«الصحة»: ملف التمريض يشهد تطورًا كبيرًا في تحسين الجوانب المادية والمعنوية والعلمية    بمعدل نمو 16%.. صعود أرباح الحديد والصلب للمناجم خلال 9 أشهر    المشاط: البنك الدولي يطلق منصة جديدة للضمانات أول يوليو المقبل تتيح المزيد من الأدوات التمويلية للقطاع الخاص    رئيس الوزراء: نجحنا في تعزيز الاحتياطي من العملات الأجنبية ونعمل على خفض الدين العام    الجزار يوجه بعدم التهاون مع المقاولين في معدلات التنفيذ وجودة تشطيبات وحدات سكن لكل المصريين    الأحد 12 مايو 2024.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة ب 60 مليار جنيه    إذاعة الاحتلال: إصابة نائب مراقب المنظومة الدفاعية    بركات: الزمالك يستطيع التتويج بكأس الكونفدرالية    غرفة العمليات الرئيسية بتعليم الوادي الجديد تواصل متابعة سير امتحانات النقل    «الإفتاء» تستعد لإعلان موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات قريبا    السيطرة على حريق شب بسوق السد العالي في البساتين    إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بمنطقة البدرشين    مواعيد القطارات من القاهرة إلى الإسكندرية واسعار التذاكر اليوم الأحد 12/5/2024    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت والصحابة    إيرادات فيلم السرب تتخطى 23 مليون جنيه و«شقو» يقترب من 68 مليون جنيه    «السياحة» تفتح المتاحف مجانا أمام الزوار في اليوم العالمي للمتاحف    محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يشهدان توقيع بروتوكول تعاون بين الجامعة ومديرية الشباب    وزير الأوقاف يوجه الشكر للرئيس السيسي لافتتاحه مسجد السيدة زينب    يؤديها 35 ألف طالبًا وطالبة.. انتظام امتحانات نهاية العام بالوادي الجديد (صور)    كاميرون: يجب تنفيذ وقف مؤقت للقتال في غزة    إجلاء أكثر من أربعة آلاف شخص من منطقة خاركيف الأوكرانية    صحيفة بحرينية: نأمل أن تكون المنامة نقطة انطلاق جديدة للعمل العربي المشترك    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل سائق «التوكتوك» وسرقته بالفيوم    نقل 11 مصابا في حادث سير لمستشفى ديرب نجم    20 صورة ساحرة.. ماذا فعلت العاصفة الشمسية في الأرض؟    «صناعه الشيوخ» تناقش تطوير المنطقة الصناعية بعرب أبو ساعد بالجيزة    تأهل 4 لاعبين مصريين للجولة الثالثة من بطولة العالم للإسكواش    أسامة كمال عن أزمة تصوير الجنازات: هل المواطن يستمتع ب مشاهدة الصراخ والبكاء؟ أين حُرمة المتوفي واللحظة؟    حكم أخذ قرض لشراء سيارة؟.. أمين الفتوى يوضح    أبو مسلم: العلاقة بين كولر وبيرسي تاو وصلت لطريق مسدود    تفاصيل مصرع ربة منزل وطفلتها في انقلاب موتوسيكل بترعة بأطفيح    الرئيس الأمريكي يعزي البرازيل في ضحايا الفيضانات    أسعار السلع التموينية اليوم الأحد 12-5-2024 في محافظة قنا    مصر لديها أكبر عدد للواعظات فى العالم بواقع 691 واعظة .. الوعظ النسائى قصص وحكايات ترويها واعظات الأوقاف    مشتريات عربية تقود صعود مؤشرات البورصة في مستهل تداولات الأسبوع    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 12 مايو 2024: مشاكل ل«الثور» ومكاسب مالية ل«الحوت»    حارس باريس سان جيرمان يعلن الرحيل رسميًا    خريطة دينية للارتقاء