"2016 عام الشباب".. هكذا وصف الرئيس عبدالفتاح السيسى العام الحالى بعد القرارات التى أصدرها خلال احتفاليته الأخيرة بيوم الشباب المصرى بدار الأوبرا، والتى استهلها بحزمة ال 7 قرارات لصالح الشباب لحثهم على العمل والتى من ضمنها "إطلاق دورى رياضي، تحديث المناهج التعليمية، ضخ ما يقرب من 200 مليار جنيه لدعم مشروعات الشباب، نسبة الفائدة الخاصة بالبنوك للشباب لا تتجاوز 5%، الانتهاء من بناء 145 وحدة سكنية، استزراع مليون ونصف المليون فدان أراضٍ يتملكها الشباب" ولكن لم تتجاوز تلك القرارات أسبوعها الأول وأصدر الرئيس السيسى قرارًا بتخصيص 103 أفدنة لبناء "سجن مركزى جديد" لتكون قادرة على استيعاب الأعداد التى تدخل السجون سواء من المعتقلين الجنائيين أو السياسيين، بالإضافة إلى قرار آخر بشأن عفو رئاسى بمناسبة الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، الأمر الذى جعل الشباب فى حيرة من أمرهم "هل سيكون عام 2016 للشباب أم لحبسهم؟!". قرار "العفو الرئاسى والسجن" يربك الثوار أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارًا بإنشاء سجن مركزى جديد على مساحة 103 أفدنة، والذى سيكون ملكية خاصة لصالح وزارة الداخلية بدون مقابل، وذلك اعتمادًا على نص المادة الأولى منه على استخدام الأراضى المخصصة فى إنشاء سجن مركزى وملحقاته، ومعسكر لإدارة قوات أمن الجيزة، ومركز تدريب وتبة ضرب نار وقسم لإدارة مرور الجيزة. وصدر بناء على ما عرضه المركز الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة، وبعد موافقة مجلس الوزراء، ونصت المادة الثانية على نشر القرار بالجريدة الرسمية منذ أيام، مع العلم بأنه صدر فى 29 ديسمبر الماضي. وأصدرت الحكومة نحو 9 قرارات متعلقة بإنشاء سجون جديدة، حيث إن بعض السجون تم افتتاحها رسميًا، وأخرى لا تزال تحت الإنشاء فى عدد من محافظات الجمهورية، وذلك لاستيعاب الأعداد الكبيرة التى تقبع داخل السجون ومنع التكدس. فى المقابل، أصدر قرارًا آخر بشأن الإفراج والعفو الرئاسى عما يقرب من 100 مسجون سياسى على خلفية الاهتمامات الموجهة إليهم من تظاهر وخلافه ممن قضوا نصف العقوبة أو الثلثين بشرط حسن السير والسلوك داخل السجن، وسط توقعات قوية بأن تكون أسماء مؤسسى حركة شباب 6 إبريل مدرجة ضمن تلك القائمة، ولكن لم يتم الإعلان عن تلك الأسماء التى أرسلت من جانب وزارة الداخلية للتصديق عليها من الرئيس حتى وقت كتابة التقرير. شباب الثورة: قرارات النظام "أقوال لا أفعال" ومن جانب القوى الثورية، قال رامى شعث، القيادى بجبهة طريق الثورة "ثوار"، إن النظام الحالى يتحدث عن عام الشباب على الرغم من الأفعال التى يقوم بها النظام ضد الشباب الثورى من زيادة فى حالات الاعتقالات وزوار الفجر والاختفاء القسرى وغيرها من الأفعال القامعة للقوى المعارضة داخل الدولة فى بداية عام 2016 الذى قال الرئيس عنه بأنه سيكون عامًا للشباب، ولكن أفعال النظام تنبئ بعكس ذلك تمامًا، مشيرًا إلى أن الحديث عن عفو رئاسى لتهدئة الشباب هو أمر لن ينفع ولكن يمكن الحديث عن مصالحة أو اجتماع وحوار فى حال "تبييض السجون" والإفراج عن جميع معتقلى الرأى والتعبير أو المتهمين بتهم التظاهر أو الانتماء لجماعات أو حركات سياسية. وأضاف شعث ل "المصريون" أن ما ينشر فى الإعلام عن الشباب مجرد شو محلى وأقوال فقط وليس أفعالاً تتحدث عن مصر دوليًا لوجود حرية فى التعبير عن الرأى أو وجود مساحة من الديمقراطية وللحديث عن السجون الجديدة التى تقوم الدولة ببنائها. وقال شعث إنه كان يجب أن تقوم الدولة باستخدام الأموال فى بناء مدارس ومستشفيات وتعديل المنظومة