بعد مرور ثلاثين عامًا كانت تقبع فيها القصور التاريخية فى مصر تحت هيمنة مبارك ورجاله اقترح عدد من الخبراء و الآثريين خروجها للنور وإعادة فتح أبوابها أمام الزوار لتصبح مزارًا سياحيًا أو يعاد استغلالها فى مشروعات سياحية وثقافية تدر عائدًا اقتصاديًا على ميزانية الدولة.. فى البداية يرى الدكتور عبد الله كامل، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية الأسبق، أن هناك عددا كبيرا من القصور التاريخية التى كانت مخصصة لإقامة الرئيس المخلوع مبارك والتى تجمع مابين الصفة التاريخية والأثرية المهمة، وتلك القصور تحتاج إلى إعادة نظر فهى تعانى من مشكلات خطيرة حيث كانت تدار بفكر عشوائى يحتاج إلى إعادة نظر وتقييم من قبل المسئولين، حيث إن تلك القصور تائهة بين ثلاث جهات تابعة لها باعتبارها مبانى تراثية وأثرية فهى تابعة لوزارة الآثار، بالإضافة إلى تبعيتها إلى وزارة الثقافة ممثلة فى الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، المسئول عن المبانى التاريخية إلى جانب وزارة السياحة، وبالتالى تحتاج تلك القصور إلى تكاتف الجهات الثلاث مع المحافظين المختصين بكل محافظة لرصد وإحصاء ما بها من كنوز ومقتنيات ثمينة لا تقدر بثمن وإعداد مشروع للحفاظ على التراث وأصول المنشآت وبحث إمكانية إعادة توظيفها ليكون لها مردود اقتصادى للبلد . وأوضح كامل أن هناك أفكارا عديدة لاستغلال تلك القصور فى مشروعات استثمارية وإسنادها لشركات كعقد مشروع انتفاع، حيث تلتزم هذه الشركات بترميم القصر، وإعادة توظيفه واستغلاله كقاعة مؤتمرات أو دار ضيافة أو منشآت ثقافية أو سياحية، مشيرًا إلى أنه من الخطورة أن نجازف بالقيمة التاريخية لتلك القصور التى كانت تقع تحت هيمنة مبارك ورجاله طوال عقود مضت. وأشار رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية الأسبق إلى أن استغلال قصور الرئاسة يختلف من دولة لأخرى فتجربة تونس فى التصرف ببيع قصور بن على تجربة لا يمكن تحقيقها على أرض مصر لأن بيع تاريخنا وصمة عار وتقليد أعمى فكيف نضمن إذا تم بيعها عدم هدمها أو تحولها لمشروعات سكنية أو تجارية فى قلب القاهرة وتشويه صورتها الحضارية مشيرا إلى أنه لا يوجد شىء اسمه قصور مبارك فالقصور الرئاسية هى ملك لمصر وكل المصريين، وبالتالى فإن محاكمة مبارك لا تعنى بيع قصور كان يعيش فيها بصفته رئيسا سابقا للجمهورية وإنما علينا إعادة استغلالها بطرق تجعلنا نحتفظ بالأثر بكامل قيمته وبالوقت نفسه استغلاله ماديا فى إدرار عائد لميزانية مصر. فى السياق ذاته، قال علاء عبد المنعم النائب السابق بمجلس الشعب إن مصير تلك القصور لابد أن يحدد بعد إقامة الجرد الكامل لها ومحاسبة المسئولين عن إدارة تلك القصور طوال عهد مبارك وكشف أى فساد أو تلاعب حدث بها أو بمحتوياتها من قِبل مبارك ورجاله، مشيرا إلى أنها ذات قيمة تاريخية كبرى لا تقدر بثمن فهى تحتوى على مقتنيات من عهد الخديو إسماعيل لذلك لابد من إعداد الصيانة والترميم الكامل لها والحفاظ عليها كأثر مهم. من جانبه، قال الدكتور سعيد اللاوندى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن قصور الرئاسة والاستراحات المخصصة للرئيس تعتبر كنوز أثرية لا تقدر بثمن وتحتاج إلى إلقاء الضوء عليها وعلى أهميتها التاريخية الكبرى ومحاولة استغلالها كمزارات سياحية كما هو الحال مع قصر عابدين الذى فتح أبوابه للزائرين والسياح، فتلك القصور ليست مجرد أبنية وحوائط ولكنها تحتوى على تحف وكنوز لا تقدر بثمن ويجب علينا كمصريين حسن استغلالها كأثر مهم ضمن آثار مصر كانت تقع تحت هيمنة مبارك فترة طويلة من الزمن إلا أنها لم تكن ملكه فهو ورثها من الخديو توفيق كما ورثها من قبله السادات وعبد الناصر وهى اليوم آلت إلى سيطرة الدولة. بينما اقترح الدكتور منصور مغاورى المستشار الاقتصادى بالمركز القومى للبحوث استغلال تلك القصور بطرق كثيرة دون المساس بها وبقيمتها الأثرية والتاريخية كإعادة فتحها أمام الزوار والسياح الأجانب والعرب كمحاولة لاستغلالها فى تنشيط السياحة، أو محاولة التفكير فى استغلال المساحات الشاسعة المحيطة بتلك القصور فى إقامة مشروعات. وأوضح حمدى عبد العظيم، الخبير الاقتصادى، أن مصير قصور الرئاسة مرتبط بالحكم على مبارك فإذا صدر حكم بمصادرة أمواله فسيتم بيع ممتلكاته من تلك القصور فى مزاد علنى وهذا الأمر يسرى فقط على القصور المملوكة لمبارك التى اشتراها بنفسه بأمواله الخاصة، فهى الوحيدة التى يمكن بيعها وتخصيص العائد منها لميزانية الدولة وهو قصر العروبة الموجود بمصر الجديدة وهو الوحيد الذى كان تمتلكه أسرة مبارك وذلك بعد أن يصدر حكم قضائى بذلك، وستحدد القيمة المادية له بناء على تحليل الخبراء بعد رصد ما تحتويه من مقتنيات ثمينة. وأوضح عبد العظيم أن فكرة البيع فى ظل هذه الظروف لن يكون مكسبًا لأن هناك كسادا كبيرا تعانى منه السوق المصرية، فيما عدا ذلك من قصور تابعة للدولة فهى ستتوارث للرئيس القادم كى يقيم بأحدها، وبقية القصور تئول ملكيتها للدولة إما إذا أرادت الدولة أن تمنح أسرة مبارك قصرا فهو من شأن الدولة.