إعلام إيراني: تفعيل الدفاعات الجوية في طهران وأصفهان بعد غارات إسرائيلية    تشكيل بايرن ميونخ وبوكا جونيورز في كأس العالم للأندية    الأمن يكثف جهوده لكشف لغز مقتل طبيب داخل شقته في طنطا    مسجلة منذ 18 عاما.. هاني حسن الأسمر يكشف كواليس طرح أغنية بصوت والده الراحل    نتائج مباريات أمس الجمعة في كأس العالم للأندية 2025    كروفورد عن نزال القرن: "في 13 سبتمبر سأخرج منتصرا"    ملف يلا كورة.. كواليس بعثة الأهلي.. مطالب ريبيرو.. وحكم مباراة بورتو    دبلوماسيون: هناك محادثات سرية بشأن من سيقود إيران لاحقًا    خلال ساعات نتيجة الشهادة الإعدادية محافظة البحيرة 2025.. رابط الاستعلام    «الصدمة الأولى كانت كريم وابنه».. «أحمد» يروي ما حدث في شارع الموت بمنطقة حدائق القبة    غارة إسرائيلية تستهدف «الناقورة» وتسفر عن قتيل في جنوب لبنان    بعد عرض معجب "هديكي 20 ألف جنيه وكملي"، روبي تشعل حفلها في مهرجان موازين بفستان قصير (صور)    نائب الرئيس الأمريكى: الوقت بدأ ينفد أمام الحلول الدبلوماسية بشأن إيران    حكم صيام رأس السنة الهجرية.. دار الإفتاء توضح    رغم فوائدها الصحية.. ما هي أبرز الأسباب التي تمنع الولادة الطبيعية؟    منظمة حقوقية تكشف أحدث حصيلة لضحايا إيران من ضربات إسرائيل    رسميًا.. موعد صرف معاشات شهر يوليو 2025 بالزيادة الجديدة.. هل تم تبكيرها؟    انتشال جثمانى طفلين من مياه البحر المتوسط بكفر الشيخ    اليوم.. طلاب الثانوية الأزهرية يؤدون امتحان مادة الكيمياء    الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم.. أول أيام الصيف    رسمياً.. مصروفات المدارس الرسمية والرسمية المتميزة للغات العام الدراسي الجديد 2025    بوتين: أتفق مع تقييم أوبك بشأن الطلب المرتفع على النفط    سعر البطاطس والبصل والخضار بالأسواق اليوم السبت 21 يونيو 2025    تقدم ملموس في الوضع المادي والاجتماعي.. توقعات برج العقرب اليوم 21 يونيو    هنا الزاهد وتامر حسني وزينة يواسون المخرجة سارة وفيق في عزاء والدتها (فيديو)    «هروح بالعيال فين؟».. أم «مريم» تروي لحظات الانهيار وفقدان المأوى بعد سقوط عقارات حدائق القبة    الوداد المغربي يعلن ضم عمر السومة رسميًا    الحكومة الباكستانية تعلن ترشيح ترامب لجائزة نوبل للسلام لعام 2026    وفاة رئيس لجنة امتحانات الثانوية بسوهاج في حادث.. وتحرك عاجل من نقابة المعلمين    تكليف مهم من نقيب المحاميين للنقابات الفرعية بشأن رسوم التقاضي    لأول مرة.. بدء أعمال اللجنة العليا لاختيار عمداء المعاهد العليا |150 معهدًا يقدم ترشيحات العمداء وفقًا للضوابط الجديدة    شاهد.. قناة السويس تنجح فى التعامل مع عطل سفينة 1 RED ZED.. فيديو وصور    جيش الاحتلال: اعتراض طائرة مسيرة فى شمال إسرائيل تم إطلاقها من إيران    إيران تمهل "عملاء إسرائيل" حتى الأحد المقبل لتسليم أنفسهم والاستفادة من العفو    انهيار عقارات حدائق القبة| بلوجر عبر صفحتها: "ضياء تحت الأنقاض"    تراجع أسعار الذهب في ختام تعاملات اليوم.. وعيار 21 يسجل 4780 جنيها    بعد زيادته رسميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 21 يونيو 2025    البيئة: قدم «صون الطبيعة» دعمًا لدول جنوب غرب آسيا ب60 مليون دولار    محافظ الغربية: جهود مكثفة للتعامل مع كسر ماسورة مياه بالمحلة الكبرى    قرار مهم من " التعليم" بشأن إعفاء الطلاب من المصروفات للمتفوقين بمدارس 30 يونيو    فتح باب انتقال ليفاندوفسكي