الاقتصادية وليس فى بناء السجون التى تعد دليلاً واضحًا على إطلاق يد الدولة القمعية. وتساءل خالد إسماعيل، القيادى بحركة شباب 6 إبريل، عن "أى فئة من الشباب يوجه السيسى حديثه"؟! مشيرًا أن هناك فئتين من الشباب فئة تم استقطابهم واستمالتهم من جانب النظام من الشباب الثورى الذى انصاع لتلك الموجة منهم محمود بدر ومحمد نبوى من قيادات حملة تمرد وطارق الخولى أحد شباب 6 إبريل، الذين قاموا ببيع ضمائرهم ووطنهم فى سبيل مصالحهم، وفئة أخرى من الشباب المعارض الذى أصدر الرئيس السيسى تصريحات بأنه سيقوم بالاجتماع معهم ومصالحتهم، وفى اليوم التالى قام النظام بالقبض على قيادات الحركة منهم "محمد نبيل ومحمود السقا وشريف الروبى وشريف دياب". وأضاف إسماعيل فى تصريحات خاصة ل "المصريون" أن السيسى يتحدث عن احتواء الشباب، ولكن كل الدلائل والبراهين لا تشير إلى ذلك، مضيفًا أن أى محاولات لامتصاص غضب الشباب الثورى بأخبار وصفها ب"الكاذبة" من خلال حملات العفو الرئاسى والإفراج عن المعتقلين والحوار مع الشباب هى مجرد تصريحات وهمية لن يصدقها الشباب ولم ينخدع بها مرة أخرى. وتابع إسماعيل أن الشباب الحقيقى الثورى هو من يقبع داخل السجون بسبب التظاهر الذى أطاح بنظامى "مبارك ومرسي" أو بسبب تهم وهمية كمعتقل "التيشيرت" أو شباب مطاردين ويتم اقتحام منازلهم فجرًا للقبض عليهم وهؤلاء هم من سيسقطون النظام قريبًا جدًا. حقوقي: النظام ينفذ عكس ما يقول قال حليم حنيش، المحامى الحقوقي، إن بناء السجون بالطبع "أمر بغيض" ولا نرحب به ولكن على الجانب الحقوقى مصر تحتاج بالفعل لبناء سجون جديدة نتيجة "التكدس"، خاصة بعد التقارير التى تصدرها المفوضيات والمنظمات الحقوقية بشأن أن أغلب حالات الوفاة فى السجون المصرية تأتى نتيجة "التكدس" داخل السجون نظرًا لزيادة أعداد المعتقلين، فمثلما تحتاج الدولة لبناء مدارس ومستشفيات تحتاج أيضًا لسجون جديدة. وأضاف حنيش ل "المصريون" أن الدولة لا ترعى الشباب بالرغم من تصريحات الرئيس السيسى بِشأن القرارات الخاصة بالعفو والاستثمارات الشبابية وغيرها، لأن الممارسات التى تفعلها على أرض الواقع عكس ذلك تمامًا، لأنها لا تتخذ أى خطوات إيجابية للإفراج عن المعتقلين أو حتى بمحاكمتهم بشكل سريع. وتابع المحامى الحقوقي، أن الدولة فى وقت سابق أعلنت عن تفعيل محاكم الإرهاب لسرعة الفصل فى القضايا الخاصة بالمعتقلين ولكن لم يتم استخدامها، فى المقابل يكون هناك فصل سريع فى قضايا الضباط المتهمين فى قضايا أخرى. وفى سياق متصل، قال مختار الغباشى الخبير السياسي، تعليقًا على قرارات الرئيس المتناقضة للشباب "أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجب"، مؤكدًا أن النظام الحالى لا يتعاطى مع مطالب الشباب ولا يحقق منها أى شيء ويقوم باعتقال الشباب البريء دون سند أو جريمة حقيقية، فالتهم الموجهة إليهم عادة ما تكون للتظاهر أو الانتماء لحركة سياسية فى الحرية للتعبير والرأي. وأضاف غباشي، فى تصريحات خاصة ل "المصريون"، أنه يجب على النظام أن يقوم بالإفراج عن الشباب الذى خرج فى تظاهرات ضد الأنظمة فى 25 يناير و30 يونيو بدلاً من المشاريع والتوظيف وغيرها من الأساليب التى تقررها الحكومة، فيجب الإفراج عنهم أولًا ومن ثم نبحث عن المشروعات وغيره لأن الشباب بالفعل متعطش للحرية والديمقراطية. وتابع الخبير السياسى أنه حتى البرلمان الحالى لا يعترف نوابه بثورة "25 يناير"، كما شهدنا من خلال الجلسات الإجرائية الأولى من عدم الاعتراف بيناير من وكيلى المجلس خلال كلماتهما الافتتاحية وهو ما يعد "مسرحية هزلية" لكل التصريحات التى يوجهها النظام الحالى للشباب.