محللون: الهجمات ستعطيه حرية العمل بشكل أكبر لمقاومة الإرهاب فى مصر سياسيون: الغرب سيتعاطف معه فى مواجهة الإرهاب وسيحد من دعمه للإسلاميين
لجأت جماعة الإخوان المسلمين بعد أحداث 30 يونيو 2013، إلى الغرب سواء للهروب من بطش النظام المصرى الذى يطارد الإسلاميين أو تقوية العلاقات مع الأنظمة الغربية للضغط على النظام المصرى وعودة الرئيس المعزول محمد مرسى إلى الحكم مرة أخرى ومنذ عزل مرسى تجاوب عدد كبير من الدول الأوروبية مع جماعة الإخوان المسلمين من خلال البيانات التى أصدرتها الدول الأوروبية التى نددت بما جرى فى 3 يوليه 2013 . وبدأت الجماعة فى استعادة جزء من قوتها بمساندة هذه الدول والتى شكلت ورقة ضغط كبيرة على السيسى ورجالة، ولكن بعد مرور عامين ونصف على عزل مرسى أتت الرياح بما لا تشتهى السفن، فقد شهدت فرنسا بداية الشهر الجارى تفجيرات قوية أودت بحياة أكثر من 100مواطن فرنسى واتجهت أصابع الاتهامات إلى الإسلاميين بعد تبنى تنظيم داعش للحادثة مما أربك المشهد السياسى ووضع الإخوان ومؤيدوهم فى دول الغرب فى موقف حرج وهو مايحاول النظام بقيادة السيسى من استغلال الحادثة للتقرب من الغرب من جديد خاصة أن تفجيرات باريس قد تمت بعد أيام من انتقادات دولية لمصر بعد أنباء استخباراتية عن سقوط الطائرة الروسية فى سيناء نتيجة لعمل إرهابية.
حيث قامت بريطانياوروسيا بقطع رحلاتهما الجوية مع مصر وإجلاء مواطنيهم مما تسبب ذلك فى حالة كبيرة من الذعر فى مدينة شرم الشيخ , ضربت على إثرها موسم السياحة الشتوى فى مصر فى مقتل, وتضامنت فرنسا مع المجتمع الدولى بتحذير مواطنيها بعدم السفر إلى مصر, إلا أن حادثة باريس صرفت أنظار العالم بعض الشيء عن حادثة الطائرة الروسية, وجعلتهم يتطلعون إلى أهمية التعاون من أجل مواجهة الإرهاب الذى قد يضرب جميع دول العالم بحسب خبراء سياسيون. وبدأ الإعلام المصرى، بالتأكيد على مطالبة الرئيس السيسى الدول الغربية بالتعاون مع مصر من أجل مواجهة الإرهاب الذى قال إنه سيضرب كل دول العالم وأشاروا إلى أن حادثة فرنسا هى تأكيد واضح على مطالب مصر. وفى حين يرى خبراء سياسيون، أن هذه الحادثة ستجلب تعاطف الدول الأوروبية مع النظام المصرى فيما يتعلق بحادثة الطائرة الروسية والموقف من الإسلاميين، ونجاة نظام السيسى من الكماشة الأوروبية التى فرضت عليه بعد حادثة تفجير الطائرة الروسية فى مصر، وذهب آخرون إلى أن سياسات الغرب ستتغير تجاه المنطقة العربية بأكملها باعتبار أنها مصدر لظهور الجماعات المتطرفة وأن موقفهم من حادثة سقوط الطائرة الروسية لن يتغير.
وفى إطار ذلك رصدت "المصريون"، آراء المحللين فى تأثير تفجيرات فرنسا على موقف الدول الأوربية من النظام المصرى بعد حادثة تفجير الطائرة الروسية فى مصر وإمكانية تخليها عن دعم الإسلاميين لديها.