بحياة المواطن التربية على حب الغير أول مبادئ إعداد الأسرة اجتماعيا "2"    الدفاعات الأوكرانية تدمر خمس طائرات استطلاع روسية في خيرسون وميكوليف    «المالية»: تبكير مواعيد مرتبات صرف يونيه للعاملين بالدولة بمناسبة إغلاق السنة المالية وعيد الأضحى    «صحة مطروح» تطلق قافلة طبية مجانية بقرية زاوية العوامة بالضبعة.. غدًا    اليوم .. وزارة الداخلية تُعلن شروط قبول الدفعة العاشرة من معاوني الأمن (تفاصيل)    ترتيب الدوري السعودي الإلكتروني للعبة ببجي موبايل    اليوم.. «تضامن النواب» تناقش موازنة المركز القومي للبحوث الجنائية    السيسي: أهل البيت عندما بحثوا عن أمان ومكان للاستقرار كانت وجهتهم مصر (فيديو)    أخبار مصر: رد إسلام بحيري على محمد حسان وعلاء مبارك، نجاة فتاة بأعجوبة من حريق بالأميرية، قصة موقع يطارد مصرية بسبب غزة    الرئيس السيسى من مسجد السيدة زينب: ربنا أكرم مصر بأن تكون الأمان لآل بيت النبى    إسلام بحيري يرد على سبب تسميه مركز "تكوين الفكر العربي" ومطالب إغلاقه    رئيس جامعة حلوان يفتتح معرض "الإبداع في التصميم التنفيذي للمنشآت الخشبية الخفيفة"    مش هروحه تاني، باسم سمرة يروي قصة طريفة حدثت له بمهرجان شهير بالسويد (فيديو)    ما حكم الحج عن المتوفى إذا كان مال تركته لا يكفي؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير الرياضة يفتتح أعمال تطوير المدينة الشبابية الدولية بالأقصر    ما التحديات والخطورة من زيادة الوزن والسمنة؟    علي الدين هلال: المصلحة الوطنية لكل دولة عربية الحفاظ على استقرار المنطقة    عمرو أديب ل إسلام بحيري: الناس تثق في كلام إبراهيم عيسى أم محمد حسان؟    الصحة تعلق على قرار أسترازينيكا بسحب لقاحاتها من مصر    ملف رياضة مصراوي.. مذكرة احتجاج الأهلي.. تصريحات مدرب الزمالك.. وفوز الأحمر المثير    يا مرحب بالعيد.. كم يوم باقي على عيد الاضحى 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محسوب: تحالف القمع والفساد = 600 مليار
نشر في المصريون يوم 26 - 01 - 2016

قال الدكتور محمد محسوب نائب رئيس حزب الوسط، إن مصر شهدت خلال ال30 شهرا الماضية حجم فساد بما يعادل 75 مليار دولار والتي أعلن عنها الجهاز المركزي للمحاسبات.
وأشار محسوب في مقال له عبر موقع هافنجتون بوست تحت عنوان تحالف القمع والفساد = 600 مليار، إلى أن عملية الفساد شهدت تطورا ملحوظا عبر فترات ومراحل كان أهمها فترة مبارك، لكنه أشار إلى أن مرحلة السيسي كانت مرحلة متميزة في تطور الفساد، حيث شهدت فقط خلال ال30 شهرا الأخيرة 600 مليار جنيه.
وإلى نص المقال..
ليس مفاجئًا أن يكون حجم الفساد في 30 شهرًا هو مبلغ 600 مليار جنيه.. بما يعادل حوالي 75 مليار دولار.. فمصر كانت تسدد سنويا فاتورة فساد لا تقل عن 10 إلى 15 مليار دولار خلال العقدين الأخيرين من عصر مبارك المبارك..
لكن المفاجأة التي أصابت البعض جاءت من أنها المرة الأولى التي يُعلن فيها الجهاز المركزي للمحاسبات، وهو المستشار المحاسبي للحكومة، مثل هذا المبلغ.
والحقيقة أن مصر مرت خلال الربع قرن الماضي، وبالتحديد ابتداءً من صدور قانون الاستثمار قبل الحالي وقانون قطاع الأعمال العام في 1989، بعدة مراحل مهمة، بينما مثّل الانقلاب مرحلة متميزة في تطور الفساد.
