ضرب اللاعب الفلسطيني فادي الديب (32 عاماً) من ذوي الاحتياجات الخاصة، والمصنف الأول على مستوى فلسطين في رياضة كرة السلة للكراسي المتحركة، أروع أمثلة الانتماء للوطن، برفضه عرضاً من نادٍ ألماني بقيمة ربع مليون دولار، مع منحه الجنسية الألمانية؛ لتمثيل المنتخب الألماني في المحافل العالمية. وكان الديب، من سكان حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، أصيب عام 2001 بطلق ناري أسفل الظهر، تسبب بإعاقته بشلل نصفي في الجزء السفلي، ولم تمنعه إصابته من الالتحاق بأحد الأندية الرياضية في قطاع غزة، لممارسة هوايته المفضلة، التي كانت بوابته نحو النجومية. بدأ الديب ممارسة كرة الطاولة مع أشخاص مثل حالته من ذوي الاحتياجات الخاصة، في نادي الجزيرة الرياضي عام 2002، لكن هذه الرياضة لم تشبع رغبته فاتجه لممارسة كرة السلة، وفيها أبدع وانضم للمنتخب الفلسطيني لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، ونال لقب أفضل لاعب فيه. وأثمرت عزيمته بأن فُتحت أمامه الأفاق للمشاركة مع المنتخب الفلسطيني في البطولات الدولية، التي أراد أيضاً أن تكون له بصمة خاصة فيها، بإحرازه ميداليات دولية. ويقول الديب لمراسل "الخليج أونلاين" في غزة، إنه شارك في العديد من البطولات الدولية، ولم يكن يغادر فيها مراكز الصدارة، وأكثرها وقعاً على نفسه، كما يقول، حصوله على ثلاث ميداليات فضية في الملتقى الرياضي بتونس عام 2011، الذي تم تنظيمه بمشاركة 34 دولة، وكانت الميداليات الثلاثة في الرياضات الدولية: رفع الجولة ورمي الرمح ورمي القرص. ويعتبر الديب أفضل لاعب في فلسطين بكرة السلة لألعاب الكراسي المتحركة، بالإضافة إلى حصوله على الميدالية البرونزية على مستوى آسيا وأفريقيا في ألعاب القوى في تونس عام 2014، بعد أن كان أول لاعب فلسطيني تأهل لأولمبياد لندن 2012، فضلاً عن أن لديه رقم لبطولة العالم في قطر لعام 2015. هذه السجل الرياضي الزاخر بالألقاب والبطولات جعل الكثير من الأندية المحلية والعربية والدولية تتسابق إلى الديب، وتقدم عروضها له؛ للمشاركة ضمن صفوفها وتمثيلها، وأبرزها كان عرضاً تقدم به نادي شيكاغو الأمريكي، ونادٍ آخر في مدينة برشلونة الإسبانية، لكن أكبر هذه العروض كان من ألمانيا للعب ضمن صفوف المنتخب الألماني لكرة السلة للكراسي المتحركة، مقابل منح ديب الجنسية الألمانية وراتب سنوي يقدر ب 250 ألف دولار. لكن ورغم طموح الديب وحلمه بالاحتراف، إلا أنه فاجأ الجميع برفضه العرض الذي يعتبر فرصة ثمينة لكثير من الرياضيين، ويبرر الديب رفضه في حديثه مع "الخليج أونلاين" بأنه "يرى نفسه فقط حين يلعب تحت العلم الفلسطيني"، على حد تعبيره. ويبدي الديب سعادته الكبيرة بتمثيل فلسطين في المحافل الدولية، وأن يكون اسم وطنه محفوراً في أوسمة الشرف التي يحصل عليها، رغم إقراره بأن هذا التمثيل الدولي تراجع في الفترة الأخيرة؛ بسبب "قسوة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وحصاره المتواصل لقطاع غزة، ومنعه من السفر". ويشير الديب إلى وجود "عشرات الرياضيين" من أمثاله ذوي الاحتياجات الخاصة في قطاع غزة، أصحاب عزائم وإصرار، وممن يمتلكون الطموح للاحتراف، لكن "ضعف الإمكانات يحول بين تطلعاتهم"، وفق قوله. ومن المهم الإشارة إلى أن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة عام 2014، الذي استمر 51 يوماً، استشهد على إثره 2148 فلسطينياً، وأصيب قرابة 11 ألفاً، وأن ثلاثة حروب على قطاع غزة منذ عام 2008، تسببت بإعاقة لما يزيد عن 1800 جريح، بكل أنواع البتر. ويؤمن البطل الفلسطيني "الديب" بأن الإعاقة كانت بالنسبة له دافعاً للعطاء في الرياضة، سمحت له باللحاق بركب أبطال عالميين مثّلوا فلسطين، ومنحوها أوسمة الشرف.