تابعنا جميعًا إعلان وزير الداخلية بأن الشرطة لديها تعليمات بإطلاق النيران لمواجهة أى بلطجى ، وقد سررنا بقدوم وزير قوى يحمى كيان مصر " الدولة " وهيبتها ، ويوفر أمن وسلامة " الأمة " الشعب المصرى ، واعتبر الوزير أن إطلاق الرصاص لمواجهة أى بلطجى ، يستخدم إطلاق النيران على ضباط وأفراد الشرطة ، هو حق دفاع شرعى كفله القانون ، وتعهد سيادته بصرف مكافأة فورية لأى ضابط يُطلق النار على البلطجية والخارجين على القانون ، وأن التعامل معهُم سوف يكون بكل شدة وحزم. ولا خلاف طبعًا على اللغة الصارمة وقرارات وزير الداخلية الواضحة ، ولكن أرجو أن يتسع صدره ويقرأ ما أقوله ، من باب النصح والحرص على البُعد النفسى وأثره ومردوده عند الشرطى أو الضابط ، الذى قد تتوق له نفسه الحصول على مكافأة الوزير الفورية ، وليته يُعيد صياغة تصريحاته الإعلامية ، وهذا لن يُكلفه إلا مزيدًا من الصبر والتفكير قبل إعلان تصريحات بلسانه ، وأنا لو مكانه كُنت سأعلن تصريحات أقل حدة ، وربما فعلت أكثر مما يتمنى فعله سيادة الوزير للقضاء على ظاهرة البلطجة وعودة الأمن. بداية كان يكفى أن تتضمن ( نشرات وزارة الداخلية – الداخلية ) الكتابية التى ترسل لأقسام الشرطة ومُديريات الأمن أن الوزير سيمنح مُكافأة لمن يُجهض ويقضى على أى عملية اعتداء على رجال الشرطة باستخدام السلاح ، وبذلك يحقق الغرض الذى يُريده ، ويستخدم فى العلن لغة سياسية ، يكتفى فيها بإنعاش ذاكرة المواطن والشرطى فى آن واحد بحق الدفاع المشروع الذى يكفله القانون . دع رجالك يا سيادة الوزير بداية من الشرطى الصغير إلى كبار القادة لاستخدام حقوقهم القانونية كما يشاءون ، تلك التى نساندهم فيها ، لكن ما يُقال فى العلن من تصريحات حادة يترك مرارة فى النفس ، ويحتفظ به المخزون الذهنى لدى الإنسان ، خاصة أن جراح الشعب المصرى كله مفتوحة ، ومن السهل جدًا فى المرحلة التاريخية التى نعيشها فى مناخ الثورة حدوث الخلط واللغط ، وهو ما لا نريده لوزير نبحث ونعمل مع على الاستقرار الأمنى ، نحن نرفض كل أنواع العُنف والعُنف المُضاد ، وحرى بنا جميعاً أن نبحث عن أساليب أكثر حرفية فى التعامل مع المُجرمين والخارجين على القانون . لو اضطر رجل الشرطة فى التعامل بالسلاح مع المُعتدى المُسلح ، مهما كان صفته ، فهو أمر محمود ومشروع ، لكن أيهُما أفضل وأكثر فائدة : قتل المعتدى ومنح الشرطى أو الضابط مكافأة مالية فورية ؟ أم القبض عليه والتحقيق معه ومُحاكمته أمام القضاء ؟ وتكون فترة المحاكمة مفيدة لكشف النوايا الخبيثة للمُجرم ، وربما نصل منه لمعلومات تفيد فى القبض على مجرمين آخرين ونجنب المُجتمع شرورهم ، وربما يأتى حُكم القضاء بإعدام مثل هؤلاء ، ليرى الجميع داخل وخارج مصر نهاية هؤلاء فى إطار القانون أيضًا . ياسيادة الوزير نريد القانون أولا قبل رصاص الداخلية وقبل أن يتجرأ آخرون ويتشجع بتصريحات تتشابه مع ما قاله فى الماضى القريب اللواء مجدى أبو قمر مدير أمن البحيرة حينما حث الضباط على التعامل مع من يرونه بضرب " الجزمة " ، أتمنى أن تبادر وزارة الداخلية بالعمل على اتباع سياسة وقائية ، يكون لها الأولية قبل العمل الضبطى ، فالقبض على القاتل بعد جريمته أسهل بكثير من تلاشى حدوث الجريمة قبل وقوعها ، ونعلم أن هذا أيضًا ليس ممكن دائمًا ، ولكن وقاية المُجتمع دائمًا وتأمينه ، خير ألف مرة من العلاج بالرصاص . [email protected]