ففي البدء طال الفساد الأصول الصناعية والتجارية التي كان يضمها القطاع العام المصري، فجرى تسييلها بالبيع بطريقة أقل ما يُقال عنها إنها تفريط في مصلحة البلاد العليا وحقوق الشعب. فقد ورث الشعب ملكية كافة الأصول الاقتصادية التي أقامها مصريون عباقرة ومكافحون استطاعوا أن يبنوا صروحا في ظل الاحتلال الإنجليزي، وجرى تأميمها لاحقا في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات، ثم أضافت إليها الدولة المصرية ما جادت به عقول حكومات الخمسينيات والستينيات.
وفجأة تفتق ذهن حكومات مبارك عن فكرة توسيع قاعدة الملكية بأن يُشرك القطاع الخاص في ملكية القطاع العام -دون أن يكون بمصر قطاع خاص حقيقي- لكنها تحولت بقدرة قادر إلى عملية الخصخصة كاملة دون رحمة، بررها نظام مبارك بأنها بيع للأصول الخاسرة، ثم انتقل سريعا لبيع الناجحة، بل والإنفاق على الخاسرة لتحسين أداءها وبالتالي بيعها، وفي حالات كثيرة بأقل من قيمة ما أُنفق عليها.
مجرد نظرة عابرة تكشف أن غالبية رجال الأعمال الحاليين هم من أُثروا في فترة التسعينيات وبعدها، وهم أبناء لعملية الخصخصة وما تبعها، وبالتالي فهم مستفيدون من تسييل الأصول الاقتصادية للدولة المصرية، بينما في المقابل لم يستفد شعبنا شيئًا سوى ضياع تلك الأصول.
وفي المرحلة الثانية، بعدما تقلصت الأصول الاقتصادية ولم تعد عوائد البيع وما يُستخلص منها من عمولات كافية لسداد جشع طبقة الفساد، ابتكر نظام الحكم فكرة بيع الديون المصرية، والتي تُمثل بحق نموذجًا لكيفية إدارة دولة بطريقة إدارة السنديك الفاسد لأموال التفليسة دون أن يستطيع المفلس صاحب المال أن يعترض أو يشتكي.
وفي المرحلة الثالثة بدأ تدوير وتسييل الأصول السيادية ذاتها من أراضٍ وشواطئ وأجواء، فانتقلت الدولة المصرية من الخصخصة إلى التخصيص، وهو مصطلح يُعبر عن نقل ملكية ملايين الأفدنة من أراضي الدولة لمستثمرين أغلبهم محليون، وبعضهم أجانب مشاركون لمحليين؛ دون أن يوفر ذلك للدولة المصرية مداخيل حقيقية باعتبار أن الأراضي جرى تخصيصها مجانا تقريبا حيث لم يتجاوز سعر المتر دولارًا واحدًا، بينما يُمنح المستثمر مساحاتٍ لا تقل عن المخصصة له على سبيل الإيجار بعدة سنتات للمتر.
وفي المقابل انهارت القيم الحضارية والعقارية للدولة، فلم يعد ممكنًا لأبناء الشعب أن تُطالع أعينهم أو تمس أرجلهم مياه البحر المتوسط أو الأحمر لمسافات تصل إلى مئات الكيلومترات، لوجود ساتر خرساني بأشكال لا نسق فيها ولا جمال إلا من رحم ربي.
ويدعي بعض رجال الأعمال أنهم حوّلوا الصحراء إلى قرى سياحية وفنادق، دون أن يُدركوا، أو ربما أدركوا، أنهم أضاعوا كل القيم الجمالية والخصوصية للشواطئ والصحاري المصرية، وهو ما ينعكس اقتصاديًّا في تدمير القيمة العقارية للبلاد؛ لأنها تتحول بالتدريج إلى غابات من الأسمنت التي تحجب، بل تقتل الطبيعة.
غير أن الأهم، فضلا عن ضياع قيمة تلك الثروة العقارية الهائلة على الدولة، أنها كلفت الدولة والشعب نفقات منظورة هائلة مقابل مد الخدمات المدعمة من طاقة ومياه شرب وصرف صحي لهذه المناطق دون عائد مجزٍ، ونفقات غير منظورة أهمها استنفاد مخزون المياه الجوفية لأغراض الترفيه والاستحمام ورعاية حدائق تلك القرى، في وقت يُصارع فيه المصريون لزيادة هذا المخزون.. وربما أكبر مثل لتدمير المخزون الجوفي للمياه ما جرى للمنطقة الممتدة بمحازاة فرع رشيد وحول طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي مرورا بمنطقة الخطاطبة ومدينة السادات ووادي النطرون، ومنطقة الساحل الشمالي.
