الدكتور محمد حافظ: - الإثيوبيون فكروا فى سد النهضة منذ خمسين عامًا.. والغرب دفع لتأديب مصر لأنها أنشأت السد العالي - الرئيس الإثيوبى استغل انشغال مصر بثورة 25 يناير وأصدر قرارًا سياسيًا بمضاعفة حجم السد - المهندسون الإثيوبيون اضطروا لبناء سد ركامى بطول 5000 متر لحماية جسد "النهضة" من الانهيار
فى الوقت الذى تتزايد فيه حدة الخلافات المصرية الإثيوبية، حول سد الألفية أو النهضة، والذى يهدد مصر ببوار ملايين الأراضى الزراعية، كشف الدكتور مهندس محمد حافظ أستاذ هندسة الموانئ وهندسة السواحل بجامعة "Uniten" الماليزية عن المخطط الغربى لمعاقبة مصر على بنائها للسد العالى وتحديها للبنك الدولى وأمريكا، مبينًا أن الإثيوبيين كوسيط لعملية التأديب فكروا فى بناء سد النهضة منذ أكثر من خمسة عقود مضت، للتلاعب فى الحصص المائية للنيل الأزرق. وأوضح عالم السدود المصرى، أن الفكرة الأولى لسد النهضة انطلقت عام 1964، وأنه كان من المقرر أن يتم إنشاؤه فى نفس المكان ولكن بسعة تخزين تعادل 11 مليار متر مكعب وإنتاج طاقة كهربائية تعادل قرابة 1400 ميجاوات، وارتفاع خرسانى يعادل 85 مترًا، بينما ارتفاع عمود المياه أمام السد يصل لقرابة 70 مترًا، مشيرًا إلى أن ملف سد النهضة أغلق لأكثر من 50 عاما لأسباب اقتصادية وسياسية عديدة، ثم بدأ التحدث عنه مرة أخرى مع نهاية عام 2005 وإحياء التصميم الأول لعام 1964، إلا أنه تبين حينذاك إمكانية تخزين 14 مليار متر مكعب فى بحيرة السد بدلا من 11 مليارًا مثلما كانت فى عام 1964.
وقال حافظ، إن تصميم سد النهضة بارتفاع 85 مترًا وسعة خزان تقدر بحوالى 14 مليار متر مكعب كان التصميم الذى اتفقت عليه بيوت التصميم العالمية باعتبارها الأفضل لضمان تأمين معامل أمان مقبول للسد ضد عامل الانزلاق أو الانقلاب وخاصة فى حالة تزامن حمل الفيضان مع أحمال الزلزال، موضحًا أنه بعد ثورة 25 يناير استغل الرئيس الإثيوبى انشغال مصر داخليًا برفع سعة خزان السد من 14 مليارًا لحوالى 74 مليار متر مكعب، مما تطلب زيادة ارتفاع البنيان الخرسانى من 85 مترًا إلى 170 مترًا أى ضعف الارتفاع الأول، وحتى يتم رفع سعة الخزان سيتم بناء سد ركامى بطول 5000 متر وارتفاع يصل إلى 60 مترًا فوق الحدود المنخفضة لخزان البحيرة، لدعم الارتفاع الزائد بقرار سياسى وليس فنيًا. وقال الدكتور محمد حافظ، إن بناء سد ركامى ملاصق للسد الخرسانى للتحويط على مياه بحيرة التخزين هو أمر عادى جدًا، ويوجد بالعديد من السدود حول العالم، ولكن لم يصل على الإطلاق إلى 5000 متر، وأن أكبر السدود الركامية لم يزيد على 300 متر، أى أن الإثيوبيين اضطروا لمضاعفة السد الركامى لأكثر من 15 مرة لمنعة من الانهيار.
