«المشاط» تبحث مع بنك التنمية الجديد والأمم المتحدة التعاون بين بلدان الجنوب    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة    هجرة شرعية إلى الكرة الأوروبية..!    بمليار دولار وارتفاعه 250 مترًا.. معلومات عن برج «فوربس» المقترح بالعاصمة الإدارية    بعد لقائهما بيوم واحد.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالا من نظيره الإيراني    البنك الأهلي المصري يطلق تحديثات على منتج «حساب الأهلي وسيط Escrow»    وزير الرياضة يشهد المرحلة التمهيدية من مشروع صقل مدربي المنتخبات الوطنية    ذروة الموجة الحارة.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدًا الجمعة 14-6-2024 (درجة الحرارة تصل ل47)    سفاح التجمع يشعل مواجهة بين صناع الأعمال الدرامية    جولة للفيلم الوثائقي اللبناني "متل قصص الحب" في 5 مهرجانات سينمائية    يوم التروية.. سبب التسمية وأفضل الأعمال به والأدعية المستحبة    افتتاح عدد من الوحدات الحديثة بمستشفيات المنيا الجامعية    محافظ أسيوط يضع حجر أساس مدرسة المحبة بمدينة المعلمين    عيد الأضحى 2024 | أحكام الأضحية في 10 أسئلة    شواطئ ودور سينما، أبرز الأماكن فى الإسكندرية لقضاء إجازة عيد الأضحى    محافظ الشرقية يفتتح النصب التذكاري للشهداء    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    يورو 2024.. نزلة برد تجتاح معسكر منتخب فرنسا    تخرج الدورة الأولى للمعينين بالهيئات القضائية من الأكاديمية العسكرية المصرية    "المحطات النووية": تركيب مصيدة قلب المفاعل للوحدة الرابعة بالضبعة 19 نوفمبر    أسواق عسير تشهد إقبالًا كثيفًا لشراء الأضاحي    عاجل- الرئيس السيسي يتوجه اليوم إلى السعودية لأداء فريضة الحج    تفاصيل زيارة السيسي إلى السعودية لأداء فريضة الحج    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    رئيس صندوق التنمية الحضرية يتابع الموقف التنفيذي لمشروع "حدائق تلال الفسطاط"    قرار جمهوري بتعيين الدكتور فهيم فتحي عميدًا لكلية الآثار بجامعة سوهاج    رضا عبد العال: أرفض عودة بن شرقي للزمالك    دعاء ثامن ليالي ذي الحجة.. اللهم اني أسألك العفو والعافية    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    فطار يوم عرفات.. محشي مشكل وبط وملوخية    انفجار مولد الكهرباء.. السيطرة على حريق نشب بمركز ترجمة بمدينة نصر    النيابة أمام محكمة «الطفلة ريتاج»: «الأم انتُزّعت من قلبها الرحمة»    شبكة المنظمات الأهلية: انتشار المجاعة بين الفلسطينيين يهدد الحياة في غزة    في وقفة عرفات.. 5 نصائح ضرورية للصائمين الذاهبين للعمل في الطقس الحار    مجانًا.. فحص 1716 شخصًا خلال قافلة طبية بقرية حلوة بالمنيا    ضبط أحد الأشخاص بسوهاج لزعمه قدرته على تسريب امتحانات الشهادة الثانوية    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    في أول ليالي عرضه.. «ولاد رزق 3» يزيح «السرب» من صدارة الإيرادات    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    مصرع مواطن صدمته سيارة أثناء عبوره لطريق الواحات    عاجل| رخص أسعار أسهم الشركات المصرية يفتح شهية المستثمرين للاستحواذ عليها    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    كندا تعلن عن تزويد أوكرانيا بصواريخ ومساعدات عسكرية أخرى    لبيك اللهم لبيك.. الصور الأولى لمخيمات عرفات استعدادا لاستقبال الجاج    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    دار الإفتاء توضح حكم صيام يوم عرفة    «الإسكان»: تنفيذ إزالات فورية لمخالفات بناء وغلق أنشطة مخالفة بمدينة العبور    "عودة الدوري وقمة في السلة".