أما المرحلة الرابعة فتمثلت في عمليات الاقتراض الواسعة. فالاقتراض في حد ذاته هو وسيلة لتمويل المشروعات، غير أنه تحول ضمن إدارة منظومة الفساد في مصر إلى تجارة واستثمار رائج. فمن ناحية أصبحت عمليات الخصخصة أو التخصيص مرتبطة بالاقتراض حيث يقترض المستثمر من البنك المصري لدفع ثمن ما يشتريه من الحكومة المصرية أو لإقامة المشروع الذي التزم بإقامته على الأرض التي خُصصت له؛ وبالتالي فإن الحصول على التخصيص مثلا تحول إلى طريقة للحصول على قروض هائلة يجري نقلها للخارج واستخدام الجزء الأقل في عمل مشروع تقل تكلفته كثيرا عما في الدراسات المقدمة لتبرير القروض، وهو ما يعبر عنه تعثر آلاف المشروعات رغم حصول أصحابها على قروض بأرقام مبالغ فيها.
وأصبحت التشريعات وسيلة لحصر إيداعات المصريين عبر البنوك، ثم لتحويل وتجريف السيولة المتحصلة إلى قروض بالمليارات لمشروعات قيل للشعب إن أموالها ستأتي من الخارج؛ باعتبار أن قوانين الاستثمار وضماناته ومبررات الاقتصاد المفتوح تقوم على تشجيع تدفق الأموال من الخارج للداخل، غير أن ما حصل في مصر خلال الربع قرن السابق مختلف تماما، فقد تسربت أموال المصريين بعشرات المليارات للخارج.
كانت ثورة يناير تهديدا لعمليات النهب المنظم والتجريف الممنهج لثروات وأصول الدولة المصرية، فيمكن أن نتحدث عن توقف مؤقت لعمليات التجريف والنهب لمدة عامين ونصف، لكنها عادت بقوة أكبر ونهم أبشع بعد انقلاب 3 يوليو/تموز 2013، فقد استعاد النظام أدواته القديمة ذاتها، وهي شبكة الفساد وأدوات قمعه.
غير أن اللافت في تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات هو زيادة مستوى الفساد لحوالي الضعف. ففي حين كشف تقرير الشفافية الدولي، الصادر في 2011 عن الفترة من 2005 إلى 2010 أن حجم الفساد بلغ 70 مليار دولار بزيادة عن الفترة المماثلة السابقة والتي رصدت خسارة عشرة مليارات سنوية بمعدل خمسين مليار كل خمس سنوات؛ فإن خسارة 75 مليار دولار في سنتين ونصف هما مدة الانقلاب يعني أن حجم الفساد تضاعف.
التفسير الوحيد لذلك هو أن شبكة الفساد العائدة بعد الانقلاب اصطحبت عشرات الفاسدين الجدد الذين كانوا شاهدين لفساد السلطة لكنهم غير مستفدين منها بالقدر الذي يرونه حقا لهم، فلما اعتلوا السلطة أرادوا تعويض ما فاتهم، بالإضافة إلى التزام السلطة تسديد فواتير لرجال الأعمال الذين ساندوها في الانقلاب. لكن الأهم من ذلك، فإن ما تبع الانقلاب من مجازر طالت الآلاف وعمليات قمع واسعة أسكتت كل صوت وأخرست كل نقد، جعلت السلطة وأدواتها القمعية والفاسدة طليقة اليد في الإدارة المالية في البلاد.
والحكمة الوحيدة المستمدة من ذلك أن شعبًا محكومًا بالقمع لا يمكنه أن يُحافظ على أمواله ومقدراته إلا بانتزاع حريته أولا؛ لأن ما يعانيه ليس إلا تحالفًا أبديًّا بين القمع والفساد..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.