بدأت الخلافات الكبيرة بين الحوثيين والرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، تطفو على السطح، في ظل التحركات الفردية التي يخطوها كل طرفٍ بمعزل عن الآخر، وتحديدًا المفاوضات التي تجري الآن بين الحوثيين والحكومة السعودية، والتي يشارك فيها ضباط من الجانب السعودي وعدد من القادة البارزين في الجماعة الحوثية على رأسهم الناطق الرسمي باسم الحوثيين محمد عبدالسلام ومهدي المشاط مدير مكتب زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي. ويؤكد خبراء في الشأن السياسي اليمني، أن صالح بات يخشى من تقديمه وحزبه كبش فداء لأي اتفاق قادم، بين السعودية والحوثيين، خاصة بعدما بدأ الطرفان في تجاهل التشاور معه، حول سبل التهدئة السياسية والخروج من الأزمة، وهو ما يبرر سعيه إلى إفشال الحوار من خلال توجيه قواته المتواجدة بمحافظة حجّة على الحدود مع السعودية إلى خرق الهدنة التي يشهدها الشريط الحدودي منذ ذهاب وفد حوثي لمقابلة مسؤولين سعوديين.
لكن المحلل السياسي اليمني عبدالباقي شمسان أكد في تصريحات ل"العرب اللندنية"، أن العلاقة بين صالح والحوثيين متوترة بطبعها، وأن الرئيس السابق كان يتوقع أن يتخلى عنه الحلفاء المرتبطون بإيران، بل وكان يشعر دائما بأنهم يوظفون قدراته العسكرية ويستغلونه لفرض حكمهم قبل أن ينقلبوا عليه.
وأكد شمسان أن هناك "فك ارتباط" غير معلن بين الطرفين، بعدما تأكد أن صالح استنفد كل أوراق القوة التي كانت لديه وفقد الثقة من قبل الدول الراعية للمسألة اليمنية وخاصة السعودية التي لم تبد أي تفاعل مع دعواته للحوار، أو مبادراته بمخاطبة المتمردين للقبول بالقرار 2216 الذي يفرض عليهم الانسحاب من المدن وتسليم أسلحتهم، في محاولة منه لاستعادة رهان السعودية عليه مجددا، لكن السعوديين سدوا الأبواب أمامه قبل أن يفتحوها أمام الحوثيين الذين عرفوا أن الطريق إلى استرضاء الرياض يكمن في التبرؤ من إيران وإعلان قبولهم بالقرار الدولي 2216.
واعتبر المحلل السياسي اليمني عبدالله إسماعيل أن الأحداث أكدت أن تحالف الحوثيين مع صالح حمل أهدافا متباينة ولم يرتق إطلاقا إلى التحالف الاستراتيجي، لافتا إلى أن الحوثيين لم ينظروا إلى صالح كشريك حقيقي ولكن كعدو مؤجل سيأتي وقته بعد زوال الحاجة إليه.
وأضاف إسماعيل أن تفاهمات الحوثيين مع الرياض ليست الحادثة الأولى التي أربكت تحالف الحوثي وصالح بل برزت التباينات في أكثر من مناسبة ومنها الاجتماعات التشاورية في مسقط وجنيف، والزيارات الحوثية المنفردة إلى دول الحلف الروسي السوري، وأيضا ما صرح به صالح من رغبته في التحاور منفردا مع السعودية وهو ما قوبل حينها بهجوم من الحوثيين.
وكان الحوثيون قد بدأوا بتقديم تنازلات وصفت بغير المسبوقة من خلال قيامهم بنزع الآلاف من الألغام التي قاموا بزرعها في المناطق الحدودية، كما سمحوا لقوافل الإغاثة بتوزيع مساعدات إنسانية في محافظة صعدة، وهو الأمر الذي أثار حفيظة الرئيس السابق وأنصاره الذين باتوا يشعرون بوجود صفقة قادمة قد يكونون هم الطرف الأضعف فيها.
ويقوم المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد بجولة في عدد من العواصم الخليجية، لبحث إمكانية استئناف الحوار بين الفرقاء اليمنيين. وتأتي مساعي المبعوث الدولي الجديدة، بعد زيارة الوفد الحوثي إلى السعودية وسريان الهدنة على الحدود.
واعتبر المتحدث باسم قوات التحالف العربي العميد أحمد عسيري الأربعاء أن العمليات العسكرية الكبيرة التي يقوم بها التحالف في اليمن أوشكت على الانتهاء، إلا أنه شدد على أن اليمن سيبقى في حاجة إلى الدعم على المدى الطويل لتجنب تحوله إلى ليبيا ثانية.