إلى الدوري السعودي    الجمهور يهتف "الحرية لفلسطين" فى ثانى أيام مهرجان كناوة بالمغرب    بالصور- خطوبة مينا أبو الدهب نجم "ولاد الشمس"    بقيادة مؤمن سليمان.. الشرطة يتوج بلقب الدوري العراقي    عمرو أديب: نتائج الأهلي المخيبة للآمال تكشف ضعف اللاعب المصري    إنجاز طبي بمستشفى القصاصين.. استئصال ورم بالغدة النكافية بلا مضاعفات    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة التعاطي يشعل نقاشًا واسعًا في الكويت    سويسرا ترفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا    منها المساعدة في فقدان الوزن.. لماذا يجب اعتماد جوزة الطيب في نظامك الغذائي؟    طلب مناقشة أمام "الشيوخ" بشأن التنمر والعنف المدرسي الأحد    إدراج جامعة سيناء بتصنيف التايمز 2025..    مكافأة تشجيعية للمتميزين وجزاءات للمقصرين في المنشآت الصحية بالدقهلية    خطيب الجامع الأزهر: الإيمان الصادق والوحدة سبيل عزة الأمة الإسلامية وريادتها    مجلس الاتحاد اللوثري: خفض المساعدات يهدد القيم الإنسانية والتنمية العالمية    الصحة: فرق الحوكمة والمراجعة تتابع 392 منشأة صحية وترصد تحسنا بمستوى الخدمة    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صعود الإسلام السياسي: الوعد والوعيد
نشر في المصريون يوم 21 - 01 - 2006


انتهى 2005 بوعد ووعيد بالنسبة للحركات الإسلامية في العالم العربي. الوعد: رفع حظر التجّول السياسي المفروض عليها منذ أكثر من نصف قرن إذا ما قبلت التزام الصراط الديمقراطي المستقيم في الداخل، و"السلام والاعتدال" في الخارج. والوعيد: إعادة فرض حظر التجّول عليها في أية لحظة تسقط فيها في الامتحانين الداخلي والخارجي. من سينتصر في العام الجديد 2006: الوعد أم الوعيد؟ سنأتي إلى هذا السؤال بعد قليل. لكن قبل ذلك، إطلالة على طبيعة التفاعلات التي يعيشها الإسلام السياسي هذه الأيام. الإوزة المصرية نقطة الانطلاق هنا هي بالطبع مصر. لماذا "بالطبع" هذه؟ لسببين: الأول، أن مصر كانت طيلة تاريخها، وما تزال، الإوزة الطائرة التي تلحق بها كل طيور المنطقة العربية، سواء كانت محلّقة أو متدهورة، صاعدة أو هابطة. والثاني، أنه كل ما قيل عن "البلطجة" والعنف والتجاوزات التي رافقت الانتخابات التشريعية المصرية الأخيرة، لم يخف الايجابية الضخمة بأن مصر، ومعها المنطقة العربية برمتها، دخلتا بالفعل مرحلة تاريخية جديدة. وهي مرحلة خاصة للغاية، وممّيزة للغاية. فعلى عكس الثورات الديمقراطية في أوروبا الشرقية التي قادتها قوى ليبرالية- علمانية، سيكون على حركة دينية كالإخوان المسلمين، التي فاجأت الجميع بأدائها الانتخابي الكاسح، أن تقود مصر إلى بر الأمان الديمقراطي. كيف؟ عبر التحّول هي نفسها إلى حزب إسلامي ديمقراطي على غرار الأحزاب الديمقراطية المسيحية الأوروبية، أو بتبني برامج الإسلام الليبرالي الأوردوغاني التركي القائم على مصالحة الدين والعلمانية. وعلى عكس كل التجارب في أمريكا اللاتينية وإفريقيا، لن تؤدي التجربة المصرية إلى سقوط النظام أو تغييره، بل سيكون عليه هو التغّير والتطور من حكومة سلطوية إلى حكم ديمقراطي. كلا التطورين صعب بما فيه الكفاية على كلا الطرفين. فبرغم أن حركة الإخوان المسلمين المصرية أصدرت عام 2004 إعلاناً من 50 صفحة، أيدت فيه الانتخابات الديمقراطية، والإصلاحات السياسية والاقتصادية الليبرالية، والمساءلة والمحاسبة والاعتدال واللاعنف، إلا أن عليها الآن - وبعد أن أصبحت جزءاً من السلطة - أن