7000 مواطن مدنى بمصر، أحيلوا للقضاء العسكرى، منذ يوليو 2013، ما قالته المنظمة العربية لحقوق الإنسان فى أوروبا من بينهم من أحيلوا للإعدامات مؤخرًا فى القضية المعروفة "استاد كفر الشيخ ليواجهوا شبح مصير متهمى عرب شركس، موضحة أن محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية تشكل انتهاكًا جسيما للدستور المصرى والقوانين الدولية وإهدارًا للحق فى المحاكمة العادلة.. "المصريون"، اقتربت من المحاكمين عسكريًا وحاورت ذويهم عن قرب لترصد حكاويهم فى تلك السطور.. 16 عامًا.. حكم عليه بعشر سنوات فى دقائق "م.ع"، طفل لا يتجاوز عمرة السادسة عشر وهو طالب فى الصف الثالث الإعدادى، ألقى القبض عليه أثناء سيره فى شارع الهرم عقب انتهائه من درس مدرسي، لكنه من سوء حظه كانت هناك مسيرة مناهضة للسيسى تسير بشارع الهرم، وأثناء فض التظاهرة من قبل رجال الأمن تم إلقاء القبض عليه ضمن المتظاهرين. وعقب ذلك تم تحولية للنيابة العسكرية بتهمة صناعة متفجرات وقلب نظام الحكم وصدر ضده الحكم من الجلسة الأولى بعشر سنوات. عشر سنوات فى قضية واحدة من عشر قضايا "ه.م" رب أسرة لطفلين وزجة، جريمته الكبرى إنه مناهض لحكم الرئيس عبد الفتاح السيسى، فاعتبره جيرانه إخوانيًا وقاموا بالإبلاغ عنه فقام بالهرب من منزله تاركا زوجته وأولاده لينجوا من يد الأمن، لكنه لم يفلت منهم وألقى القبض عليه وهو نائم من المنزل الهارب إليه. "ه.م" متهم فى قضية بناء خلية إرهابية بمنطقة الجيزة وإدخال أسلحة لمعتصمى النهضة وقلب نظام الحكم وعشر قضايا أخرى. وتم تحويله للنيابة العسكرية حكم عليه بعشر سنوات فى قضية واحدة فقط. ويروى "ه.م"، أنه يتعرض لانتهاكات بالغة من قوات الأمن داخل المعتقل. طفل لا يتعدى ال5 سنوات لن يفلت من المحاكم العسكرية لم ينج الطفل منصور، الذى لا يتعدى الخامسة من عمره، من القضاء العسكرى وهو أصغر طفل حكم القضاء العسكرى له بالمؤبد، حيث حكمت محكمة غرب القاهرة على الطفل يدعى منصور قرنى أحمد علي، عمره 3 سنوات و5 أشهر فقط، بالسجن المؤبد، بتهمة قتل 4 مواطنين والشروع بقتل 8 آخرين، وتخريب ممتلكات عامة، أثناء تظاهرة فى محافظة الفيوم. أحمد الغزالى محكوم عليه بالإعدام بسبب مشروع أحمد أمين الغزالى 24 عامًا، وأحد ضحايا المحاكم العسكرية، أحمد خريج كلية دار العلوم جامعة القاهرة، محكوم عليه بالإعدام وتمت إحالة أوراقة للمفتى هو و12 من زملائه، بسبب مشروع "محاكاة ميدان التحرير" من ابتكاره. وتم القبض عليه فى 2015 وإخفاؤه قسريًا لمدة 44 يومًا تعرض فيها للتعذيب، بحسب تصريحات أهلة، ثم ظهر مرة أخرى وتحول إلى النيابة العسكرية بتهمة ابتكاره لمشروع تنمية وتجميل ميدان التحرير. وتقول والدته: "ابنى اتبهدل واتعذب كتير وتم إخاؤه قسريًا لمدة 44 يوما وهو بيتعذب ولما ظهر وروحت عشان أشوفه اتخضيت من المنظر عشان لقيته خاسس أوى وتعبان وبقى عامل زى العظم وفى الآخر اتحكم عليه بالإعدام فى تهمة هو معملهاش". إعدامات قضية "استاد كفر الشيخ" عرب شركس ثانية قد يتكرر مشهد الدماء على ملابس الشباب الذي أُعدم رميًا بالرصاص، فى القضية المشهورة "عرب شركس" والتى حكم فيها القضاء العسكرى على 8 شباب بالإعدام، مرة أخرى فى قضية استاد كفر الشيخ. حيث حكمت المحكمة العسكرية بالإسكندرية، يوم 2 مارس بإعدام سبعة مواطنين، ضمن القضية رقم 22 لسنة 2015 جنايات عسكرية طنطا والمعروفة إعلاميًّا بقضية "استاد كفر الشيخ". وتعود الواقعة إلى 15 إبريل الماضي، حيث تم تفجير عبوة ناسفة بغرفة ملاصقة لبوابة الاستاد الرياضى فى مدينة كفر الشيخ، وأمام مكان تجمع طلبة الكلية