قال محللون إن تصاعد حدة تصريحات قساوسة الكنيسة القبطية فى الآونة الأخيرة بوسائل الإعلام وخلال المظاهرات والاعتصامات التى قاموا بها يأتى تفعيلا لما يسمونه ب"السلفية الكنسية" التى تم تأسيسها منذ أعوام خلت. ومن أبرز تصريحات القساوسة التى تصدرت وسائل الإعلام "سنسفك الدماء إذا فرض علينا شىء من التيار الإسلامى، الدماء مقابل تهميشنا فى الدستور، لن نسمح لأحد بفرض الحجاب على نسائنا أو فرض أى أمور تخالف عقيدتنا". وقال القمص بطرس الأنبا بولا إنه يرحب بالفائز بكرسى الحكم، لكن فى الوقت نفسه مستعدون لسفك الدماء أو الاستشهاد إذا فُرض علينا شىء ضد عقيدتنا وما أنزل علينا من الإنجيل، على حد قوله. وشدد على أن الاعتراف ب"حقوق الأقباط" والمطالبة بها خلال مناقشات وضع الدستور الجديد أمر مسلم به، مضيفا أن أى فروض سوف تفرض عليهم ضد ما نزل به الإنجيل أو العقيدة المسيحية لن تنفذ مهما كانت عواقبها. وأضاف لن نسمح على وجه الإطلاق لفتيات وسيدات الأقباط بارتداء النقاب أو الحجاب، كما لن نسمح لرجالنا بإطلاق اللحى إذا فرضها علينا المستحوذون على كراسى البرلمان من التيارات الإسلامية، مشيرا إلى أننا أقباط وكلمة قبطى تعنى أننا أصل هذا البلد ونحن نقدم كل الاحترام لكل التيارات ولكن نرفض أن نهمش. ويرى محللون أن مدرسة "الأصولية – السلفية" القبطية بدأت فى الإسكندرية باعتبارها جهاد المحتل الوثنى واليهود، وهو ما يؤمن به بعض قيادات الكنيسة القبطية وعلى رأسهم الأنبا بيشوى، الذى أعلن إيمانه بتلك المدرسة عندما خرج لوسائل الإعلام عام 2010م زاعما أن المسيحيين هم أصل البلد وأن المسيحى الأرثوذكسى ليس عربيا، وأن المسلم المصرى عربى وليس مصريا خالصا، ويؤكد مقربون من الأنبا بيشوى أن هجومه الشديد على الإسلام يرجع إلى اعتناق أخته للإسلام والتى يقاطعها وتعيش فى الإسكندرية ومتزوجة من أحد قيادات الإخوان المسلمين. كما شكك فى عصمة القرآن خلال مؤتمر "تثبيت العقيدة" زاعما تعرض القرآن الكريم للتحريف عندما تم جمع القرآن الشفهى فى عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان فيما يخص الآيات التى تنفى وقعة "صلب المسيح" فضلاً عن اقتطاعه لجزء من تفسير الرازى ونزعه من سياق ليدلل أن بعض كبار المفسرين يؤيدون صلب المسيح. ويتبع الأنبا بيشوى القس فلوباتير، والقمص متياس نصر "وهما يعبران عن تنظيم "جهادى قبطي" ومدرسة فكرية جديدة تكفر المسلمين ولا تقبل حتى بالتعايش معهم بل تطالب بطردهم من البلاد وتشكك فى أصولهم واختلاطها وعدم نقائها بعكس الأقباط فراعنة الأصل وأنقياء النطفة أصحاب البلد الأصليين، مرددين نفس حديث مرقص عزيز راعى الكنيسة المعلقة الذى يخدم فى إحدى كنائس أمريكا بخصوص نقاء الدم القبطى ورفض التعايش مع المسلمين وإباحة دماء من يشهرون إسلامهم. ومن نفس المدرسة خرج أحد الرهبان الذى ظهر فى لقطات يوتيوب وهو يحرض على مقتل محافظ أسوان -زعم مسئوليته عن أحداث الفتنة الطائفية بالمحافظة - بأبشع موته ويهدد المشير بشهداء وقتلى! ويعد "فلوباتير" هو رأس الحربة للتنظيم- الذى