* لو كان الأمر بيدي لرفعت على ناصية كل شارع وكل حي وكل قرية وكل مدينة يافطة كبيرة مكتوب عليها " الشعب يريد إصلاح النفوس..!؟ " . فصلاح النفوس هو أساس متين وقوى لإصلاح أي وطن وأي دولة . وكما يقول الشاعر : ابدأ بنفسك فانهها عن غيها... فإذا فعلت فأنت عظيم . فالشعب الصالح ينشأ وطنا صالحا , والشعب الفاسد ينشأ وطنا فاسدا . وكل إناء ينضح بما فيه . فأنى لنا بوزير صالح ومسئول صالح ومدير صالح وقاض صالح وطبيب صالح ومهندس صالح ومعلم صالح وكاتب صالح وبرلماني صالح , والمناخ العام فى الوطن عنوانه , نفسي نفسي , أو إن شئت فقل : أنا ومن بعدى الطوفان . الصلاح يبدأ من الفرد أو المواطن نفسه , والفساد يبدأ من الفرد أو المواطن نفسه . فأصلحوا أنفسكم ياسادة تنصلح أوطانكم وتتقدم بلادكم . فلايمكن أن ينشأ وطن صالح من الفراغ , بل يسبقه مواطن صالح يراعى مقتضيات عمله ويراعى ربه قبل كل شئ .
* قد توسوس إليك نفسك وتقول " وماذا بوسعي أن أفعل...؟ " أقل لك : ابدأ بنفسك وانهها عن غيها … فإذا فعلت فأنت عظيم . ابدأ بإصلاح نفسك وألزمها الصراط المستقيم والطريق القويم . فإن صلاح الدول والمجتمعات موقوف على صلاح الأفراد . فإذا صلح الفرد صلح المجتمع وإذا فسد الفرد فسد المجتمع. إن صلاح النفوس هو بيت القصيد والعلاج المديد والحل السديد لمن أراد إصلاحا أوأراد صلاحا لهذا الوطن. نريد المسؤول الصالح الذى يراعى الله أولا ويراعى مقتضيات وظيفته فلا يتربح من عمله بسسب موقعه الذى يشغله . فلايمكن لنا أن نرقع الثوب الأبيض برقعة سوداء وإلا فضحته وكشفته وشوهته..! إن الثوب هنا هو الوطن والرقعة المقصودة هى المواطن فلابد أن تكون القماشة من نفس لون الثوب…! والصاحب للصاحب كالرقعة فى الثوب .... إن لم تكن منه شانته...!
* قف مع نفسك وقفة حساب وسائلها عن أخطائها وزيغها وسيئاتها وجنوحها وميلها وانحرافها وافترض فى نفسك الخطأ وفى غيرك الصواب ولا تبرأ نفسك لأن النفس أمارة بالسوء إلا مارحم ربى. وقف لها بالمرصاد وقفة المحاسب المعاقب المعاتب. واخفض الصوت والزم الوقار واحفظ الأسرار وقل لنفسك محذرا " يانفس إياك من الظلم فانه يصرع الرجال ويقصر الآجال ويمحو البركة من المال . لاتنظر إلى القشة التى فى عين أخيك وانظر إلى الخشبة التي فى عينك وكن بعيوب نفسك بصيرا وبعيوب غيرك ضريرا . إن فساد المواطن ولاسيما إن كان مسؤولا كبيرا فى إحدى الوظائف العليا يترتب عليه فساد كبير إلى يوم الدين .
* ياسادة :
أصلحوا نفوسكم …. تنصلح أحوال أوطانكم…! ولا تفسدوها بالأوهام والإفراط فى الخيال واقبل الحق ولو كان مع خصمك وارفض الباطل ولو كان مع صديقك وإن أحسن منافسك فقل له أحسنت , وإن أساء صديقك فقل له أسأت , ولاتجامل أحدا فى الحق فالحق أحق أن يتبع. واعلموا أن الأوطان أمانة استودعها الله إياكم فلا تضيعوها . وإن خاصمت فلاتفجر وإن حكمت فلا تمكر وإن لم تؤيد الحق فلا تقف فى خندق أهل الباطل . إن صلاح النفوس وصلاح المواطن ليس كلاما إنشائيا بقدر ماهو خطة عمل يجب أن نلتزم بها جميعا ونضع لها الخطط والوسائل والأهداف لكى يرتقى الوطن الذى يعانى من الفساد فى كل ربوعه .
* إن صلاح النفوس ليس شعارا للاستهلاك المحلى بقدر ماهو سلوك وخلق عملي يصدقه العمل أو يكذبه , فإياكم بتناقض الأفعال مع الأقوال وتناقض الظاهر مع الباطن لان ذلك من صفات المنافقين الكذابين المرائين . لاتظهر أمام الناس بوجه ثم تخفى فى الباطن وجها آخر . لاتعامل من يرأسك فى العمل بوجه لين ثم تعامل من ترأسهم أنت بوجه خشن فظ غليظ . لاتكن فى المسجد قديسا عابدا ثم تخرج من المسجد فتقبل الرشوة والمال الحرام . لاتعامل المريض فى عيادتك الخاصة باهتمام كبير ثم تعطى له ظهرك وتهمله فى المستشفى العام مع المريض الفقير الذي لايجد قوت يومه . لاتكذب للهروب من المسؤولية لأنه إذا كان الكذب ينجى فالصدق أولى. إن مصر اليوم على مفترق طرق , إما تكون أو لاتكون وليس أمامها طريق ثالث آخر .
* إذا كان الفساد ظهر فى البر والبحر فذلك بما كسبت أيدي الناس . فالفساد لايأتينا من الخارج , بل هو من أعماق أنفسنا الأمارة بالسوء . ولايمكن لوطن ما أن يتقدم وينصلح حاله وأهله فاسدون . وماكان الله عز وجل ليهلك القرى بظلم وأهلها صالحون . فا الجزاء من جنس العمل . ومن أراد الخير فليقدم الخير , ولايمكن أن تزرع الشوك وتجنى العنب , فمن زرع الشوك جنى الشوك , ومن زرع العنب جنى العنب , فالشئ من معدنه لايستغرب . وكما يقولون فى المثل الشعبي " الحداية لاترمى كتاكيت..!؟ " . فالنفس الصالحة الطيبة كا الأرض الخصبة لايخرج منها إلا الثمار الطيبة الناضجة . والنفس الخبيثة كالقيعان لاتمسك ماء ولا تنبت كلأ .
* إن هناك دولا تقدمت تقدما كبيرا فى كل المجالات علميا واقتصاديا وتكنولوجيا وهى دول غير إسلامية لأنهم طبقوا مبدأ العدالة والمحاسبة لأى مسؤول مهما كان منصبه , والكل أمام القانون سواسية كأسنان المشط . وهناك دول إسلامية وعربية تأخرت ومازالت تعيش فى عصر ماقبل التاريخ لان الفساد فيها عم وساد وانتشر انتشار النار فى الهشيم . لأنهم لم يطبقوا مبدأ المحاسبة ولا العدالة بين الناس . وكما يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله " إن الله عز وجل ينصر الدولة الكافرة لوكانت عادلة ولاينصر الدولة المسلمة لو كانت ظالمة . والظلم هو رأس الفساد . فأصلحوا أنفسكم يرحمكم الله لأن الصلاح هو بداية الطريق ونحن لم نضع أقدامنا على الطريق بعد..!؟. اللهم احفظ لنا ديننا واحفظ لنا وطننا آمنا مستقرا ترتفع فيه راية الحق والعدل والحرية .