صادق: "السيسى قد يستغل حادثة باريس ويلجأ لتنفيذ أحكام الإعدام ضد الإخوان
فى البداية قال الدكتور سعيد صادق المحلل السياسي: إن حادثة باريس أثبتت أن هناك ظاهرة عالمية من الإرهاب تواجه جميع الدول وليست متمركزة فى دولة واحدة, ومن ثم ستؤدى هذه الحادثة إلى جعل الدول الأوروبية تعيد النظر فى تعاطفها مع تيار الإسلام السياسى لا سيما فى مصر, والذى تسبب فى إثارة الرأى العام العالمى تجاه النظام المصرى ومساعيه نحو مواجهة الإرهاب. فتفجيرات باريس ستحد من الانتقادات العالمية للنظام المصري، بعد حادثة سقوط الطائرة الروسية فى سيناء, لا سيما أن مصر ظلت صامدة وكثفت إجراءاتها لمواجهة أى عمليات إرهابية فى شرم الشيخ رغم أن نتيجة التحقيقات لم تثبت وجود عمليات إرهابية, فى حين أن حادثة باريس كانت نتيجة عمل إرهابى واضح استهدف مناطق متفرقة وكانت تهدد رئيس الدولة, مما دفع فرنسا إلى فرض الطوارئ فى باريس وتوقف الحياة بالكامل. وأشار صادق، إلى أن النظام المصرى قد يلجأ إلى فرض إجراءات مشددة منها تطبيق أحكام الإعدام تجاه جماعة الإخوان المسلمين وبعض المحكوم عليهم مثل الإرهابى "حبارة " أو غيره, دون أن يكون هناك انتقاد دولي, وذلك لأن حادثة باريس جعلتهم يخشون زيادة الأعمال الإرهابية. وتابع: "المجتمع الأوروبى سيعطى السيسى حرية العمل بشكل بوليسى أكبر لمقاومة الإرهاب فى مصر حتى لا يتمدد فى الدول الأوروبية مرة أخري". ورجح صادق، أن تكون الأحداث الإرهابية من صنيعة أجهزة المخابرات الدولية وذلك فى إطار الحرب الخفية بين الدول الكبري".
"عمار" الإرهاب تجاوز كل الاحتياطات الأمنية ومصر استطاعت أن تواجهه
من جانبه قال الدكتور عمار على حسن الباحث فى علم الاجتماع السياسي: إنه عقب حادثة سقوط الطائرة الروسية فى سيناء, انهالت وسائل الإعلام الأمريكية وأجهزة الاستخبارات بإلقاء اللوم على الأمن المصرى واتهامه بالتسيب وعدم الكفاءة فى مواجهة الإرهاب, رغم أن مصر تخوض حربا منذ سنوات ضد مليشيات إرهابية فى جنوبسيناء, وعمليات وتنظيمات إرهابية فى الوادى والدلتا. فحادثة فرنسا أظهرت أن الإرهاب يمكن أن يصل إلى أهدافه مهما بلغت الاحتياطات الأمنية مداها، فهذه القدرة تبدو غير طبيعية فى مواجهة مجموعات تقبل على عمليات إرهابيه, ورغم ان فرنسا تعرضت لحادثة إرهابية فى بداية العام بعد مهاجمة مجلة "شارلى ابدو" ورفعت بعدها السلطات الفرنسية التدابير الأمنية لكن هذا لم يمنع من حدوث هذه العملية الكبيرة التى استهدفت أكثر من حى فى مدينة باريس, مما قد تجبر الدول الأوروبية أن تعطى المبررات للنظام المصرى فى مواجهة الإرهاب الموجود فى أكثر من مكان وجهة, واستطاعت أن تحقق بعض النجاح تجاه مواجهته". وأوضح حسن، أن الإرهاب لا يمكن القضاء عليه بشكل نهائى وأن العالم لم يكن يفهم ما تعانيه مصر, ومطالبتها بوجود تعاون أمنى وتبادل للمعلومات من خلال أجهزة المخابرات بخصوص المنظمات الإرهابية, إلا أن البعض كان يتصرف وفقا لمصالحة, والبعض الآخر كان يوظف هذه الجماعات الإرهابية لتحقيق أهدافها غير المعلنة. فرد الفعل الغربى لن يكون سريعًا ولن ينعكس على أزمة السياحة من قبل روسيا أو بريطانيا, لكن من الممكن أن تدفع أجهزة المخابرات الأوروبية للتعاون مع الأجهزة المصرية وفقا لما تنص علية وتؤكده الاتفاقيات الدولية. وأشار إلى أن دور مصر فى مواجهة الإرهاب وعرضه على مجلس الأمن سيحظى بتأييد دولى وربما يسهم ذلك فى ترسيخ مكانة مصر الدولية خاصة فى مواجهة الإرهاب.
وفى سياق مخالف يرى مجدى حمدان المحلل السياسى والعضو السابق بجبهة الإنقاذ، أن العالم صدم جراء ما حدث فى فرنسا وربما سيتبع هذا الفعل بعواقب وخيمة تجاه الجاليات العربية فى فرنسا وأيضا المردود السلبى تجاه المنطقة العربية مجتمعة، مؤكدًا أن الغرب أصبح يشير إلى أن التفجيرات ذات صبغة عربية وجميع أوجه الاتهام تشير إلى المنطقة العربى نظرًا للمعارك المسلحة وكثرة الجماعات المتطرفة التى نشأت نتيجة الصراعات فى بعض الدول بمساعدة بعض القوى الدولية. وأشار حمدان، إلى أن الحادث لن يكون ذو مردود إيجابى على مصر بل على العكس نظرا لأن كل المؤشرات تشير إلى أن الطائرة تم تفجيرها وهو ما يختلف عن حادث باريس الذى استهدف مناطق متفرقة فى آن واحد، لافتًا إلى أن النظام الروسى وتعامله مع سقوط الطائرة يختلف عن الوضع الفرنسي. وتوقع حمدان, أن تشهد المرحلة المقبلة المزيد من المتغيرات أبرزها تغيير الرأى العام الأوروبى لنظرته للمنطقة العربية بشكل عام بما فيهم مصر بأنهم مصدر مقلق لهم. فحديث السيسي، عن أن الإرهاب سيضرب العالم كله ربما يكون ناجما عن معلومات لدية لا سيما وأنه رجل مخابرات ومن الأولى أن تقوم مصر بالمشاركة فى مواجهة التنظيمات الإرهابية فى ليبيا وسوريا لأن الغرب لن يتعامل بشكل برى فى تلك الدول وربما يتم الدفع بجنود من دول أخري.
