بدأ مجلس النواب ، مطلع شهر نوفمبر الجاري، أعماله تحت حراسة أمنية مشددة، بعد سابقة تاريخية بالتوقف 3 أعوام، ليستعيد ذكرى مرور 149 عامًا على تشييده بطراز أوروبي إسلامي، وتغيير مسمياته 6 مرات، وترأسه من قبل 47 شخصية، وفق مؤرخين ومعلومات تاريخية. تم في نوفمبر 1866، الانتهاء من تشييد مقرّ مجلس النواب، بالقاهرة، إبان عهد الخديوي إسماعيل باشا، الذي تولى حكم مصر في الفترة الممتدة ما بين 18 يناير 1863, ولغاية 26 يونيو 1879. شُيّدَ مقر المجلس على طراز مزج بين فنون العمارة الأوروبية والشرقية الإسلامية، ليكون بذلك أول برلمان يتم إنشاؤه في دولة عربية. وفق "جمال شقرة" أستاذ التاريخ المعاصر والأمين العام للجمعية التاريخية. ومن ذلك التاريخ، توالت المجالس التشريعية على مصر، وكانت معبرة في أغلبها عن التوجه السياسي الغالب في البلاد، وفق تأكيد "محمود إبراهيم" أستاذ التاريخ في حديث للأناضول. وبدأ مجلس النواب الحالي أعماله، تحت حراسة أمنية مشددة، وتوقف لمدة 3 سنوات، منذ حل برلمان عام 2012 بقرار قضائي، مستقبلًا النواب الجدد، الفائزين في الانتخابات النيابية الحالية. وبحسب مراسل الأناضول في العاصمة بالقاهرة، واستنادًا إلى تصريحات حصل عليها من المؤرخين المصريين "جمال شقرة" و"محمود إبراهيم"، ومعلومات تاريخية أخرى، فإن أهم المعلومات التي يمكن إبرازها عن مجلس النواب المصري، يمكن تلخيصها على النحو التالي: أولا: المسميات لم يتغيير مكان المبنى التاريخي منذ إنشائه وسط القاهرة، إلا أن مسمياته تغييرت عبر تاريخ البلاد. بدأ المجلس الحالي أعماله تحت اسم "مجلس النواب"، في نوفمبر 1866، ليتغير اسمه بعد ذلك 6 مرات، حيث تحول اسمه إلى مجلس "شورى القوانين والجميعة العمومية" في نوفمبر 1883، ثم إلى "الجمعية التشريعية" في ديسمبر1913، ثم أعيد اسمه إلى "مجلس النواب" مجددًا في مايو 1938، ثم تغيير اسمه إلى "مجلس الشيوخ" في مايو 1938، ف "مجلس الأمة" في 1957، و"مجلس الشعب" في 1974، ليقر الدستور الصادر عام 2014، أن البرلمان القادم المزمع انعقاده نهاية الشهر الجاري، سيحمل اسم "مجلس النواب"، في عودة لاسمه الأول الذي حمله قبل 149 عامًا. ثانيا: شكل المقر ومساحته تقدر مساحة المجلس بنحو 11.5 فدان (48 ألف و300 متر مربع)، ويحتوي على قاعة رئيسية للمجلس، وهي قاعة مستديرة يبلغ قطرها نحو 22 مترًا وارتفاعها نحو 30 مترًا، يعلوها سقف على هيئة قبة قمتها المستديرة مزخرفة بالزجاج. وتمثل الزخارف النباتية طرازًا زخرفيًا كان سائدًا فترة بناء المقر. أما القاعة الداخلية، فتتكون من طابقين، في كل منهما شرفة تطل على قاعة ومنصة رئاسة المجلس، التي تعلو عن أرضيته نحو 1.20 مترًا، ويصعد إليها بسلم من ثماني درجات من الجانبين، ويلحق بقاعة المجلس عدة أجنحة، منها جناح يشمل متحف تاريخ الحياة البرلمانية، إضافة إلى جناح يضم قاعات استراحة رئيس الجمهورية وقاعة استراحة رئيس مجلس الوزراء وقاعة استراحة الوزراء، وقاعة مكتب رئيس المجلس، وعدة قاعات لمكاتب وكيلي المجلس والأمين العام. وتم إضافة التصويت الإلكتروني وشاشة كبيرة لعرض النتائج الفورية، أعلى مقعد رئيس المجلس، بديلا عن التصويت برفع الأيدي. ثالثا: أعداد نوابه تراوح عدد أعضاء مجلس النواب، ما بين 75 عضوًا و458 عضوًا، منذ تشكيله عام 1966 وحتى عام 2012، ويتسع