تقرن القول بالفعل، وان تحّول هذه القيم النظرية الجميلة إلى برامج واقعية جميلة. وبرغم أن النخبة المدنية- العسكرية المصرية الحاكمة التزمت (أمام الخارج كما الداخل) بمواصلة الإصلاحات السياسية، إلا انه لن يكون من السهل عليها الحفاظ على وحدتها خلال المرحلة الانتقالية. كما سيكون من الصعب على الرؤوس الحامية فيها الاقتناع بان الإخوان لن يهددوا الأسس الراهنة التي تقوم عليها الدولة. لكن، وكيفما جرت الأمور، يمكن القول أنه من الآن وحتى خمس أو عشر سنوات، ستعيش مصر مخاضاً طويلاً وعسيرا،ً سمته الرئيس صعود الإسلاميين إلى فوق (الدولة والسلطة) بعد أن قضوا أكثر من 50 سنة تحت (المجتمع والسجون). .. والحمامة الفلسطينية ما ينطبق على مصر، سيحسب نفسه على الأرجح على العديد من الدول العربية التي توجد فيها منظمات سلمية إسلامية كفلسطين وسوريا تونس والأردن والمغرب وغيرها. ولعل ما يجري في فلسطين الآن، هو رجع الصدى الأهم لما جرى في مصر. لقد وصفت الانتخابات البلدية الأخيرة في الضفة الغربية، والتي اكتسحت فيها حركة "حماس" أقلام الاقتراع بأنها بمثابة "الزلزال". بيد أن هذا وصف أقل ما يقال عنه انه الأكثر بعداً عن الحقيقة. فنصر "حماس" لم يكن في الواقع زلزالاً مدّمراً، بل هزةّ بناءة أعادت وضع الهرم الفلسطيني على قاعدته، بعد أن مكث طويلاً على رأسه. لم يكن النصر تشويهاً للأمر الواقع، بل تصويباً له. لماذا؟ لأنه كان معروفاً حتى إبان عهد الرئيس الراحل ياسر عرفات، أن هذا الجناح العسكري- السياسي لجماعة الإخوان المسلمين (والذي تأسس عام 1987)، كان ولا يزال، يحظى بتأييد شعبي يتراوح ما بين الثلاثين إلى الأربعين بالمائة من إجمالي الشعب الفلسطيني. وبالتالي، عدم مشاركة "حماس" في السلطة منذ وقت طويل كان هو الأمر الغريب لا العكس. وهي غرابة تمكنت من الاستمرار طويلاً بقرار من الرئيس عرفات نفسه. الآن، بدأت المسائل تعود إلى نصابها الطبيعي. وكل المؤشرات تدل على أن حماس ستحصل في انتخابات 25 كانون الثاني يناير المقبل(في حال إجرائها) على أكثر من 40 في المائة من مقاعد البرلمان، مع عدم إستبعاد إمكانية حصولها على الأغلبية. وبالطبع، مثل هذا النصر الجديد الزاحف، سيحتم إعادة النظر بكل تركيبة منظمة التحرير الفلسطينية، ومعها طبيعة العمل السياسي الفلسطيني ذاته. هل تنجح "حماس" في اختبار الحكم، كما نجحت في اختبار المعارضة عبر شبكات عملها الاجتماعي والصحي والعسكري؟ وهل ستكون قادرة على التأقلم مع موجبات الدولة بعد أن عاشت طويلاً في كنف الثورة؟ محمود عباس لا يستبعد ذلك، انطلاقا من حماسته لفكرة تحوّل "حماس" من مجرد تنظيم إيديولوجي إلى حركة سياسية. ونحن أيضاً لا نستبعد ذلك، ولكن انطلاقا من شيء آخر: قرار جماعة الإخوان المسلمين العربية ككل، خاصة مركزها المصري، الانتقال إلى العمل السياسي وخوض معركة الديمقراطية حتى الثمالة. وهو قرار تاريخي، تقاطع مع قرار تاريخي آخر اتخذته الدولة العظمى الوحيدة في العالم برفع الحظر عن مشاركة الإخوان المسلمين في السلطة. مفاعيل هذا القرار ستكون واضحة في الانتخابات المقبلة، برغم كل المحاولات التي يبذلها الآن مجلس النواب الأميركي وبعض قوى الضغط اليهودية لعرقلة صعود "حماس" إلى السلطة. وإذا ما تذكّرنا أن الإخوان موجودون بقوة أيضاً في الأردن، فسندرك أن الأبواب ستكون مشرعة على مصراعيها قريباً لخروج الأجنحة المعتدلة من جماعة الإخوان المسلمين السورية من تحت أرض السجون والمنافي إلى فوق أرض السلطة والحكم. قد لا يحدث هذا اليوم، لكنه سيحدث حتماً غداً. فهذه حتمية تمليها بداهة اللعبة الديمقراطية، ولا علاقة لها البتة من قريب أو بعيد بأحاديث الزلازل والمفاجآت التي يتخيلّها (أو بالأحرى يخشاها) البعض الآن في فلسطين ومصر. اليد العليا نعود الآن إلى سؤالنا الأولي: لمن ستكون اليد العليا بالنسبة للإسلاميين: للوعد أم الوعيد؟ حتى الآن، تبدو الصورة زاهية للخيار الأول. فإلى جانب التجارب الجديدة في مصر وفلسطين والأردن ولبنان، هناك تجارب أخرى لا تقل أهمية في المملكة المغربية التي ستفتح في العام الجديد مزيداُ من الأبواب والنوافذ أمام الإسلاميين ليدلوا بدلوهم السياسي، في إطار تنافس حزبي تعددي تؤكد الحكومة المغربية أنها ستلتزم بتحقيقه. لكن مهلاً. هذا الوعد ليس مطلقاً، ولا هو بلا قيود. فأميركا، الدولة العظمى الوحيدة لم تنقلب بين ليلة وضحاها من حال رفض الإسلاميين إلى حال الغرام معهم. وهذا ينطبق حتى على الإسلام التركي الأوردغاني الذي لا تزال واشنطن تراقب سلوكياته بدقة، لمعرفة ما إذا زواجه الراهن من العلمانية عرفي ومؤقت أم دائم وحقيقي، وأيضاً لاختبار مدى التزامه بالأجندة الإستراتيجية الغربية العامة في العالم. وبالطبع، ما ينطبق على الإسلاميين الأتراك الأكثر ليبرالية وديمقراطية، يسحب نفسه بالتأكيد على الإخوان المسلمين وباقي الحركات الإسلامية الأقل ليبرالية بكثير، والتي لم تثبت بعد مدى صدقية إيمانها بالديمقراطية ومبدأ تداول السلطة، أو قبولها بالأطر والقواعد العامة للسياسات الغربية في المنطقة، بما في ذلك مسألة السلام مع إسرائيل. هذه نقطة. وثمة نقطة ثانية قد تكون هي الأهم: واشنطن وبروكسل لا، ولن، تقبلا، أن يكون الإسلام السياسي هو البديل الوحيد للأنظمة التوتاليتارية العربية. وهما ستبذلان جهوداً كبيرة لدعم الحركات الليبرالية والعلمانية العربية لتكون هي البديل الثالث. كتب جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الأميركي، ( "هيرالد تريبيون"- 15 ديسمبر 2005): "المشكلة في مصر ليست في فوز الإخوان بعشرين في المائة من الأصوات، بل لأنهم الوحيدون في المعارضة، هذا في حين أنه في دول مثل إندونيسيا وبنغلادش القوى العلمانية تقزّم الحركات الدينية. وبالتالي، مصر تحتاج إلى معارضة متنوعة أقوى". رسالة واضحة؟ بالتأكيد. وهي اتضحت أكثر بكثير بعد أن شنت الصحف الأميركية هذا الأسبوع حملة عنيفة على الرئيس حسني مبارك بسبب أحكام السجن التي صدرت بحق مرشح الرئاسة المعارض أيمن نور، والتي وصلت إلى درجة مطالبة "واشنطن بوست" بإعادة النظر بالمساعدات العسكرية والمالية الأميركية لمصر (1،8 مليار دولار). لماذا هذه الحماسة الكبيرة لأيمن نور؟ لنترك الإجابة لافتتاحية "لوس أنجيليس تايمز": مبارك يحذّرنا من أن الخيار في مصر هو بينه وبين الكارثة. لكن ثمة بديل ثالث بين الأصوليين الإسلاميين والاتوقراط العلمانيين من أمثاله، يتمثّل بديمقراطيين مثل أيمن نور وسعد الدين إبراهيم". وهذا البديل الديمقراطي العلماني، يثير القشعريرة في بدن الرئيس مبارك أكثر من البديل الإخواني، لأنه يحظى بدعم كامل من الدولة العظمى الوحيدة. كما هو واضح، الوعد للحركات الإسلامية، على أهميته، يكاد يتساوى مع الوعيد، على خطورته. وسيكون على الحركات الإسلامية أن تثبت في قادم الأيام أنها قادرة (كما الإسلام التركي) على أكل عنب الوعد، بدون الوقوع في محاذير الوعيد أو محظوراته. فهل تنجح؟ المصدر : سويس انفو

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.