "ترأس بعثة حج بلاده قبل توليه منصب رئيس الوزراء في العراق ويعرف حق المعرفة التفهم الكبير والجهد المنقطع النظير والمرونة الفائقة التي تبديها جميع الجهات المعنية بالحج في المملكة للتسهيل على الحجاج العراقيين". وكان الجعفري قد حاول التغطية على الفضيحة ببيان نشره الخميس الماضي يحمل فيه "الطرف السعودي "الذي "لم يكن واضحا في موقفه رغم اننا لا نريد الخلط بين المسار السياسي ومسار تعاطي السعوديين مع موسم الحج". وفي خلط لافت للأوراق قال : "ليتعاملوا مع الموقف كما تعاملنا معهم عندما كان السعوديون ولا زالوا يتصدرون قائمة الارهابيين الذين يأتون الى العراق ليقتلوا ابناءه فرقنا بين السعودية كشعب وكحكومة وبين هؤلاء رغم انهم سعوديون". وجاء تصريح الجعفري بعد اعلان مسؤول عراقي الثلاثاء ان قرابة سبعة الاف عراقي ينتظرون موافقة السلطات السعودية على السماح لهم بدخول اراضيها بعد ان منعت دخولهم بسبب تجاوز الحصة المتفق عليها بين البلدين. ويحدد عدد حجاج كل دولة على اساس قرار دول منظمة المؤتمر الإسلامي الذي حدد حصة كل دولة بألف حاج لكل مليون من سكانها المسلمين، مما سمح للعراق بارسال 27500 حاج. وكان المصادر السعودية قد أكدت ان عدد الحجاج العراقيين "زاد اكثر من الضعف عما كان عليه في سنوات حكم نظام صدام حسين، واعداد الحجاج العراقيين الذين قدموا لاداء فريضة الحج خلال العامين الماضيين زاد اكثر من 40% عن الحصة الرسمية" المقررة. وأضافت : ان "المملكة قبلت في العامين الماضيين تقديرات الجانب العراقي لعدد السكان بالرغم من المبالغة فيه"، واضاف ان السعودية "تعاملت بتعاون مع عدم قدرة السلطات العراقية المعنية بالحج وعلى رأسها السيد ابراهيم الجعفري على ضبط اصدار وثائق السفر للعراقيين الراغبين في الحج وعجزها عن توزيع تلك الوثائق بصورة عادلة منصفة بين فئات الحجاج العراقيين المختلفة وكيف كان كل ذلك يخضع للحسابات الفئوية والمناطقية وحتى المذهبية".