الحربية للسفر للقاهرة، ما أدى لمقتل ثلاثة طلاب وهم على سعد ذهني، ومحمد عيد عبدالنبى، وإسماعيل محمود عبد المنعم. وعدد المتهمين في هذه القضية 16 متهمًا، محبوس منهم 8 حاليًا محكوم عليهم بالإعدام وفى انتظار تنفيذ الحكم فى أى لحظة. وهم صلاح عطية الفقى، كبير الأطباء البيطريين بكفر الشيخ، فرحات فؤاد الديب مدير عام بالتربية والتعليم، والمهندس عمار أسامة الحسينى، وأحمد السيد عبد الحميد منصور مهندس زراعى، ولطفى إسماعيل خليل، وأحمد عبد الهادى السحيمى، عبد الناصر عنتر، وأحمد عبد المنعم. وجميع المحكوم عليهم بالإعدام كانوا مختفين قسريًا وثبت ذلك بمحاضر رسمية. فيما قالت والدة لطفى إسماعيل خليل، أحد المتهمين بقضية كفر الشيخ، إن نجلها اختفى قسريًا فى 19 إبريل الماضى لمدة 76 يومًا، ولم تره إلا بعد نقله لسجن طنطا، موضحة أنها وجدت على جسده آثار تعذيب. ونقلت رواية ابنها عما جرى له، قائلة: "إنهم غطوا عينيه طوال فترة احتجازه، وكان يتعرض للتعذيب، للاعتراف بالاشتراك فى تنفيذ تفجيرات الاستاد". وتابعت: "بعد إلقاء القبض عليه، داهمت قوات الأمن المنزل أربع مرات"، مشيرة إلى أن نجلها أحيل للمحاكمة العسكرية، وتم تهديده بأسرته للاعتراف فى القضية. وأضافت قائلة: "ابنى اتهدد أنه هيتصفى برصاصة فى رأسه، كان أحسن له من العذاب اللى شافه، وفى النهاية حكموا عليه بالإعدام". وروت زوجة فرحات الديب أحد المحكوم عليهم بالإعدام فى القضية:"زوجى بالغ من العمر 60 عامًا، وهو مريض بالكبد والضغط والسكر، متسائلة؟! كيف يمكنه بحالته الصحية المشاركة فى زرع عبوة وتفجيرها"، موضحة أنه منع عنه العلاج لمدة 3 أشهر. لا للمحاكمات العسكرية: الدولة تتواطأ ضد الشباب أشارت سارة الشريف، عضو فى "لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين" إلى أنه بعد 4 سنوات من محاولة وقف المحاكمات العسكرية، أصبح المطلب هو وقف عقوبة الإعدام الصادرة عن محكمة عسكرية. وأكدت "شريف"، أن الجميع تواطأ على من تم تحويلهم للمحاكمات العسكرية منذ ثورة 25 يناير، وأشارت إلى أن من نفذت الإعدامات بحقهم لا يمكن تعويضهم بشيء. حقوقيون: هناك ما يقرب من 7000 مدنى محال للقضاء العسكرى قال محمد أبو ذكرى، الحقوقي، إن هناك ما يقرب من 7000 مواطن مصرى تم تحويلهم للقضاء العسكرى، وذلك عقب ثورة 30 يونيو عام 2013. وأكد "ذكرى"، فى تصريحات خاصة، أن القضاء العسكرى أصبح بديلًا للنيابات العامة، حتى إن القضايا العائلية يتم تحوليها للعسكري، قائلًا:" هذا أصبح أمرًا طبيعيًا بعد الإطاحة بنظام الإخوان". وتابع، أن أى فرد مر من أمام منشأة عسكرية أو معسكر من الممكن أن يتم تحولية للقضاء العسكرى، لأقل تهمة قد تكون، مشيرًا أن القضاء العسكرى هو من جعل الباب مفتوح للدرجة التى جعلته يصبح هو القضاء الأصلى. فيما قال تامر على، المحامى والحقوقى بمركز هشام مبارك للقانون، إن الدساتير منذ دستور 71، توسعت فى محاكمة المدنيين عسكريًا، ما أخل بعدالة المحاكمات، منوهًا بأن الأعوام الثلاثة الماضية شهدت محاكمة مواطنين عددهم 5 أضعاف من نظائرهم تحت حكم مبارك. جمال عيد: المحاكمات العسكرية غير عادلة قال الحقوقى جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات الإنسان، إن إحالة المدنيين للقضاء العسكرى له العديد من التداعيات السلبية لأن ذلك يؤدى إلى وقوف المواطن أمام محكمة عسكرية وليست محكمة مدنية وذلك يؤدى إلى انتقاص حقوقهم من جانب دولتهم. وأكد "عيد" فى تصريحات خاصة ل"لمصريون" أن القضاء العسكرى ليس بديلاً للنيابات العامة ولكنه أشد لأن محاكماته تعد غير عادلة.