تجاوز الرئيس السورى بشار الأسد الخطوط الحمراء التي وضعها له الرئيس الروسى فلاديمير بوتين في 3 حالات على الأقل ليأخذ بوتين قرارا بسحب القوات العسكرية من سوريا. كانت المرة الأولى - بحسب ما رصدتها دورية ميدل إيست بريفينج – من تجاوز الخطوط الحمراء مع الروس عندما قال الأسد في مقابلة إن هدف نظامه في نهاية المطاف هو استعادة كل من سوريا، بما في ذلك جميع المساحات الشاسعة من الأراضي الواقعة تحت سيطرة المعارضة أو الجماعات الجهادية مثل «الدولة الإسلامية». «بغض النظر عن استطاعتنا فعل ذلك من عدمه، فإن هذا هو الهدف الذي نسعى إليه دون تردد. سوف يكون من غير المنطقي بالنسبة إلينا أن نتخلى عن أي جزء». ومن جانبهم، لم يستغرق الروس وقتا طويلا للرد. بعد أيام قليلة من مقابلة «الأسد»، حيث طلبت موسكو من الرئيس السوري صراحة أن يتبع القيادة الروسية في مساعيها لحل الأزمة في البلاد، بتصريح: "استثمرت روسيا على محمل الجد في هذه الأزمة، سياسيا ودبلوماسيا، والآن أيضًا عسكريا. وبالتالي فإننا نود من الرئيس السوري بشار الأسد مراعاة ذلك"، وفقا لما جاء على لسان مبعوث موسكو لدى الأممالمتحدة «فيتالي تشوركين»، بحسب ما ذكر موقع الخليج الجديد. وأضاف «تشوركين» بالقول: «لقد سمعت التصريح المتلفز للرئيس الأسد وهو يناقض بوضوح العملية الدبلوماسية الروسية. هناك عملية فيينا، وهناك الاتفاق الأخير للمجموعة الدولية لدعم سوريا الذي تم التوصل إليه في ميونيخ والذي يشمل وقف إطلاق النار ووقف النشاط العسكري في المستقبل المنظور. ونحن نعمل على ذلك الآن». وجاء التجاوز الثاني للأسد لخطوط صفقته مع «بوتين» في شكل موقفه المتحدي للمسار الدبلوماسي حيث جاء هذا الموقف الغريب للنظام عبر تصريحات وزير الخارجية السوري «وليد المعلم» قبل يومين فقط من بدء محادثات جنيف. ووفقا لوزير «الأسد»، «وليد المعلم»، فإن الحكومة قد صارت أقرب إلى النصر، وعلى المعارضة ألا تأمل أن تحقق من خلال المحادثات ما فشلت في تحقيقه عسكريا مضيفا بقوله «وفدنا سيغادر إلى جنيف غدا. سننتظر 24 ساعة، وإذا لم يكن أحد هناك، فسوف نعود. إذا كانوا (المعارضة) ستستمر في هذا النهج (رحيل الأسد)، فإنهم ليس لديهم سبب للقدوم إلى جنيف». وجاء الانتهاك الثالث لصفقة «الأسد» وروسيا في شكل استمرار العمليات العسكرية من قبل قوات النظام في حين كانت المعارضة، بشكل عام، متمسكة بشروط اتفاق وقف الأعمال العدائية. في نفس الوقت، وفي المملكة العربية السعودية، كان وزير الخارجية الأمريكي يعرب عن قلقه بأسلوبه الدبلوماسي المعتاد. «لقد قلنا بشكل واضح أن نظام الأسد لا يمكن استخدام هذه العملية كوسيلة لاستغلال الوضع عندما يحاول الآخرون بحسن نية الالتزام به. وهناك حدود لصبرنا فيما يتعلق بذلك. نحن نعول على الروس والإيرانيين على النحو المتفق عليه، ليقوموا بدورهم لدفع نظام الأسد للانضمام إلى الاتفاق». وقد كان هذا التحول نحو التشدد في التعامل مع المحادثات مهددا للمسار الدبلوماسي برمته. وأضافت الدورية الإنجليزية بأن هناك تفسيران رئيسيان ومتعارضان ظهرا الفور في أعقاب إعلان الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» قراره في 14 مارس ببدء سحب قواته من سوريا: (1) إما أن تكون روسيا تمارس ضغوطا على «الأسد» وإيران لخفض سقف توقعاتهما في محادثات جنيف المرتقبة مع المعارضة. (2) أن يكون الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» يقدم عرضا مسرحيا ليظهر للغرب والعالم أنه صادق في الضغط من أجل التوصل إلى حل سياسي، في حين أنه يخطط لاستئناف عمله العسكري في سوريا بطرق مختلفة. وبعبارة أخرى، فإنه إما أن يكون «بوتين» جادا فعلا أو أنه يخرج لنا أحد الحيل الأخرى من جعبته. لا يمكن لكلا الافتراضين أن يكونا محقين، لا بد أن يكون أحدهما على الأقل خطئا، أو أن كليهما مخطئين. وهناك أدلة يمكن أن تدعم كلا الافتراضين. على الجانب الذي يميل إلى اعتبار قرار «بوتين» أكثر مسرحية، فإن «بوتين» قد حافظ بالفعل على بقاء المكونات الأكثر فاعلية من حملته العسكرية في سوريا في مكانها هناك وعلى رأسها منطومات الدفاع الصاروخي «إس - 400» والمستشارين العسكريين، في حين يجعله قرار سحب قواته يبدو بمظهر إيجابي على أنه يستجيب إلى وقف إطلاق النار ويتعاون مع الجهود الدبلوماسية الرامية للتوصل إلى حل سياسي. أما في جانب الافتراض الأول، فإن سياق قرار الرئيس الروسي يوفر تفاصيل مهمة. ولكن في أعقاب أحداث الأسابيع القليلة الماضية، فإن التفسير الأكثر احتمالا لقرار «بوتين» قد يكون توليفة من كل من الافتراضات الممكنة. خلال الأسابيع القليلة الماضية، قبل الحديث عن جنيف، كان من الواضح أن «الأسد» وإيران قد اتخذوا بعض الخطوات لخدمة مصالحهم الذاتية، والتي ربما أثارت بعض علامات الاستفهام في الكرملين. قامت إيران من بعض الجنرالات الحرس الثوري ووحدات النخبة من سوريا في أعقاب ارتفاع معدل الإصابات بين الضباط الإيرانيين هناك. واختتمت الدورية تحليلها الصحفى، بإن مصير اللعبة في سوريا سوف يتم تحديده بين «كيري» و«لافروف» من خلال تقسيم سوريا بحكم الأمر الواقع أيا كان المسمى الذي سيتم إخراجه لهذا التقسيم، سواء فيدرالية أو حكومة لا مركزية أو حكم ذاتي. ولكن ستكون مهمة كل وزير خارجية أن يقوم بالسيطرة على حلفائه. وألمح التحليل إلى إن هذه هي لحظة الحقيقة بالنسبة للأسد لافتا إلى إن إيران بمفردها ليس لديها ما يلزم من أجل حفظ رئاسة الأسد السيادية للغاية ليتحدد دور الإيرانيون فقط من أجل التوسط بين «الأسد» و«بوتين».