أكدت "تمارا ويتس"، الباحثة بمعهد بروكنجزالإنجليزى ومديرة مركز دراسات الشرق الأوسط ، أنه لا يوجد خيار"العودة إلى العمل" بالنسبة للعلاقات المصرية الأمريكية، موضحة أن التدخل المباشر للبيت الأبيض لن يكون بإمكانه تحويل القيادة المصرية عن مسار التدمير الذاتي الخاص بها. وأضافت "ويتس" أن عدم الاستقرار الذي يلوح في الأفق في مصر يتطلب أن تتخذ الولاياتالمتحدة خطوات الآن لحماية نفسها من الاعتماد على بلد لا يمكننا إنقاذه، على الأقل من الدوافع السيئة الخاصة بقيادته على حد تعبيره. وأوضحت "ويتس" أنه على الولاياتالمتحدة إجراء مراجعات لاستراتيجياتها في الشرق الأوسط، تلك الإستراتيجية التي تركز على الحفاظ على «مراسي» للاستقرار عبر الحفاظ على شركاء موثوق بهم سعيا إلى تحقيق الأولويات الأمريكية مشيرة بتصريحها لصحيفة نيويورك تايمز، بأن مصر لم تعد مؤهلة للعب هذا الدور. وتابعت ويتس قائلة" هذا لا يعني أنه لا يمكن للبلدين أن يواصلا العمل معا في تلك المناطق الضيقة التي يتوافقان فيها على المصالح والأولويات، والنهج" مضيفة بقولها " احتضان وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» لنظيره المصري «سامح شكري» خلال الأسبوع الماضي لا يمكنه إخفاء الحقائق" . وكانت " تمارا ويتس" ، قد كشفت فى 22 مارس الماضى ،عن تفاصيل رسالة وجهتها مجموعة العمل المعنية بالشأن المصري إلى الرئيس "أوباما" لحثه على الاعتراض علنا وسرا على الحملة التي يشنها الرئيس "عبدالفتاح السيسي" ضد العاملين في مجال حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني. وأضافت "تمارا ويتس" ،فى تقرير لديها ، بأنه في الشرق الأوسط المضطرب، تحتاج الولاياتالمتحدة إلى شركاء مستقرين وموثوق بهم من أجل مساعدتها على تحقيق أهدافها ،معربة عن أسفها بشأن معاناة مصر بنقصا في كل منهما لأكثر من ثلاثين عاما، حيث عملت مصر كمرساة للاستقرار وكشريك موثوق به للولايات المتحدة في تحقيق الأمن الإقليمي. وأشارت ويتس إلى إنه منذ وقت قيام الرئيس الأسبق «أنور السادات» بطرد المستشارين السوفييت وإبرام اتفاق السلام مع (إسرائيل)، كانت العلاقات مع مصر ركيزة أساسية للسياسة الأمريكية في الشرق الأوسط،مشيرة إلى إن طريق العودة قد بدأ فعليا في عام 2012 حيث إن الثورة المصرية قد أطلقت ما يمكن أن نسميه «وداعا طويلا» بين شريكين لم يكن لهما غنى عن بعضهما البعض في وقت سابق. ووصفت ويتس بأن العلاقة بين مصر وواشنطن تحولت من «العلاقة الخاصة» إلى علاقة أشبه ما تكون ب«الصفقة» تحمل 4 فوائد بالنسبة إلى واشنطن كالتالى :- أولا، فإن واشنطن لن تكون في موقف غير لائق يجبرها على دفع أموال دافعي الضرائب، حتى لو كانت تبدو مبالغ صغيرة مقارنة بالإطار الأوسع، إلى حكومة لا تتشارك مع الولاياتالمتحدة نفس القيم. ثانيا، أنه سيوفر فرصة لحدوث تغيير تشتد الحاجة إليه في نمط العلاقات العسكرية العسكرية بين البلدين والذي تقوم خلاله الولاياتالمتحدة بالدفع من أجل ضمان الخدمات التي تحتاج إليها مثل العبور عبر قناة السويس. ثالثا، أنها ستكون بذلك متوافقة مع اللحظة التي يتم فيها تمكين المصريين والذين لا يرغب الكثير منهم في الحصول على مساعدة الولاياتالمتحدة إما لكونهم يعتقدون أنها في الواقع تقف في طريق التحول الديمقراطي أو لكونهم يعتقدون أن المساعدة الأمريكية لا يمكنها أن تمس جوهر حياتهم. وأخيرا، فإنه سيتم تحرير الأموال الأمريكية من أجل مساعدة آخرين قد يرغبون بالفعل في مساعدة واشنطن مثل التوانسة أو المغاربة، أو بعض دول جنوب الصحراء الكبرى التي ستكون ممتنة للغاية للحصول على المساعدات الإنمائية. وألمحت ويتس إلى إنه تعاقبت على مصر ثلاث حكومات مختلفة وقد خسرت مكانتها كقائد سياسي