تشهد سوريا منذ 2011 وحتى الآن اضطرابات داخلية نزاعات مسلحة وتحركات عسكرية, عصفت بالأصول والموارد, وأدت إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر, وتقريبًا انعدام الاستثمارات والتنمية, وزيادة الاحتياجات الإنسانية العاجلة والآجلة. مما خلف ورائه أعداد هائلة تقدر بالملايين من النازحين واللاجئين بحثًا عن الملاذ الآمن, يريدون تأمين احتياجاتهم, وتخفيف المعاناة والآلام التي يعيشونها يوميًا. ووفقًا للإحصائيات الدولية تأتي سوريا محتلة الترتيب الأول عالميًا من حيث اللاجئين بنسبة 9.4%, حيث قد بلغت أعداد اللاجئين السوريين منذ الأزمة وحتى الآن 4.602.203 (أربعة مليون وستمائة وإثنين ألف ومائتان وثلاثة) لاجئ, تبلغ نسبة الرجال 49.3%, والنساء 50.7%. لتأتي هذه الأرقام والنسب صرخة مدوية للعالم أجمع وفي القلب منه المنظمات الإنسانية –بجميع مسمياتها وأشكالها وأنواعها- لإدراكهم وتأمين الحياة الإنسانية الكريمة لهم. والحقيقة أن المنظمات الإنسانية جميعها دون تحديد أو تسمية معينه تعمل دون كلل أو ملل, وتسخر الجهود والطاقات, وتتحمل المخاطر والصعوبات؛ لمحاولة تلبية الاحتياجات والاستجابة الإنسانية العاجلة لهؤلاء اللاجئين, واتخاذ كافة الطرق والوسائل التي تساعد على تقليل وتخفيف المعاناة عنهم. وستظل المنظات الانسانية بعون الله تعمل من أجلهم, ولكن هل ستظل أعدد اللاجئين في تصاعد؟!!, إن ما تقدمه هذه المنظمات هو أنصاف حلول أو حلول مؤقتة وليست حلول كاملة. وهنا اتساءل معكم عن الأطفال اللاجئين المتواجدون في المخيمات, هل سيتركونها أطفالاً أم شيوخًا؟!!, المسئولية كبيرة, وإدارتها عميقة جدًا, تحتاج إلى أفكار, وآليات عمل جديدة, تناسب الحاضر والمستقبل. إن العالم يعيش الآن كابوس مضايا المدينة السورية المحاصرة وسط قلة فرص الحياة والجوع, لأكثر من 40 ألف شخص, دون مساعدات منذ ثلاثة أشهر, يعانون من نقص حاد في الغذاء, والدواء, وأساسيات الحياة, والتي أخيرًا بعد طول أنتظار, استطاعت المنظمات الإنسانية توصيل قافلات المساعدات الإنسانية لإنقاذ حياة آلاف الأشخاص المحاصرين في ظروف لا يمكن تصورها. هذا ومازالت توجد مدن أخرى محاصرة. إن الشئون الإنسانية والسياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والبيئية جميعها أوجه لعملة واحدة, تؤثر وتتأثر ببعضها البعض بشكل مباشر وغير المباشر, لذا علينا أن ندرك هذه الحقيقة. من هنا ظهر مصطلح الدبلوماسية الإنسانية في دوائر المنظمات الإنسانية, والتي عرفت بأنها تنظيم مجمل لسياسة العلاقات الخارجية, لتسهيل عمل المنظمات وتحقيق رسالتها الإنسانية, من أجل عملها في المستقبل. وتهدف الدبلوماسية الإنسانية إلى زيادة أخذ مصالح المستضعفين في عين الاعتبار من جانب صانعي القرارات وأصحاب الآراء, وزيادة فرص الوصول إليهم والتأثير بالتعاون معهم, وكذلك تدعيم إتاحة الخدمات الإنسانية وتوسيع الحيز الإنساني في دوائر صناعة القرارات, وتعزيز أنشطة وقدرات المنظمات الإنسانية, وتيسير الشراكات الفعالة لتلبية احتياجات المتضررين والمستضعفين. وفي هذا الشأن أقترح وجود ممثل دائم للشئون الإنسانية على الطاولات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والبيئية؛ للمشاركة في صناعة القرارات. أختم بقول الله تبارك وتعالى ﴿وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا ۖ فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللَّهِ ۚ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا ۖ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ سورة الحجرات الآية (9)
د. إبراهيم أحمد الدوي رئيس مركز البحوث والمعلومات نائب رئيس المجلس الاستشاري لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر