التاريخ يعيد نفسه ، فخطأ 4 فبراير 1942 التاريخى يتكرر فى 30 ديسمبر 2011 ، ففى كلا التاريخين تدخل المحتل الأجنبى لدعم و حماية جهات معارضة مصرية فى مواجهة السلطات . فى 4 فبراير 1942 أمر الاحتلال البريطانى الملك فاروق بتكليف مصطفى النحاس بتشكيل الوزارة وحاصر القصر الملكى بدباباته . وفى 30 ديسمبر هدد المحتل الأمريكى الإدارة المصرية بكف يدها عن منظمات المعهد الجمهورى والمعهد الديمقراطى وفريدوم هاوس الأمريكية وإلا سيقوم بقطع المساعدات عن مصر . كما أن فى كلتا الحالتين كان هناك معارضة شعبية واسعة للسلطات الحاكمة : ففى الأولى كان الملك فاروق يحكم مصر فى ظل الاحتلال البريطانى ويتعاطى بشكل كامل مع الإنجليز. وفى الحالة الثانية ، يناضل الشعب المصرى لإسقاط بقايا النظام وإرغام المجلس العسكرى على تسليم السلطة . لكن فى الحالة الأولى ورغم المعارضة الشعبية للملك ، إلا أن الضمير الوطنى رفض التدخل البريطاني الفج ، ليس من أجل عيون الملك المكروه ، وإنما دفاعًا عن الكرامة الوطنية ولم ينس التاريخ أبدا لحزب الوفد هذا الخطأ الفادح رغم كل أدواره الوطنية وأدوار زعمائه الكبار أمثال سعد زغلول ومصطفى النحاس *** فكيف يأتى الآن من يقبل بتدخل الإدارة الأمريكية لحمايته، حتى لو كانت فى مواجهة خصومنا فى السلطة؟ إن كانت الحجة هى أن العسكر يضربون المنظمات التى فضحت انتهاكاتهم . فإن الموقف الصحيح هو مقاومتهم بمواصلة الثورة وبالتعبئة الشعبية والتظاهر والاعتصام ، كما فعلناها عشرات المرات منذ تفجر الثورة ولكن أن نقبل حماية الاحتلال الأمريكى ، ونفاجأ بعدم صدور تصريح أو بيان واحد من أى منظمة حقوقية يتضمن فقرة تدين التدخل الأمريكى وترفض التهديد بقطع المساعدات ، وتطالب برفض هذه المساعدات. على غرار الموقف الوطنى العظيم للبابا شنودة حين قال (( لو أمريكا اللى هتحمى الأقباط فى مصر وتفرض الحماية الدولية على مصر فليموت الأقباط ولتحيا مصر)) *** ثم دعونا نتفق على أن مصر بلد تابع ومحتل منذ عام 1974 ، ونظام مبارك هو صناعة أمريكية 100% ، ولقد قامت الثورة بالأساس لتحرير مصر من الأمريكان ومن نظامهم بما فيه المجلس العسكرى الذى يتلقى معونة 1.3 مليار $ سنويًا . وليس من المعقول أو المقبول أن نستعين بالأمريكان لإسقاط النظام الذى صنعوه بأيديهم . إن المعهد الجمهورى أو الديمقراطى أو فريدوم هاوس لا تمثل الثورة ولا المصالح الوطنية المصرية ، بل ما هى إلا منظمات سواتر لأنشطة أجهزة الاستخبارات الأمريكية . و الادعاء بأن الدفاع عن نشاطهم فى مصر هو أحد مطالب الثورة المصرية هو كذب محض . والصمت الآن سيعطى شرعية لمزيد من اختراق مثل هذه المنظمات للواقع المصرى ، وسيبعث برسالة مرفوضة ومضللة وهى أن القوى الوطنية تقبل بهم شركاء ورفاقًا لها ، وسيعطى امتيازات خاصة فوق القانون لكل رجال الأمريكان فى مصر . *** فدعونا لنناضل حتى النهاية ضد العسكر وضد الاستبداد وضد النظام القديم بعيدًا عن الحماية الأمريكية ، ولنضع على رأس مطالبنا رفض المعونة العسكرية الأمريكية ، التى يستخدمونها ذريعة طول الوقت للتدخل والاختراق . وإن كان النظام الحاكم بما فيه العسكر عيونهم مكسورة لأنهم يتعيشون على فلوس الأمريكان ، فلنحمد الله أن كل الشعب المصرى وكل قواه الوطنية ((الحقيقية )) رءوسهم مرفوعة و يستطيعون أن يضعوا أصابعهم فى أعين كل رجال الأمريكان فى مصر : سواء فى السلطة أو فى المجلس العسكرى أو فى المعاهد الديمقراطية والجمهورية وبيوت الحرية . *** ودعونا نختم هذه السطور بأغنية عبد الحليم حافظ الشهيرة عن الحماية البريطانية ((ذكريات)) : كنت تلميذ فى ابتدائى و أصدقائى / يوم كده جم فى شارع جنب بيتنا /جم يطيروا طيارتنا ، اللى صنعناها بأيدينا / التقينا شلة من أولاد هناك ، إنجليز من سننا ، بيطيروا هما كمان طيارتهم زينا/ طيارتنا و طيارتهم مرت النسمة خدتهم / شبكتهم عقدتهم وقعتهم /الولاد الخواجات بالضرب هات فينا / ضربناهم برجلينا و إيدينا و انتهينا /فى البوليس راحوا اشتكونا و جرجرونا و بهدلونا/ التقينا فى قسمنا اللى اسمه عربى/ شاويش راجل أوروبى إنجليزى وشه أحمر /قال هئ هئ / Egyption,how dare you Don't you Know Them /دول حماية حماية ، حماية ***** [email protected]