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    عبد الوهاب: أخفيت حسني عبد ربه في الساحل الشمالي ومشهد «الكفن» أنهى الصفقة    مدرب بروكسيي: اتحاد الكرة تجاهل طلباتنا لأننا لسنا الأهلي أو الزمالك    رئيس هيئة الدواء: السوق المصرية أكبر الأسواق الإفريقية بحجم مبيعات حوالي 7 مليارات دولار سنويًا    هشام عاشور: "درست الفن في منهاتن.. والمخرج طارق العريان أشاد بتمثيلي"    ناقد رياضي ينتقد اتحاد الكرة بعد قرار تجميد عقوبة الشيبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروسنة
نشر في المصريون يوم 19 - 12 - 2015

إذا انطلقت "نعم" من الباب فى واشنطن، خرجت "لا" عفويا من الشباك فى موسكو، قوتان تتصارع مصالحهما على بسط النفوذ فى بقاع الأرض، قدر لواشنطن التفوق والتوسع عقب تفكيك منظومة الاتحاد السوفيتى بنهاية عام 1989، وخيل للعم سام أنه ملك الأرض من أطرافها، وازدانت له الدنيا بما عليها، وبدأ يلعب منفردا عقب تحرير الكويت من غزوة صدام العراق وإعلان جورج بوش الأب "النظام العالمى الجديد" الذى يقوده قطب واحد، غير أن الدب الروسى لم يتأخر فى رد الفعل، ولما ذهب عنه الروع من صدمة انهيار منظومته الذى ظل عليها عاكفا 70 عاما، بدأ لملمة قوته من خلال تجميع شتات الامبراطورية الروسية بتكوين الاتحاد الروسى ورويدا رويدا دب فى شريانه نبض الحياة، لم يضيع الوقت على الفور وضع يده على مسدسه وتحسس قوته وأعلن عن نفسه مرة أخرى، وكانت أوكرانيا أولى المعارك مع "ناتو" أوروبا وأمريكا، وحتى تلك اللحظة لم يهنأ الاوكرانيون بدخول حلف الناتو بعد أن ضم بوتين القرم إلى منظومة الاتحاد الروسى وتدعم موسكو العناصر الانفصالية التى تقف حجر عثرة فى استقرار أوكرانيا .
وقد استشعر الدب الروسى الحرج وهو يشاهد أمريكا وإسرائيل بدعم أوروبى يعملون بدأب فى تغيير جغرافية المنطقة العربية، وجن جنونه وهو يرى ذلك المخطط يمضى قدما فى سوريا والعراق من خلال زرع فصيل متطرف "داعش"، وساعدهم دهائهم فى اقناع العالم بتجميع تحالف دولى لمحاربته، لكن الروس وجدوا ضالتهم فى حليفهم القديم بشار الأسد الذى أفقدته المعارضة المسلحة قوته وتوازنه وكانت قاب قوسين أو أدنى من الاطاحة به رغم دعمه اللوجستى والعسكرى من إيران واستعانته بقوات من حزب الله اللبنانى وميليشيات شيعية عراقية، وقبل السقوط طلب الاستعانة بموسكو كآخر الحلول لبقائه فى السلطة، لم تتردد موسكو لحظة فى الاستجابة لطلبه وأرسلت على الفور مقاتلتها الجوية وأسطولها البحرى ومارست مهامهما فى ضرب المقاومة المسلحة بزعم ضرب داعش، واستطاع بوتين تحقيق مآربه فى التواجد أولا فى المنطقة الدافئة كحلم سوفيتى قديم، وثانيا وضع قدم فى المنطقة التى يريدون اعادة صياغتها جغرافيا ليعلن بكل بجاحة "أنا فيها لا أخيها" .