وأمني في المنطقة في حين انسحبت الولاياتالمتحدة من العراق وبدأت تفعل الشيء نفسه في أفغانستان، في حين تتقاسم أعباء معركتها الجديدة ضد «الدولة الإسلامية ،مشيرة إلى إن كل هذه التحولات تسهم أكثر في تعزيز فرضية العلاقات الأكثر بعدا (الأكثر شبها بالصفقة) ما بين الولاياتالمتحدة ومصر. و أضافت ويتس بأنه من أن تولى الرئيس السيسى حكم البلاد اتخذ العديد من القرارات التي تقوض كل من الاستقرار الداخلي في مصر وأهداف السياسة الأمريكية الرئيسية في المنطقة التى رصدتها وتس كالتالى:- (1) فشل «السيسي» في المضي قدما في خطة الإصلاحات الاقتصادية الموصى بها من قبل بعض الأصوات الداخلية والحلفاء الإقليميين والجهات المانحة الدولية، وقد ترك بلاده تعاني دوامة من انكماش الاحتياطات النفطية وهروب رأس المال وانخفاض قيمة العملة التي تهدد معا قدرة الحكومة على استيراد الغذاء اللازم والمواد الطبية والقيام بمهامها الأساسية. (2) تسببت حملة «السيسي» لمكافحة الإرهاب في سيناء في إثارة نيران التطرف العنيف الذي يهدد أمن كل من مصر و(إسرائيل) وفي الوقت نفسه. (3) تسبب الاستقطاب السياسي الشديد والقمع الذي لا هوادة فيه منذ عزل مرسى فى 3 يوليو لعام 2013 في إنتاج آثار مزعزعة للاستقرار، وهي مفصلة في أحدث رسالة للفريق المعني بالشأن المصري والتي تم إرسالها إلى الرئيس «أوباما». وإليكم نص الخطاب الذى أرسلته الجهات الأمريكية المعنية بحقوق الإنسان إلى الرئيس أوباما للمطالبة باعتراض الرئيس عبد الفتاح السيسى :- نص الخطاب السيد الرئيس نحن نكتب لكم اليوم كي نحثكم على التحدث بشكل مباشر إلى الرئيس المصري «عبد لفتاح السيسي» والتعبير له، في السر والعلن على حد سواء، عن اعتراضكم على حملته المتسارعة ضد حقوق الإنسان بما في ذلك التحركات الأخيرة لملاحقة منظمات المجتمع المدني. لقد كنت محقا حين أعلنت في سبتمبر 2014 أن دعم الولاياتالمتحدة للمجتمع المدني هو مسألة تتعلق بالأمن القومي، ولا يوجد مكان يمكن أن يكون فيه هذا الأمر أكثر صحة الآن من مصر. تأتي حملة الرئيس «عبد الفتاح السيسي» ضد المجتمع المدني في وقت تشهد فيه مصر انتهاكات غير مسبوقة من قبل قوات الأمن المصرية، بما في ذلك عمليات القتل خارج نطاق القضاء، واحتجاز عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، واستخدام موثق واسع النطاق للتعذيب وحالات الإخفاء لقسري لمئات المصريين. مقتل الطالب الإيطالي «جوليو ريجيني»، الذي ظهر على جانب الطريق بالقرب من القاهرة بعد أسبوع من اختطافه في أواخر يناير وعلى جسمه آثار للتعذيب، قد اجتذب الكثير من الاهتمام الدولي ولكن الكثير من المصريين قد لاقوا نفس المصير منذ صعود الرئيس «السيسي» إلى السلطة. في يوم 24 مارس ، قامت محكمة مصرية بالاستماع إلى طلب لتجميد الحسابات المصرفية والأصول الأخرى لاثنين من الناشطين ذوي السمعة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان هما «حسام بهجت» و«جمال عيد»، جنبا إلى جنب مع جنبا إلى جنب مع أفراد من عائلة «عيد». السيد «بهجت» والسيد «عيد» وناشطين آخرين قد يقفون قريبا قيد المحاكمة بتهمة قوبل تمويل أجنبي بطريقة غير شرعية وهي التهمة التي تتنافى مع حقهم في حرية تكوين الجمعيات، وقد يواجهون عقوبة تصل إلى 25 عاما من السجن. الإجراءات الوشيكة هي خطوة رئيسية ضمن حملة السلطات المصرية لسحق فلول المجتمع المدني ومجتمع حقوق الإنسان المستقل في مصر. وقد ذكرت وسائل الإعلام المصرية مؤخرا أن العشرات من المنظمات هي قيد التحقيق الجنائي، نظرا لعملها السلمي في رصد الانتهاكات وتعقيد موقف الحكومة المصرية أمام التزاماتها الدستورية والحقوقية. في الأسابيع الأخيرة، أمرت السلطات المصرية بإغلاق منظمة بارزة