وأشار عالم السدود، إلى أن معظم السدود التى تبنى بهدف عدم الإضرار بحصة الدول المشاركة فى النهر تبنى تحت مفهوم "سد متعدد الأغراض" أى سد يقوم بحجز مياه لتوليد الطاقة بالاضافة إلى توفير المياه للدول فى نطاق المصب، مبينًا أن تلك النوعية من السدود بها فتحات تعرف بفتحات "Sluice" للسماح بمياه النهر بالجريان لدول المصب، على أن تتم إدارة تلك الفتحات بشكل متوازن يضمن عدم تخفيض عمود المياه الهيدروليكى اللازم لتشغيل التروبينات، وفى نفس الوقت ضمان حصول الدول أسفل الزمام من حصتها فى مياه النهر. أما فى حالة الفيضان فيتم فتح البوبات جميعها، بالإضافة لفتحات الفيضان المعروفة ب"Spillway" للتخلص فى أسرع وقت من مياه الفيضان خشية زيادة الأحمال على السد وانهياره، وأنه عندئذ ستخرج المياه بشكل تصاعدى من فتحات السد "Sluice" يغلب عليها اللون الأسود لسحبها الطمى من قاع البحيرة، فى حين تخرج المياه الهابطة من "Spillway" نظيفة لأنها تسحب من سطح البحيرة وليس من قاعه.
وأكد الدكتور حافظ، أن التصميم الذى يتم على أساسة إنشاء سد النهضة الإثيوبى تصميم عدائي، حيث يصل ارتفاع السد الخرسانى إلى 170 مترًا منها 145 ارتفاع عمود الماء الدائم المطلوب توافره لمدة 24 ساعة لمدة 365 يومًا فى العام، فى حين تركت 25 مترًا كمسافة احتياطية لاستيعاب الفيضان، مشيرًا إلى أن فتحات سد النهضة لا تقع فى أسفل السد مثل باقى سدود العالم بل تقع فى أعلاه عند منسوب أقل من المنسوب الأقصى للمياه بقرابة 3 أمتار فقط، وهذا يعنى بشكل مباشر أن فتحات السد لن تأخذ من قاع بحيرة التخزين بل ستأخذ من مياه السطح مثلها مثل فتحات المفيض، وهذا يعنى أنه لن يكن به مخرج لمياه النيل الأزرق من سد النهضة إلا بعد ان يصل عمود المياه فوق قاع البحيرة الى 142 مترًا، بينما فى حالة الفيضان الأعلى سيصل عمود المياه أمام السد ل145 مترا، وعندئذ تعمل بوابات السد وبوابات المفيض.
وقال عالم السدود، إن السؤال الذى يطرح نفسه، متى سيصل ارتفاع عمود المياه أمام السد ل142 أو حتى 145 كأقصى ارتفاع فى حالة حدوث فيضان خلال شهر يوليو وأغسطس فقط؟، فكمية تدفق المياه لنهر النيل الأزرق عند موقع سد النهضة خلال باقى السنة لا تكفى للوصول إلى عمود المياه فى 145 مترًا فهى كمية تدفق بسيطة للغاية تكفى فى أفضل الحالات توليد طاقة بشكل مستمر تعادل أقل من 2000 ميجازات، وليس ستة آلاف ميجاوات كما يدعون.
وقال حافظ، إن الهدف الرئيسى لبناء إثيوبيا للسد هو قطع المياه عن مصر والسودان حتى وصول عمود المياه الى 145 مترًا، وإنه عندئذ ستفتح بوابات السد "Sluice" وسيكون فتح تلك البوبات بهدف التوزان بين الارتفاع المطلوب والتخلص من المياه الزائدة، مع الاحتفاظ الدائم بعمود مياه أمام السد يعادل 145 لضمان تشغيل أكبر عدد من التروبينات، مبينًا أن عدد التروبينات بسد النهضة مصمم على عمود المياه الأقصى وأى تخفيض فى هذا العمود يعنى مباشرة تخفيض عدد التروبينات. شاهدالصور: