عززت الأجواء التي شهدتها الجلسة الإجرائية لمجلس النواب اليوم، مطالبات الداعين لعدم بث إذاعة الجلسات على الهواء، بدعوى أن ذلك سيسهم في تشويه صورة المجلس، إضافة إلى محاولات معارضيه إلصاق الصفات الهزلية به. وكشف مصدر مسؤول بمجلس النواب، أن هناك قرارًا مبدئيًا بعدم بث التلفزيون الحكومي جلسات مجلس النواب على الهواء مباشرة، واللجوء إلى فقرات مسجلة تذاع فيما بعد، باستثناء الجلسة الافتتاحية الإجرائية التي عقدت اليوم. القرار أعاد إلى الأذهان الأوضاع التي كان عليها البرلمان قبل ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، حيث كانت تبث أجزاء مسجلة لجلسات البرلمان، والتي خرج عنها برلمان 2012، الذي كانت تتزعمه أغلبية برلمانية تنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، ببث جلساته العامة والفرعية. ونقلت وكالة "الأناضول" عن المصدر الذي تحفظ على ذكر اسمه إن الجلسات العامة للمجلس لن تتم إذاعتها مباشرة عبر القنوات التلفزيونية، موضحًا أن اجتماعات اللجان الفرعية ستكون مغلقة أيضًا ولن تتم إذاعتها نهائيًا، وسيكتفي ببث البيانات الحكومية أو المهمة أو الخطب الرئاسية، بحسب قوله. وحول مستقبل منع قرار البث المباشر للجلسات الذي شهده برلمان 2012، أشار المصدر ذاته إلى أن قرار إذاعة الجلسات حق للمجلس وبعد تشكيل هيئة مكتب مجلس النواب التي تضم الرئيس والوكيلين يمكن تعديل قرار منع البث بموافقة أغلبية الأعضاء. من جانبها، قالت صفاء حجازي، رئيسة قطاع الأخبار بالتلفزيون المصري، إن بعض فقرات الجلسات ستذاع مسجلة على القناة الأولى. ومتداول أمام القضاء الإداري دعوى أقامتها الشهر الماضي مؤسسة حرية الفكر والتعبير (غير حكومية)، ضد رئيس الجمهورية ووزير الشؤون القانونية ومجلس النواب وأمين عام مجلس النواب بصفتهم، تطالب بإلزام مجلس النواب بإذاعة الجلسات العامة للبرلمان المصري، مشيرة إلى أن علانية الجلسات تتضمن الشفافية والنزاهة. وأشارت الدعوى التي لم تحدد لها جلسة بعد إلى رفض "عدم إذاعة جلسات المجلس على الهواء مباشرة وإذاعتها مسجلة بعد عمل المونتاج لها". وقال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ل "المصريون"، إنه لابد من إذاعة جلسات البرلمان بحضور الصحافة والإعلام، لأن العلانية هي الأصل في إذاعة هذه الجلسات. وأضاف نافعة ل"المصريون" أن "نواب البرلمان يخشون من استغلال إذاعة الجلسات للسخرية منهم ونشر غسيلهم". وأوضح أن "البرلمان المصري يستند إلى تقاليد راسخة من الالتزام بتدوين المضابط التي تسجل نص مداخلات النواب، مع استبعاد الألفاظ غير اللائقة على سبيل المثال، وهي الألفاظ التي رأى أنها ستمر للجمهور دون عوائق في حالة إذاعة الجلسات على الهواء". ورأى ناجى الشهابي، رئيس حزب "الجيل الديمقراطي"، أن "عدم إذاعة جلسات البرلمان على الهواء مباشرة يعد تعديًا على حق المواطن فى المعرفة والحصول على المعلومات"، ومحاولة للتغطية على ما سماه ب "الأداء المسرحي للنواب", قائلاً: "حابين يداروا على فضايحهم فيمنعوا بث الجلسات". وأضاف "الحقوق التي اكتسبناها بعد ثورة يناير في طريقنا لفقدانها"/ فى إشارة منه إلى برلمان 2012 الذي كان هو الوحيد الذى يبث على الهواء بخلاف البرلمانات السابقة عليه. وتابع: "الدستور كفل حق الناس فى المعرفة والمتابعة"، والحكومة لجأت لقرار منع إذاعة الجلسات بسبب جهل النواب وعدم درايتهم بالتشريعات والقوانين, متسائلاً هل يعقل مخالفة الدستور بسبب جهل النواب التشريعي والقانوني". وأشار إلى أن "الذي اختار النائب هو الشعب، فمن حق الشعب والناخب الذي أوصل هذا النائب للبرلمان من متابعته ومراقبة تنفيذه لما وعد به, حتى يمكن من الحكم عليه, وهذا لن يكون على ما يجب وجلسات المجلس تذاع مسجلة". واستدرك "هذا المجلس ستكون فيه الفضايح بالجملة وهذا ما تعرفه الحكومة جيدًا فهل يليق بعضو برلمان في دولة محترمة أن يقول "علي الطلاق" والقادم سيكون أفضح". وقال مدحت الشريف، النائب البرلماني المستقل عن دائرة مصر الجديدة والنزهة، إنه يرفض إذاعة جلسات مجلس النواب الجديد عبر الهواء في أولى جلسات البرلمان، نظرًا لأنه سيكون غير المقبول خلال المرحلة الأولى. وأضاف في مقابلة مع فضائية "القاهرة والناس"، مساء الجمعة، أنه يجب التوازن في عرض جلسات البرلمان الجديد، في البداية وإذاعة مقتطفات من الجلسات. وشدد الشريف على أن المرحلة المقبلة لا تحتمل التجارب ولا بد من اختيار رئيس البرلمان بشكل سليم. يذكر أن الأمانة العامة للمجلس أعلنت الشهر الماضي تلقيها فاكسًا منسوب صدوره لعمر هريدي المحامي، تضمن ما أسماه عرضًا مقدمًا من إحدى القنوات الفضائية العربية للاستحواذ على البث الحصري لوقائع الجلسات والاجتماعات وعمل اللجان بالمجلس. وتضمن الفاكس يكون بالشراكة في المدخل المالي الناتج عن ذلك مع تقديم تأمين قدره 100 مليون دولار. ولم تعلن الأمانة العامة أي رغبة في التعاقد مع أي جهة على بث أو إذاعة جلسات مجلس النواب حتى الآن. وأكد أن العرض المشار إليه في الفاكس لن يتم التعامل معه على أنه عرض جاد، كما أنه ليس محل أي اهتمام من جانب الأمانة العامة، لافتًا إلى أن المبلغ الذي تداولته المواقع الإعلامية ليس هو العرض المادي، وإنما أشير إليه في الفاكس على أنه مجرد مبلغ تأمين.