مناهضة التعذيب تدعى مركز النديم. وقد تم استدعاء عدد من موظفي حقوق الإنسان للتحقيق معهم، كما تم منع عدد من نشطاء حقوق الإنسان البارزين من السفر خارج البلاد في انتهاك للدستور المصري، وتمت مضايقة وتهديد العديد منهم بالاعتقال والعنف. بينما تواصل وسائل الإعلام نشر انتقادات لاذعة للمدافعين عن حقوق الإنسان وتصويرهم على أنهم خونة وعلى أساس كونهم يمثلون تهديدا أمنيا. إذا ما سمح لهذه الحملة حتى تصل إلى نهايتها، فإنه سيتم إسكات مجتمع حقوق الإنسان المصري الذي نجا من 30 عاما من الحكم الاستبدادي وسوف يترك المصريين دون أي جهة قادرة على التحقيق في الانتهاكات المتصاعدة من قبل الدولة. الهجمات الحالية على المدافعين عن حقوق الإنسان في مصر هي استمرار لنفس المحاكمة الجنائية للمنظمات غير الحكومية الأمريكية والألمانية العاملة في مصر التي بدأت في عام 2011. هذا الادعاء كان قد تم دفعه من قبل كبار أعضاء الحكومة المصرية الذين لا يزالون يحتفظون بمناصبهم الرفيعة إلى اليوم، وقد أسفر عن إدانات جنائية في يونيو عام 2014 في محاكمة معيبة للغاية، شملت 43 من موظفي المنظمات غير الحكومية المصرية والدولية بما في ذلك 17 من المواطنين الأمريكيين. الرئيس «السيسي»، الذي كان رئيسا للمخابرات العسكرية في عام 2011 عندما شنت الحكومة العسكرية المصرية التحقيق، قد رفض طلبات متكررة لإعادة النظر في الإدانات. في حين أن الحملة الحالية تستهدف في المقام الأول المنظمات المحلية، فإن هناك دلائل تشير إلى أن المنظمات غير الحكومية الدولية قد تواجه ضغوطا متزايدة أيضا، حتى بعض المنظمات التي لا تمتلك مكاتب أو موظفين يعملون في مصر في الوقت الراهن. في 20 مارس ، نشرت صحيفة المصري اليوم المصرية أسماء أكثر من 150 فردا ومنظمة مجتمع مدني قيد التحقيق بتهمة تلقي تمويل أجنبي بما في ذلك منظمات أمريكية وأوروبية بارزة مثل مركز المشروعات الدولية الخاصة، مركز التضامن، الشفافية الدولية، مؤسسة أنقذوا الأطفال، خدمات الإغاثة الكاثوليكية، كير، أميدست، المعهد الديمقراطي الوطني، والمعهد الجمهوري الدولي. سيدي الرئيس في مذكرتكم الرئاسية بخصوص المجتمع المدني الصادرة في سبتمبر من العام 2014، فقد تعهدتم بأن الحكومة الأمريكية، بما في ذلك شخصكم، سوف تقف بحزم ضد أي ضغوط تواجهها مؤسسات المجتمع المدني من قبل حكوماتها. في حين أن السنوات الخمس الماضية كانت صاخبة ومثلت تحديا كبيرا لسياسة الولاياتالمتحدة تجاه مصر، فإن هذه هي آخر لحظة حاسمة بالنسبة للولايات المتحدة، وهي لحظة اختبار لتعهدها بالوقوف إلى جوار المجتمع المدني. ونحن نظن أن تصريح وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» الذي أعرب فيه عن قلقه في 18 مارس هو موضع ترحيب، ولكن هناك حاجة ملحة لاتخاذ مزيد من الإجراءات. توضح الممارسات السابقة أنه عندما تتحدث حكومة الولاياتالمتحدة بشكل واضح، وبصوت واحد، وباستمرار، حول حرية المنظمات غير الحكومية وحقوق الإنسان في مصر، فإن الحكومة في القاهرة سوف تصغي. من الضروري أن تقوم بالعمل على الدفاع عن حقوق الإنسان، وحرية تكوين الجمعيات، وحقوق كل من منظمات المجتمع المدني المصرية والدولية. يجب أن توضح بشكل لا لبس فيه للرئيس «السيسي» أن استمرار الاعتداءات على المجتمع المدني، بما في ذلك التحرش بالمنظمات الأمريكية سوف يجعل يصعب من جهود إدارة التعاون حول مجموعة من القضايا بما في ذلك جهود إدارتكم تعزيز الاستثمارات الأمريكية في مصر، و توفير المساعدة المالية للحكومة والجيش المصري. إذا استمرت الحكومة المصرية في السير على طريق تدمير المجتمع المدني الخاص بها، فإن استمرار الدعم والمساعدة الأمريكية سوف يصبح مستحيلا من الناحيتين المبدئية والعملية.