الشكل الحالي للمجلس (بعد زيادة عدد المقاعد وفق قانون الانتخابات) ل 596 نائبًا. رابعا: رؤساء المجلس (47 رئيسًا) تولى 47 رئيسًا، إدارة أعمال المجلس على امتداد 10 دورات برلمانية شهدتها مصر، 4 منها في العهد الجمهوري، و6 دورات خلال الحقبة الملكية، التي انتهت عام 1952 بقيام الجمهورية. يعد إسماعيل راغب باشا (25 نوفمبر 1866-24 يناير 1867)، أول رئيس للمجلس في العهد الملكي، حيث ترأس أعمال المجلس إبان حكم الخديوي إسماعيل باشا. ثم توالت على رئاسة المجلس عدّة شخصيات سياسية بارزة في التاريخ المصري، أهمها محمود فهمي باشا (11 أبريل 1910 - 30 يونيو 1913)، وسعد زغلول باشا (24 ديسمبر 1924- 23 مارس 1925)، ومصطفى النحاس باشا (7 نوفمبر 1927-15 مارس 1928). أما في العهد الجمهورية، فكان من أبرز الشخصيات التي ترأست المجلس عبد اللطيف البغدادي (22يوليو1957- 4 مارس 1958)، ومحمد أنور السادات (21 يوليو 1960 - 27 سبتمبر 1961) و(26 مارس 1964 - 12 نوفمبر1968)، وصوفي أبو طالب (4 نوفمبر 1978 - 4 نوفمبر 1983)، ورفعت المحجوب (23 يونيو 1984- 24 فبراير 1987)، ثم (23 أبريل 1987-12 أكتوبر 1990). وترأس المجلس أيضا القانوني أحمد فتحي سرور (13 ديسمبر 1990-1995)، ثم (ديسمبر 1995- 2000)، ثم (ديسمبر 2000- 2005)، ثم (ديسمبر 2005 حتى 2010)، ثم (2010 -2011) ، وهو أكثر رؤساء المجلس ولايةً لهذا المنصب. وفي عهد الرئيس السابق "محمد مرسي"، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا في تاريخ مصر، فقد شغل رئاسة المجلس الأكاديمي المسجون حاليًا "محمد سعد الكتاتني" (23 يناير2012 - 14 يونيو 2012). خامسًا: التأسيس الأول وتوجهات المجالس التشريعية على امتداد تاريخ مصر رأى "جمال شقرة"، أستاذ التاريخ المعاصر، أن المجلس الذي دشنه الخديوي إسماعيل عام 1866، كان بداية لتأسيس أول مؤسسات تشريعية في الدول العربية، والأول في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية. وأشار في مقابلة مع مراسل الأناضول، إلى أن "نشأة هذا المجلس مرت بمرحلتين، الأولى كانت مع بداية الافتتاح، واستمرت لمدة 10 سنوات، وكان ولاء النواب آنذاك يتسم بالخضوع للخديوي، ثم الثانية من بداية عام 1876 وحتى 1881، واتسمت تلك المرحلة بوجود شخصيات جريئة قادرة على النطق بالحق"، وفق قوله. ولفت شقرة إلى أن الحياة السياسية في مصر شهدت تشكيل بعض المجالس على غرار "مجلس العالي" عام 1824، و"مجلس المشورة" عام 1829، التي كانت أقرب إلى "دواويين لمساعدة الحاكم"،إلا أن "مجلس النواب"، الذي بدأ أعمال عام 1866، امتلك آلية عمل مختلفة تمامًا عن أي نوع من المجالس السابقة. في السياق نفسه، قال "محمود إبراهيم"، أستاذ التاريخ ، "إن تاريخ المجالس التشريعية في مصر، ارتبط بالتوجه السياسي الغالب والحاكم للبلاد"، وفق تعبيره. وتابع إبراهيم القول "مثلا في عهد عبد الناصر, كان التوجه الاشتراكي طاغيًا على توجه المجالس، وفي كل عهد ستجد الواقع السياسي للبلاد يغلب على التوجه العام للمجلس، بل وحتى على المسميات، من مجلس النواب إلى مجلس الشعب فمجلس الأمة". وأجريت المرحلة الأولى من الانتخابات النيابية، في شهر أكتوبر الماضي، وتبدأ المرحلة الثانية نهاية نوفمبر، فيما يستأنف مجلس النواب أعماله نهاية الشهر المقبل، بحسب تأكيدات رئاسية وقضائية متكررة.