استأنفت محكمة جنايات القاهرة جلساتها الخميس لمحاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك ونجليه جمال وعلاء وحبيب العادلى وزير الداخلية الأسبق وستة من كبار مساعديه ورجل الأعمال الهارب حسين سالم. وتستكمل المحكمة خلال جلسة اليوم الاستماع إلى مرافعة النيابة العامة لليوم الثالث والاخير المحدد لمرافعتها التى كانت قد عرضتها على مدى يومى أمس واول أمس . ويواجه مبارك والعادلى ومساعدوه تهما تتعلق بالتحريض على قتل المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير وما تلاها من أحداث , فيما يواجه مبارك ونجلاه وحسين سالم تهما تتعلق بالفساد المالى . كانت الطائرة التى تقل الرئيس السابق حسني مبارك وصلت الى أكاديمية الشرطة بالقاهرةالجديدة قادمة من المركز الطبي العالمي بطريق القاهرة-الإسماعيلية الصحراوي. وعقب هبوط الطائرة داخل مقر الأكاديمية, تم نقل الرئيس السابق بواسطة سيارة إسعاف إلى غرفة استراحة بجوار قاعة المحاضرات رقم 1 بالأكاديمية ثم تم نقله إلى قفص الاتهام بالمحكمة . وكانت النيابة العامة ، فى مرافعتها أمس الأربعاء فى القضية المتهم فيها الرئيس المخلوع حسنى مبارك بقتل المتظاهرين واستغلال النفوذ، قالت إن أجهزة الدولة لم تتعاون فى التحقيقات، وذكرت أمام محكمة جنايات القاهرة أن من بين الأجهزة التى لم تتعاون وزارة الداخلية، والأمن القومى، فى إشارة إلى المخابرات العامة. وكان مبارك قد وصل متأخرًا أمس الأربعاء إلى مقر المحاكمة بأكاديمية الشرطة على متن طائرة هيلكوبتر، وذلك بعد وقت طويل من حضور ابنيه علاء وجمال، وحبيب العادلى، و6 من كبار مساعديه، ما أثار التساؤلات حول أسباب هذا التأخر. وسادت حالة من الاستياء بين المحامين المدعيين بالحق المدنى داخل قاعة المحاكمة بعدما أعلن مسئول عن تأمين الجلسة أن سبب غياب مبارك يرجع إلى سوء الأحوال الجوية التى تشهدها مصر، الأمر الذى يعرقل حركة الطيران والملاحة الجوية. وصرح مصدر مسئول فى وزارة الطيران المدنى أن الطائرة التى كانت تنقل مبارك من محبسه داخل المركز الطبى العالمى إلى أكاديمية الشرطة ظلت تحلق على مسافة قريبة من الأرض ولا تحتاج إلى ارتفاعات شاهقة، وبالتالى لا يعيقها الشبورة المائية الملبدة فى سماء القاهرة. وقال مصدر طبي مسئولا بالمركز الطبى قال فى تصريحات خاصة ل"المصريون"، إن حالة مبارك النفسية ساءت بشكل كبير بعد مرافعة النيابة الثلاثاء، والتى اعتبرها إساءة وإهانة بحقه، لافتًا إلى أن أكثر العوامل التى أثرت سلبًا على نفسيته تتمثل فيما جاء على لسان المستشار مصطفى سليمان المحامى العام الأول بأن مبارك ترك إدارة شئون البلاد خلال فترته الرئاسية الأخيرة لزوجته تديرها وفقًا لهواها وما يتوافق مع مساعيها لتوريث الحكم لنجلها الأصغر جمال مبارك. وتابع المصدر قوله إن مبارك ردد "بعد ما قدمته للبلد يتهمونى بأنى تركتها لمراتى واكتفيت بهواء شرم الشيخ العليل على حساب الشعب"، مشيرًا إلى أن المخلوع ظل طوال الليل مستيقظًا ما دفع الأطباء لإعطائه أدوية مهدئة حرصًا على صحته وتخوفًا من أن تؤدى الأزمة النفسية إلى تدهورها. كانت النيابة قد واصلت مرافعاتها لليوم الثانى على التوالى موجه تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد لمبارك ونجليه ووزير داخليته ومعاونيه، مؤكدةً أن المتهمين اتفقوا على قتل المتظاهرين، وأن المتهم الأول (مبارك) قام بتحريض المتهم الرابع (العادلي) على ممارسة أقصى وسائل القمع فى التصدى للمتظاهرين السلميين. ونوهت النيابة إلى أن الدليل المادى قائم على المتهمين مستشهدة بشهادة اللواء حسن عبد