"من كان يستطيع شراء 10 كيلوجرامات من اللحوم بمبلغ ألف جنيه لن يستطيع شراء الكمية نفسها بعد انخفاض القيمة الشرائية للألف جنيه لتصبح 850 جنيهاً، والأمر نفسه ينطبق على من قام بشراء شهادات قناة السويس بفائدة 12% ثم انخفض الجنية 14.5%"" هكذا علق المحلل الاقتصادي عبد الحافظ الصاوي على قرار محافظ البنك المركزي المصري، بخفض سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار بالبنوك، بمقدار جنيه و12 قرشاً، ثم خفضه 10 قروش أخرى، ليرفع بذلك سعر صرف الدولار إلى 8.95 جنيهات للدولار الواحد، مقابل 7.73 جنيهات قبل القرار. وأضاف الصاوى ، فى تصريحات هافينتجون بوست ،أن سعر الجنيه سيشهد انخفاضات أخرى ولن يتوقف عند هذا الحد، ما يعني تقلص فوائد البنوك بالجنيه عموماً، لأن قيمته تقل حتى ولو زادت الفوائد. وتابع الصاوى "انخفاض سعر الجنيه، عرضٌ لمرض، وما لم تعالج المشكلة من جذورها، سيستمر انخفاض قيمة الجنيه في ظل تخلي اقتصاد مصر عن قواعده الإنتاجية وعدم إصلاحها، وتشجيع المضاربات في مجال العملات الأجنبية، أو الأراضي والعقارات، أو البورصة”. ولهذا، يرى الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، ضرورة زيادة سعر الفائدة على شهادات قناة السويس إلى 15% لأن قيمة الجنيه في قوته الشرائية وليست الورقية، وبعد رفع سعر الدولار انخفضت قيمة الجنيه". انخفاض الرواتب ولأن قوة الجنيه الشرائية انخفضت بعد ارتفاع سعر الدولار، يمكن القول إن الراتب الحقيقي لكل مصري نقص بنفس النسبة – 14.5% - مع ضعف الرواتب بشكل عام في مصر من الأساس، وهو ما يزيد الأعباء على المواطن المصري. هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي، الدكتور معتز إبراهيم، الذي يشير إلى أن هذا الانخفاض التاريخي في سعر العملة المصرية، سيؤدي إلى ارتفاع ضخم في الأسعار، سواء الواردات أو السلع المحلية. رفع أسعار السلع الأثر الثالث المتوقع لانخفاض سعر الجنية مقابل الدولار هو زيادة أسعار السلع وارتفاع نسبة التضخم بصورة لا تقل عن 10% على الأقل بحسب البنك المركزي، وقد تزيد عن 20% بحسب تقديرات تجار السلع المستوردة. وأوضح المركزي، في بيان على موقعه الإلكتروني، أن "السياسة النقدية للبنك المركزي تهدف إلى المحافظة على استقرار الأسعار بحيث لا يتجاوز معدل التضخم 10% في الأجل المتوسط للحفاظ على القوة الشرائية (للجنيه)". وكان معدل زيادة أسعار المستهلكين (التضخم) ارتفع 1.1% على أساس شهري في فبراير/ شباط الماضي مقارنة بيناير/ كانون الثاني، لكنه انخفض على أساس سنوي إلى 9.5% في كل مصر، من 10.7% في يناير/ كانون الثاني. وجاء قرار المركزي برفع الفائدة في البنوك، إلى 10.75% للإيداع، و11.75% للاقتراض، بعد 3 أيام من قراره خفض الجنيه أمام الدولار 112 قرشاً، بهدف "السيطرة على توقعات التضخم". لذلك يرى المحلل الاقتصادي ممدوح الولي، أن ما تعلنه الحكومة من أن خفض قيمة الجنيه بنسبة 14% أمام الدولار، لن تقابله زيادة في أسعار المواد الغذائية "وهمٌ وغير حقيقي". ويقول الولي إن "تثبيت الأسعار المصرية وعد لن يتحقق... لأنه عندما تنخفض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار بتلك النسبة الكبيرة، فإن ذلك يعني زيادة تكلفة استيراد السلع على الأقل بالنسبة نفسها، هذا بخلاف الجمارك وتكلفة النقل، وهوامش الربح خلال عمليات الوساطة المتعددة”. ويتوقع الولي أن يلحق الوعد بتثبيت أسعار السلع الغذائية رغم ارتفاع الدولار، بوعد سابق في بداية نوفمبر الماضي بخفض أسعار السلع بنهاية الشهر، ثم مدّ أجل الوعد إلى نهاية شهر ديسمبر، وهو ما لم يحدث، بل على العكس زادت أسعار السلع. ويشير الولي إلى أن قيمة الجنيه تراجعت بنسبة %28 منذ تولي عبدالفتاح السيسي السلطة في أوائل يوليو 2013 .. "حيث كان سعر الصرف الرسمي 6.99 جنيهات للدولار، والآن وبعد 32 شهراً ونصف، ومساعدات الخليج التي تم تقديمها لمصر، بلغ السعر الرسمي 8.95 قروش، بتراجع 28%، ما أثّر سلباً على ارتفاع الأسعار وتكلفة الواردات وعلى عجز الموازنة". وتستورد مصر معظم احتياجاتها الأساسية، حيث بلغ إجمالي وارداتها نحو 80 مليار دولار في عام 2015، فيما يبلغ معدّل التضخم السنوي في مصر نحو 10%. وبحسب تصريحات رئيس شعبة المستوردين بالغرفة التجارية في القاهرة أحمد شيحة لصحيفة الشروق المصرية، فإن خفض قيمة الجنيه قد يؤدي إلى رفع أسعار السلع المستوردة بما بين 35 و 40%، وهو ما توقّعته صحف "الوفد" و"اليوم السابع" في عناوين رئيسية تقول: "موجة غلاء قادمة".