يبالغ دونالد ترامب ملياردير العقارات المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية في التطرف ليصل إلى درجة يتساوى فيها مع أشد المتطرفين في العالم الإسلامي. كما نجد متطرفين يدينون بالإسلام، وينشرون الكراهية، ويريدون هدم العالم، والحضارة، نجد في أمريكا والغرب أيضا متطرفين من اليمين الصهيوني يرفعون شعارات عنصرية، ويروجون لخطاب الكراهية، ومن هؤلاء ترامب. والحقيقة أن عنصرية هذا الرجل المهووس لا تقتصر على المسلمين فقط، فهى تشمل طوائف وقوميات وجنسيات عديدة، فهو يطالب مثلا بتسفير المقيمين غير الشرعيين في أمريكا إلى بلدانهم الأصلية بالجملة، كما يطالب بتشييد جدار كبير جدًا بين أمريكا والمكسيك، ويتهم الكثير من المكسيكيين المقيمين في أمريكا بأنهم مجرمون ومغتصبو نساء، واتهاماته واستفزازاته تصل للأمريكيين أنفسهم، وهو يشوه الحزب الجمهوري ويورطه في أزمات مع الأقليات، وقد يكون سببا سواء كان هو مرشح الجمهوريين، أو خرج من المنافسة في التأثير على نتائج الحزب في انتخابات 2016. وهو في حالة المسلمين يضاعف الكيل، فهم لا بواكي لهم، وهم الحائط المائل في هذا العالم، ومشكلة ترامب أنه يتهم العرب والمسلمين جميعا وبلا استثناء، لا يفصل بين المتطرفين أمثاله، وبين أمة عدد سكانها أكثر من 1,6 مليار نسمة ، وكانت أحدث سفالاته هو مطالبته بمنع المسلمين من الدخول إلى أمريكا، فقط لأنهم مسلمون. العالم يتحول إلى محرقة كبيرة بسبب المتطرفين من المسلمين، ومن المسيحيين، أما اليهود فبينهم تيار صهيوني مغرق في العنصرية والإرهاب في ممارساته ضد الشعب الفلسطيني، احتلال واستيطان وتهويد وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، يحول هذا التيار النازي كيانه إلى كتلة من العداوة والكراهية تجاه العرب الذين يعيش وسطهم منبوذا معزولا. العالم لن يستقر، ولن يكون بخير، ولن يشهد سلاما طالما هناك صعود للتطرف، وتفشي ممارسات الإرهاب، وإذا كنا ندين التنظيمات والحركات التي تلجأ للعنف وتمارس القتل و تتبنى خطاب التكفير فإن على الغرب أيضا أن يدين حركات وتنظيمات التطرف والكراهية عنده وأن يواجه ظاهرة الاسلاموفوبيا التي تتسع، ومن أسف يشارك في صناعتها قادة ومسؤولون في السلطة ، ففي ظل الضجة التي تثيرها تصريحات ترامب المجنونة، يأتي توني أبوت رئيس وزراء أستراليا السابق ليزعم أن الحضارات ليست متساوية، وأن على الغرب إعلان تفوقه على الإسلام، وفيكتور أوربان رئيس وزراء المجر يؤكد في خضم موجة اللاجئين السوريين أن القيم المسيحية معرضة للخطر إذا ما تم استيعاب اللاجئين، وكرواتيا تفضل اللاجئين المسيحيين وليس المسلمين، وبابا الكنيسة في روسيا يعتبر العدوان الروسي في سوريا حربا مقدسة ويباركها مستعينا بوصف قديم قميء يعود إلى زمن الحروب الصليبية في إشارة ذات مغزى لا تخطئها عين، تلك الحروب التي من الواضح أنها لم تضع أوزارها بعد، وبوش الابن سبق وتحدث صراحة عن أنه يخوض حربا صليبية خلال استعداداته لغزو أفغانستان والعراق، وزعيمة الجبهة الوطنية المتطرفة في فرنسا وزملائها قادة الأحزاب اليمينية في هولندا والدنمارك ودول أوروبية عديدة يتباهون بمعاداتهم للمسلمين ويتهمونهم بالإرهاب وبعض نخبهم يقدمون رسوما كاريكاتورية وشرائط سينمائية مسيئة ليس للمتطرفين إنما للإسلام والقرآن والرسول صلى الله عليه وسلم، وحركة بيجيدا العنصرية وهى ألمانية المنشأ تنتشر فروعها في بلدان أوروبا معلنة بشكل صريح العداء لكل ما هو إسلامي. التطرف الإسلامي له دور في صعود موجة تطرف مقابلة له، لكنها ليست موجات طارئة، فهناك نخب رسمية وفكرية وثقافية ودينية غربية ترى أن العالم الإسلامي هو العدو، وتعتبر حضارتها في مكانة أرقى، وتعتقد أنها المنتصرة تاريخيا في صراع الحضارات، وأن صراعها اليوم هو مع الإسلام العدو الأخضر الجديد بعد أن كسبت معركة الشيوعية أو العدو الأحمر، وتلك مجمل كتابات ومقولات اثنين من كبار منظري الغرب، صمويل هنتجنتون، وميشيل فوكوياما، هنا مشكلة الغرب، حيث يؤصل للتطرف والعداء والصراع، وهنا تعزيز للتطرف الإسلامي، ومده بماء الحياة. هناك عقلاء انتقدوا ترامب، وزميله المرشح الرئاسي بن كارسون الأسود الذي عانى أجداده من العنصرية طويلا ثم هو اليوم يمارس العنصرية والصفاقة مع اللاجئين السوريين ويصفهم بالكلاب، وهناك القس تيري جونز وأوربان وأبوت وجان ماري لوبن وابنته وكيرت فليدرز وغيرهم من طبقة صناع الكراهية وبناء جدران عازلة وضرب قيم الغرب التي نعتز بها. وكما أن هناك رفض في العالم الاسلامي رسمي وشعبي وثقافي لتيارات التطرف والعنف، فالغرب مطالب عبر عقلائه بمحاصرة تيارت التطرف والعنف الصاعدة لديه، والغرب مطالب أكثر بلجم الإرهاب الإسرائيلي لأن دوره كبير في تصعيد الشرور وإشعال نيران الحروب والعداء في الشرق الأوسط والعالم. لا تعايش في العالم إلا بالتسامح والسلام وقبول الآخر، فالأرض تتسع للجميع، والشمس تنشر أشعتها على الجميع، والصراعات والخلافات الدينية يجب تنحيتها والتعاون في القيم الانسانية المشتركة، وإلا فالبديل هو استمرار حروب الكراهية المدمرة للأرض ومن عليها. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.