أعادت جريدة "المانيفستو" الإيطالية، نشر مقال للباحث الإيطالي "جوليو ريجيني" عن ملاحظاته عن الحياة في مصر، وهيمنة الجيش والشرطة، بشكل غير مسبوق على مفاصل البلاد. وكانت الجريدة قد نشرت دراسة "ريجيني"، في سبتمبر الماضي، باسم مستعار، بناءً على طلبه وقدم لكاتبها بأنه مراسل للجريدة بالقاهرة، تحت عنوان "حياة ثانية للنقابات المستقلة"، إلا أنها أعادت نشره بعد اختطاف الكاتب في 25 يناير الماضي واكتشاف مقتله بعد تعذيب لأيام، وذلك بالرغم من طلب الأسرة التي كان بعض أفرادها بالقاهرة، الخميس، عدم إعادة نشر الدراسة. وبدأ المقال باستعراض الوضع العام في مصر وانتقاد هيمنة الدولة والارتفاع المهول في قوة الشرطة والجيش بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد، وأجواء القمع خاصة ما يتعلق بحرية الصحافة، لكنه يستدرك أنه رغم ذلك "فالنقابات المستقلة ترفض أن تستسلم". ويعرض الكاتب لاجتماع جرى مؤخرًا (وقت كتابة المقال) في مركز الخدمات النقابية والعمالية وشكل القاعة التي رغم مقاعدها المائة لم تستوعب عدد الحضور الكبير من كل المحافظات، وأجواء الهمة التي سادت لتوزيع العمل النقابي على مستوى الجمهورية. وكان من ضمن ما نوقش وهوجم إصدار مجلس الوزراء، بتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي كتابًا دوريًا يدعو الوزراء لقصر التعاون الوثيق على الاتحاد العام لعمال مصر والنقابات الرسمية دون غيرهما، واعتبر الكاتب أن هذه محاولة واضحة لتحجيم الحركة المستقلة لعمال مصر. ويشير للمشاركة الواضحة للنساء في الاجتماع والعمل النقابي، والاحتفاء الذي قوبلت به كلمات بعض النقابيات والناشطات. وفي موضع آخر، يشير المقال لتفتت الحركة الوليدة (بعد استعراض لنشأتها واتساعها عقب انتفاضة العام 2011) وكيف أن بعضها لم يعقد جمعيات عمومية منذ عامين، ويُرجع هذا لمحاولات السيسي وحكومته إضعاف النقابات الجديدة، وينقل عن البعض "أسفهم لهذا، والدعوة للعمل معًا، بغض النظر عن الانتماءات". ورغم أن اجتماعًا كالذي يستعرضه الكاتب لم يكن ممثلاً على مستوى الحضور لكل النقابات المستقلة فإنه بنهاية اللقاء "كان هناك 50 قد وقعوا على عريضة مشتركة"، وناقش الحضور أمورًا تهم النقابات المصرية ككل، مثل قانون 18 لعام 2015، الخاص بالعاملين بالدولة، وكان محل جدل في الأشهر الأخيرة، كما ناقشوا كيفية مساندة العمال الذين يلاقون تعسفًا في مصانع ومحافظات مثل السويس والمحلة وغيرهما. وأبدى الكاتب ملاحظة على النبرة الحماسية أو العاطفية لبعض الحضور وتكرار عبارة مثل "ماذا نحن فاعلين غدا" فيما يرى أهمية وجود خطط آنية قصيرة ومتوسطة الأجل، كما أشار لدعوة البعض لاجتماعات عمومية أو لقاءات موسعة تستلهم أجواء (وربما نفس المكان) التحرير في انتفاضة العام 2011. المقال إجمالاً استعراض لحدث ومحاولة تقديم بعض اللمحات والملاحظات عن أجواء عمل وأجندة النقابات المستقلة ككل، انطلاقًا من استعراض اجتماع هام لها. وكان الباحث يعد رسالته للدكتوراه بجامعة كامبريدج عن التحولات الاقتصادية في مصر التي كان يعيش فيها منذ سبتمبر الماضي.