لم يتوقف الطموح الروسى عند التواجد فى سوريا بل ساعدته الأجواء الملتهبة عسكريا فى المزيد، وداعبه طموح التوسع والتمدد، فقام بالتنسيق والتعاون مع إيران كقوى اقليمية، ثم أراد استفزاز القوى الاقليمية الثانية فيها، فتوغل طيرانه مرتين فحذرته تركيا وفى الثلاثة أسقطت له مقاتلة سوخوى وقتل طيار من طاقمها، فى هذه اللحظة وقف العالم على أطراف أصابعه ينتظر صدام عسكرى حتمى بين إمبراطورتين تعيشين على أمجاد ماض تولى "الامبراطورية السوفيتية والامبراطورية العثمانية" باستخدام سجال لغة التهديد والتخويف التى لم تسفر عن شيىء ملموس.. فعمدت الامبراطوريتان إلى سياسة الحصار، فدخلت تركيا مع التحالف العسكرى الإسلامى الذى أعلنت عنه السعودية مؤخرا، وفى المفابل صار المتنافسان صديقان، فوزير خارجية أمريكا جون كيرى يذهب لموسكو ليبحث معها حل أزمة سوريا هكذا يعلنان، بل وزارتى دفاع البلدين ينسقان جهودهما فى مكافحة الارهاب وتبادل المعلومات فى كيفية القضاء على تنظيم داعش، وخلال هذه الأيام تلتقى الإدارتان فى واشنطن لتنسيق الجهود وتوزيع الكعكة على الأطراف المتداخلة، ونلاحظ نشاطا محموما للدب الروسى فى المنطقة، فيرفع وزير خارجية روسيا سماعة التليفون ويتصل بنظيره العراقى ويناقش معه ضرورة خروج القوات التركية من الأراضى العراقية ولا أعرف من أعطاه هذا الحق، وكيف قبل العراق هذا التدخل، على إثرها اشتكى العراق تركيا فى مجلس الأمن مطالبا سحب قواتها من أراضيه التى تواجدت أساسا بتفاهم عراقى تركى لتدريب قوات البشمركة .. هذا الانجاز شجع بوتين عرض خدمات جيشه على العراق لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية فى العمق العراقى .
فى هذا السجال العسكرى الذى تشهده المنطقة، أهانت تركيا كبرياء روسيا وخدشت هيبتها، فهل يقف رد الفعل عند هذا الحد الرخو الذى لا يثمن من جوع ولم يقنع العالم بأن الدب الروسى له أنياب أو عضلات؟
وبفعل الضغط الداخلى عمدت روسيا ألى تعددت أساليبها ولم تقف عند حدود التهديد والحصار وزيادة جرعة طلعات المقاتلات الروسية على الحدود السورية التركية، فشملت الإجراءات الاقتصادية التى لن تضر الاقتصاد التركى وحده سواء فى إمدادات الغاز أو السياحة أو التبادل التجارى والمشروعات المشتركة بين البلدين بل سيطول تأثيرها الاقتصاد الروسى .
وما زال فى جعبة الطرفان أوراق يمتلكها كل طرف لم تستخدم بعد، حيث تملك روسيا ورقتين خطيرتين يمكن استخدامهما فى إزعاج تركيا وهى الأكراد والعلويين الذين يمثلون ما بين 30 و35٪ من نسيج الشعب التركى، فى نفس الوقت تملك تركيا ورقة الأقليات فى الضغوط من خلال تشجيع المسلمين السنة داخل الاتحاد الروسى بدورهم على التمرد وإزعاج حكومة موسكو الذين يبلغ عددهم 20 مليونًا.
كان كرم رجل سوريا المريض بشار الأسد مع الجيش الروسى كبيرا، إذ حقق لهم الحلم القديم بوجود قاعدة بحرية على الساحل السورى وهيأ لهم أيضا مراكز تصنت فى جبال اللاذقية واستخدام كافة المطارات، الأمر الذى عشم بوتين إحياء دور روسيا الدولي من خلال توسع الأهداف الجيوسياسية فى ظل أجواء اقليمية مساعدة للتوغل السياسى والعسكرى لدول المنطقة، ورغم هذا التواجد إلا أن بوتين ينتابه شعوريين متناقضين، شعور بالإخفاق من عدم تمكن روسيا بالنيل من تركيا لإسقاطها مقاتلة روسية، وشعور بالزهو بالتواجد الفعلى والتنسيق مع واشنطن فى الحصول على نصيبهم من تقسيم الكعكة العربية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.