هتاف جاء من بعيد وسط النواب الذين قاطعوا خطابه بالتصفيق 27مرة: "السد ياريس"، كأن هذا الهتاف قادمًا من السماء أو هكذا خُيل للنواب والمشاهدين بعد أن شاهدوا الرئيس عبدالفتاح السيسي يرفع رأسه نحو السماء ليرى.. من المنادي؟، غير أن الحقيقة أنه كان قد اختار تجاهل النداء والمضي قدمًا في حديثٍ كرره مرارًاً وتكرارًا. وتجاهل السيسي الحديث عن أزمة سد النهضة، على الرغم من أن وفدًا من النواب من المفترض به زيارة إثيوبيا بداية الشهر القادم للوقوف على عملية البناء الفعلية للسد، بدلاً من استيفاء مصادر المعلومات من الإعلام. وقال الدكتور أحمد الشناوي، خبير السدود بالأمم المتحدة معلقًا على تجاهل السيسي الحديث عن أزمة سد النهضة: "الحكومة لا تُريد أن تشغل المواطنين أكثر وتريد فقط أن تُهدأ من الأوضاع وحديث السيسي عن السد في البرلمان سيشعر النواب والمواطنين أننا أمام أزمة حقيقية.. وهذا لا تريده الحكومة ولا السيسي الآن". وعلى الرغم من أن الشناوي انتقد في تصريحات إلى "المصريون"، تجاهل الحديث عن هذه القضية عمدًا إلا أنه أرجع ذلك لت "رغبة السيسي في احتواء الأزمة لأنها قد تُقلب عليه الرأي العام في وقت يحتاج فيه إلى التعتيم التام على القضية خصوصًا مع إعلان إثيوبيا رسميا الانتهاء من بناء نصف السد". وأوضح الشناوي، أن "الشفافية المطلقة يجب أن تكون شعار الحكومة الفترة القادمة، خصوصًا أنه لم يعد أمام مصر خيار أخر سوي التفكير في حلول لا تُضيع الوقت أكثر"، مضيفًا: "حذرنا من ذلك سابقًا وأكدنا أنه لا سبيل للمفاوضات الفنية مطلقًا". من جانبه، قال الدكتور مغاوري شحاتة، الخبير المائي ورئيس جامعة المنوفية السابق، إن تجاهل السيسي الحديث عن سد النهضة "خطأ" وكان يجب الإشارة إلى دور الحكومة والنظام في التعامل مع هذا الملف، الذي يٌعد أخطر ملف مطروح حاليًا في ظل تكثيف الإعلام العالمي والمحلي لعدسات كاميراته نحو سد النهضة الإثيوبي. وأوضح شحاتة ل"المصريون"، أن "خطاب السيسي في البرلمان شوهد في جميع البلدان خصوصًا إثيوبيا، ولابد أن تجاهل الأزمة بهذا الشكل سيكون له مردود سلبي للغاية على نظرة إثيوبيا لمصر وتعاملها مع الأزمة"، لافتًا إلى أن "إثيوبيا دعت مصر إلى زيارة وقد من برلمانها للسد بعد الجدية في المفاوضات الأخيرة". واعتبر الخبير المائي أن السيسي عليه أن يظهر موقفه من أزمة سد النهضة وأن يتخذ قرار بشأنها في ظل سعي إثيوبيا إلى إكمال بناء السد رغم خطورته على مصر ورغم أن جميع التقارير الفنية تُشير إلى تأثر مصر بشدة جراء بناء السد. وألقى السيسي خطابه أمام البرلمان بمناسبة مرور 150عامًا على وجود الحياة النيابية في مصر، واستغل المناسبة لتسليم مجلس النواب الجديد السلطة التشريعية عقب تسلم السلطة التنفيذية لها منذ حل البرلمان السابق في 2012.