"عقل": الغرب يتعامل مع الإرهاب بمنظور مختلف وربما يكون هناك تعاون مع مصر لمواجهة داعش
ومن جهته قال زياد عقل الباحث السياسى بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية: إن الدول الغربية لن تقوم بتغيير موقفها تجاه الأحداث التى وقعت فى مصر لمجرد وقوع حادث فى فرنسا فالرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند قال إنه سيتعامل بكل حزم لكن فى إطار القانون ولا يعنى انه سيقوم بانتهاك للحقوق لأى مواطن داخل فرنسا". وأضاف عقل، أن حادث باريس ليس بالضرورة أن يقرب وجهات النظر بين مصر والدول الأوروبية فيما يتعلق بالإرهاب ولكنه قد يخلق ضغطا قد يؤدى إلى تعاون مصر مع أوروبا وأمريكا فيما يتعلق بمواجهة داعش فقط , لكنه لن يغير وجهة نظرهم فيما يتعلق بالإرهاب بشكل عام . فالأوربيون يعرفون الإرهاب على أنه ظاهرة سياسية، سببها القمع وغياب الحريات, لكن فى مصر يتعاملون على أنه ظاهرة دينية سببها وجود خطاب دينى متشدد يلجأ للعنف مما يؤكد وجود اختلاف جذرى فى تحديد مفهوم الإرهاب ومن ثم طرق مواجهته. وأشار الباحث بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية, إلى أن نمط الإرهاب الحالى ليس مركزي, وأنه غير موجه إلى دولة بعينها, كما أن تنظيم داعش يعتمد على الانتشار و اللا مركزية, وقد يستهدف أى دولة أوروبية كانت أو عربية لا سيما, أن هناك العديد من الأوروبيون الذين يتلقون تدريبات عسكرية فى المناطق الملتهبة ويعودن إلى بلدانهم . فالفترة الحالية ستشهد تركيزا من دول أوروبا وأمريكا على مواجهة الإرهاب فى سوريا والعراق وليبيا من خلال محاولة تغيير الظروف السياسية التى أدت إلى ظهور هذا الإرهاب.
العزباوى: نغمة "الإرهاب" لا تجدى مع الغرب
من جانبه قال الدكتور يسرى العزباوى الباحث فى مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية: إن الحوادث الإرهابية فى فرنسا لن تؤثر بالإيجاب على تعامل دول الغرب ونظرته فيما يخص الإرهاب فى مصر والمتعلقة بتعامل النظام المصرى معه ففرنسا سوف تلجأ إلى اتخاذ مواقف متشددة تجاه المصريين والعرب عمومًا فى ظل تحميل الإسلاميين التكفيريين المسئولية بعد مشاركة فرنسا فى غزو سوريا وليبيا . يسرى: حادثة فرنسا انعكاس لما يحدث فى العالم العربى من منطلق آخر قال السفير إبراهيم يسرى وكيل وزارة الخارجية الأسبق: إن حادثة فرنسا ما هى إلا انعكاس لما يحدث فى العالم العربى من قتل وسفك دماء ومنها على سبيل المثال ذبح ربع مليون سورى دون ذنب، إضافة إلى العمليات التى تحدث فى مناطق أخرى. وأكد يسري، أن انعكاس تلك الأحداث على تعامل دول الغرب ومنها فرنسا مع النظام فى مصر وبالتحديد وجهة نظره تجاه "مكافحة الإرهاب" سيكون محدوداً فى ظل استمرار الحكومة فيما أسماه نغمة الإرهاب". وعن تجاهل الحكومة لاتخاذ أى إجراءات مثل إجلاء الرعايا المصريين بفرنسا كما حدث من الجانب الروسى عقب حادث الطائرة الروسية، قال يسري، إن الوضع مختلف فحاجة مصر إلى هذه الدول أكبر بكثير من حاجة دولة مثل فرنسا إلينا، إضافة إلى أن أحقية كل دولة فى الحفاظ على رعاياها بالطريقة التى تناسبها أمر مشروع من وجهة نظرها.