قال خبراء وسياسيون إن هناك نوابًا داخل البرلمان يستخدمون الحصانة البرلمانية سلاحًا للتستر على أعمال الفساد التى يقومون بها، ومن بينها أعمال مخالفة للقانون، بينما هناك من يستخدمها لكشف الفساد داخل المؤسسات المختلفة، إلا أن الآراء تعددت حول الحصانة واستخداماتها ما بين من يطالب بتقنين صلاحيتها، وآخرين يعتبرونها حقًا من حقوق النائب ولا يجب الاقتراب أو المساس بها أو مناقشتها، فيما ذهب آخرون إلى أن الحصانة أداة يستخدمها بعض الأعضاء بالبرلمان للتستر على جرائمهم. وقال الدكتور أحمد دراج ، أستاذ الإعلام والعلوم السياسية بجامعة بنى سويف، إن الحصانة حق من حقوق أعضاء مجلس النواب ولا أحد ينكر ذلك، ولكنها كانت مستخدمة بكل صلاحيتها فى فترة الحزب الوطنى المنحل لتمرير ما تريده الدولة أو الحكومة من قرارات. وتابع: "فكرة الحصانة قد تستخدم لتمرير مصالح متبادلة بين طرفين هما "السلطة التشريعية والسلطة التنفذية". وتوقع دراج، أن يستمر ما كان يحدث فى الماضى من الاستخدام السيئ للحصانة الانتخابية فى الدورة الحالية لانتخابات مجلس النواب، وأرجع ذلك إلى الطريقة التى حصد بها نواب البرلمان المقاعد تحت قبة البرلمان، والتى تتمثل فى استخدام المال السياسى والرشاوى الانتخابية. وقال رامى محسن رئيس المركز الوطنى للاستشارات البرلمانية، إن فكرة "الحصانة البرلمانية" لا يجوز الحديث عن إلغائها، وذلك لأنها مقررة فى الدستور والقانون، ولكن هناك من يجعلها شعارات يتم الاتجار بها، مضيفا أن من يقوم بتدول تلك الأفكار "هو جاهل ولا يفقه شيئأ". وأضاف ل،"المصريون": "لابد من وجود آلية تقوم على تقنين الحصانة الخاصة بأعضاء مجلس النواب، لأنها وضعت لحماية النائب وليس لخدمته، بما يساعده فى القيام بأداء مهامه على أكمل وجه وتوفير الإمكانيات التى تمكنه من خدمة الوطن. وطالب رئيس المركز الوطنى للاستشارات البرلمانية، محاكمة كل من يسئ استخدام الحصانة فى غير الأطر المحددة لها، والتى تتمثل فى تحقيق مصالح شخصية، والقيام بتجاوزات، أو اختراق للقانون. من جانبه قال الدكتور محمد العقاد النائب المستقل عن دائرة المنيل بمصر الجديدة، إن موضوع الحصانة البرلمانية أخذ أكبر من حجمه, وتم الاتجار ببعض الشعارات، مضيفًا أن الحصانة موجودة لتمكين مجلس النواب من أداء مهامه، والرقابة على السلطة التنفيذية، تحت قبة البرلمان، ولكن على جانب آخر فإنّ الحصانة لا تحمى النائب إذا أخطأ وخالف الدستور، ويتم تقديمه للقانون فى حالة تلبسه. وأضاف: "بأن حصانة النائب تمتد لخارج البرلمان، وخاصة فيما يتعلق بلجنة تقصى الحقائق والتى يمارس فيها العضو كافة أنشطته الرقابية، متابعا: لا بد من وجود آلية واضحة لتأدية الدور الرقابى الذى يقوم به العضو. فى السياق ذاته، قال الدكتور زكريا حسين أستاذ العلوم الاستراتيجية، إن الحصانة البرلمانية للنائب تقتصر تحت قبة البرلمان فقط، أما خارج البرلمان فإنه يعامل كمواطن عادى يطبق عليه القانون إذا أخطأ . وأضاف ل "المصريون ": الحصانة تحت قبة البرلمان تتمثل فى حمايته، بالإضافة إلى ضمان استقلالية النائب فى اتخاذ القرارات وأيضا تكفل له الحرية الكاملة لمناقشة وكشف قضايا الفساد، أما فى الماضى فقد استخدمت الحصانة بشكل غير قانونى من قبل بعض النواب، والتى تتمثل فى تخطى القانون وتحقيق مصالح شخصية، واستخدامها لحمايتهم عند القيام بأعمال إجرامية. وتنص المادة (112) من الدستور على أن: (لا يسأل عضو مجلس النواب عمّا يبديه من آراء تتعلق بأداء أعماله فى المجلس أو فى لجانه)..، وتنص المادة (113) على أنه: (لا يجوز، فى غير حالة التلبس بالجريمة، اتخاذ أى إجراء جنائى ضد عضو مجلس النواب فى مواد الجنايات والجنح إلا بإذن سابق من المجلس.. وفى غير دور الانعقاد، يتعين أخذ إذن مكتب المجلس، ويخطر المجلس عند أول انعقاد بما اتخذ من إجراء.. وفى كل الأحوال، يتعين البت فى طلب اتخاذ الإجراء الجنائى ضد العضو خلال ثلاثين يومًا على الأكثر، وإلا عُد الطلب مقبولاً). وقال هلال الدندراوى، نائب رئيس حزب "التجمع"، إن المشكلة ليست فى أعضاء البرلمان الذى يمكن استغلالهم للحصانة البرلمانية فى انتهاكات ضد القانون, بل فى الناخبين الذين أعطوا أصواتهم لمن لا يستحقون هذه الحصانة, وتم جذبهم بالمال السياسي, كما أن الميزة الوحيدة للنائب فى البرلمان هى الحصانة, وبالتالى يجب أن تكون هناك حصانة جيدة ولكن بشروط قاسية تمنع استغلال النائب لها. وأضاف الدندراوى ل"المصريون"، أنه يجب أن تكون هناك ضوابط للحصانة البرلمانية حيث إنه عندما يخل بها يعاقب, مضيفا أن أى نائب تجاوز القانون يجب إلغاء الحصانة فورًا منه, وإخضاعه للتحقيق .