تم الإعلان الرسمى عنه خلال حفل تأبين سنوية شهداء القديسين بكنيسة مارمينا بجليم- كانت بدايته بانضمامه لسلك الكهنوت عقب تخرجه من كلية الهندسة بعد إعجابه الشديد بالقمص مرقص عزيز كاهن الكنيسة المعلقة الموجود حاليا فى أمريكا الذى يطالب بفرض الحماية الدولية على وطنه "الأم" وظهر إعلاميا باعتراضه على مسلسل "أوان الورد" حيث قام برفع دعوى قضائية لوقف عرضه على شاشة التليفزيون المصرى بدعوى أنه يحرض الفتيات القبطيات على الزواج من المسلمين! وبعد رسامته كقس لكنيسة الطوابق بفيصل شارك القمص متياس نصر كاهن كنيسة عزبة النخل فى مطبوعة "الكتيبة الطبية"، وبدأ بكتابات مقالات هاجم فيها الدولة مما تسبب بحرج شديد للكنيسة وكان خطابه "صداميا" لم يعتاده الأقباط أنفسهم قبل ذلك، وأوقف عن الخدمة الكنسية عقب أحداث مسرحية "كنت أعمى والآن أبصرت" - التى تم تصويرها فى الإسكندرية وعرضت فى كنيسة مارجرجس والأنبا أنطونيوس بمحرم بيك عام 2003 ولم ينشر عنها سوى بعد عامين-. وعاد فلوباتير بعدها إلى كنيسة "حدائق الأهرام" وتوسط لدى البابا لعودته لكنيسة الطوابق، وعاد إليها للاحتماء بشعبيته فيها نظرا لأن مسيحى الحدائق استهجنوا خطابه لرقى تعليمهم على عكس المنطقة العشوائية التى توجد بها كنيسة الطوابق ووقع تعهدا بعدم الظهور فى الإعلام أو الحديث فى السياسة، لكنه عاد بعد 25 يناير وكثف نشاطه وتصدر الفضائيات خصوصاً بعد تزعمه لاتحاد شباب ماسبيرو. ويخشى مراقبون من إعادة إحياء "السلفية المسيحية" من خلال بعث "تنظيم جماعة الأمة القبطية" من جديد وهو التنظيم المتطرف الذى زرع فكرته حبيب جرجس فى الأربعينيات من القرن العشرين؛ حين كانت مصر تحت الاحتلال الإنجليزي، ثم أشهرت فى وزارة الشئون الاجتماعية عام 1952على يد محام شاب يبلغ من العمر 20 سنة اسمه إبراهيم فهمى هلال، وكان الهدف من إشهاره مواجهة الفكر الدينى الإسلامى الذى قامت به جماعة الإخوان المسلمين وقتها، حتى إنها رفعت شعار "الإنجيل دستورنا، والموت فى سبيل المسيح أسمى أمانينا". والمفارقة أن أن أول من اكتوى بإرهاب هذا التنظيم المتطرف هى الكنيسة نفسها؛ فقد قام التنظيم عام 1954م باختطاف البطريرك الأنبا يوساب الثانى من مقر المطرانية وقتها بشارع كلوت بك بقلب القاهرة، وإجباره على توقيع استقالة، ونقلوه بالقوة وتحت السلاح إلى أديرة وادى النطرون، ودعوا الشعب إلى انتخاب "بطرك جديد" وتحصنوا بالمقر الرئيس للبطريركية؛ ثم تدخلت الشرطة وألقت القبض عليهم وأحيلت المجموعة المسلحة للمحاكمة وصدرت ضدهم أحكام بالسجن، ثم قتلوا جميعا فى ظروف غامضة داخل سجونهم، وأثناء المحاكمة كان إدوار غالى الذهبى يترافع ضد المجموعة المقبوض عليها من تنظيم الأمة القبطية، فتلقى سيلا من التهديدات من باقى أعضاء التنظيم الهاربين ما جعل الداخلية توفر له حراسة مشددة، وقد تقدمت وزارة الداخلية بمذكرتين– الأولى بجلسة 13/5/1954م– والثانية بجلسة 17/ 6/ 1954م بينت فيها أغراض الجماعة التى تهدف إلى إقامة دولة قبطية باستعمال القوة المسلحة وصدر قرار بحل الجماعة.