الحميد الذى أكد أن المتهمين السبع (وزير الداخلية ومعاونيه الست) عقدوا اجتماعًًا بشأن المظاهرات والتصدى للمتظاهرين بأى وسيلة كانت، مشيرة إلى أن جثامين الشهداء أتثبت أن الوسائل التى استخدمت فى القتل متعددة، مطالبة بالقصاص بإعدام المتهمين لما اقترفوه من جرائم. على جانب آخر فجر طارق العجمى أحد المحامين المدعين بالحق المدنى فى قضية قتل المتظاهرين والمتهم فيها الرئيس المخلوع حسنى مبارك ونجلاه ووزير داخليته حبيب العادلى و6 من كبار مساعديه مفاجأة من العيار الثقيل عندما كشف عن أن الجلسة الواحدة من جلسات محاكمة الرئيس المخلوع تكلف الدولة نصف مليون جنيه مصاريف نقله من وإلى المركز الطبى العالمى، بالإضافة إلى مصروفات التأمين الخاصة بالقوات تتكبدها وزارة الداخلية للإنفاق على عملية التأمين. ويأتى ذلك فى الوقت الذى يتحدث فيه رئيس حكومة الإنقاذ الوطنى كمال الجنزورى عن إفلاس الدولة وعدم توافر السيولة والدعوة لحالة تقشف، حيث أعلنت السلطات المصرية عن قيام أجهزة الأمن بتكثيف الحراسة ونشر أكثر من 5000 جندى من العمليات الخاصة والأمن المركزى داخل وخارج قاعة المحكمة بمقر أكاديمية الشرطة شرق القاهرة، حيث يحاكم المتهمون، و12 حصانًا من قطاع الخيالة تم نشرها حول أبواب الأكاديمية، و20 سيارة مدرعة على الأقل و30 مركبة عسكرية ستستخدم لنقل مبارك ونجليه إلى قاعة المحكمة ولحفظ الأمن أثناء الجلسة. وفى نفس الوقت، أعلن مساعد وزير الصحة أنه سيتم استخدام 14 سيارة إسعاف وعيادتين متنقلتين لتأمين محاكمة الرئيس السابق من خلال تمركز سبع سيارات إسعاف بأكاديمية الشرطة والمناطق القريبة منها مزودة بأطقم المسعفين والمستلزمات، وسيتم تمركز السبع سيارات الأخرى على بعد 2 كم من الأكاديمية، وذلك لتأمين المواطنين والقضاة والمحامين والإعلاميين. وقال "يتم التنسيق مع الإدارة المركزية بالرعاية الحرجة والعاجلة لتمركز 2 عيادة متنقلة مزودة بأطقم الأطباء والأخصائيين للأمراض الباطنية والجراحة العامة، كما سيتم تزويدهم بكافة المستلزمات الطبية والإسعافات اللازمة من أدوية ومحاليل وغيرها". وأضاف أنه يتم رفع درجة الاستعدادات القصوى فى المستشفيات القريبة من الأكاديمية وخاصة مستشفيات القاهرةالجديدة والبنك الأهلى ومنشية البكرى ودار الشفاء والدمرداش، وذلك لمواجهة أى حالات إصابات قد تحدث نتيجة أى تجمعات. وأشار إلى أنه سيتم علاج الحالات البسيطة ميدانيًا من خلال العيادات المتنقلة، وسيتم نقل أى حالات قد تستدعى بسيارات الإسعاف إلى المستشفيات طبقا لنوعية الإصابات، مشيرا إلى أنه تم دعم المستشفيات بفرق طبية إضافية لاستئناف جلسات "مرافعة النيابة" للفصل فى محاكمة مبارك وأعوانه. إلى جانب استخدام طائرة خاصة تقوم بنقل الرئيس السابق من المركز الطبى إلى قفص الاتهام، ثم تنقله إلى المركز الطبى مرة أخرى بعد انتهاء جلسة المحاكمة. من جهته، قال الدكتور أشرف حسن قاسم الخبير الاقتصادى إن الاقتصاد المصرى لا يتحمل صرف نصف مليون جنيه على كل جلسة محاكمة رموز الفساد خاصة فى ظل الأزمة الاقتصادية التى تمر بها البلاد، مشيرا إلى عدم ضرورة هذه الإجراءات الأمنية والصحية التى تكلف الدولة مصاريف باهظة. واستنكر الدكتور أحمد غنيم – مدير مركز البحوث الاقتصادية والخبير الاقتصادى هذا الكم من المصروفات التى يتم إنفاقها فى كل جلسة؛ فى ظل حالة التقشف التى تمر بها البلاد فى الآونة الأخيرة وأن هذا يعد بزخًا. وقال "لو افترضنا أن المحاكمة استغرقت 15 جلسة فى نصف مليون عن كل جلسة، بهذا الشكل ستتجاوز مصروفات جلسات محاكمة مبارك وأعوانه أكثر من 7 ملايين جنيه.