عادة ما يرجع الشعوب اتجاههم نحو اختيار رئيس ذي خلفية عسكرية؛ لهدف الحماية والاستقرار في ظل مخاطر أمنية تحيط بالبلاد، فخبرته العسكرية كافية لأن يكون رئيسًا للجمهورية، ولاسيما خبرته في التعاون العسكري وتشكيل حليف استراتيجي يتبادل معه الخبرات العسكرية وصفقات السلاح. ومنذ وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي للحكم عقد العديد من الصفقات العسكرية، غير أن الاهتمام الإعلامي كان بصفقتين عقدتهما مصر مع فرنسا وهما الطائرات "رافال" وحاملة المروحيات "ميسترال". وأبرم "السيسي" صفقته الأولى مع فرنسا، في فبراير الماضي، لشراء 24 طائرة من طراز "رافال" لتكون بذلك مصر أول دولة تشتريها منذ الكشف عنها في عام 2000، بعد أن فشلت فرنسا في العديد من الصفقات لبيع طائرة واحدة لكل من الهند والبرازيل وسنغافورة وسويسرا والمغرب، بل إن الجيش الفرنسي نفسه كان لديه خطة لشراء 11 طائرة سنويًا (من الشركة المصنعة داسو) لدعم برنامج تصنيع هذا النوع من الطائرات، ثم تراجع وقرر شراء 26 طائرة خلال ست سنوات، أي قلص العدد من 66 طائرة إلى 26. وتسلمت مصر، أول دفعة من "الرافال" في يوليو الماضي بواقع 3 طائرات من 24، وذلك في احتفالية كبيرة بقاعدة "إيستر" الجوية جنوبفرنسا. وبعد الصفقة المصرية توصلت قطر، في أبريل 2015، إلى اتفاق لشراء 24 طائرة في صفقة تبلغ قيمتها أكثر من سبعة مليارات دولار ويشمل العقد أيضا صواريخ من طراز MBDA Apache فضلًا عن تدريب 36 طيارًا قطريًا، و100 فني على يد الجيش الفرنسي على أن يتم تسليم الطائرات ابتداءً من 2018. فيما وقعت مصر، اليوم السبت، الصفقة الثانية مع فرنسا بشراء حاملتي المروحيات العسكرية من طراز "ميسترال"، بقصر الاتحادية، حيث وقع الفريق صدقي صبحي، وزير الدفاع، ونظيره الفرنسي جون ايف اودريون، إعلان النوايا بين وزارتي الدفاع المصرية والفرنسية للتعاون في مجالي الأمن والدفاع. كما وقع اللواء أحمد خالد، رئيس أركان القوات البحرية، وناتالى سمارنوس، نائبة رئيس شركة "دي سي إن إس" الفرنسية، عقد شراء حاملتي طائرات مروحية من طراز "ميسترال". وحضر مراسم التوقيع، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسى، ورئيس الوزراء شريف إسماعيل، ونظيره الفرنسى مانويل فالس. يشار إلى أن الحاملتين كانا قد أبرمت فرنسا عقد بيعهما لروسيا في 2011 بقيمة 1.2 مليار يورو، إلا أن توقيع الاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا بسبب الأوضاع في أوكرانيا حال دون ذلك، واتفقت موسكووباريس مطلع أغسطس الماضي على فسخ عقد "ميسترال"، على أن يتاح لفرنسا التصرف بالحاملتين بعد تفكيك الأسلحة والمعدات الروسية، واضطرت فرنسا بعدها إلى بيعها لمصر تجنبًا للخسارة الكبيرة في ثمنها الأصلي. ووفقًا لقناة "روسيا اليوم"، في سياق تقرير لها، يكون بذلك مجموع الصفقات العسكرية التي عقدتها مصر مع فرنسا منذ وصول الرئيس عبدالفتاح السيسي للحكم وصلت إلى ما يقرب من 8 مليار يورو، بواقع مليار يورور قيمة أربع سفن من طراز "جونيد"، في صفقة وقعتها مصر مع فرنسا في 2014، و5.2 مليار يورو قيمة صفقة الطائرات "رافال" والفرقاطة "فريم"، ومليار يورو قيمة حاملتي المروحيات "ميسترال"، كما اشترت القاهرة من باريس أسلحة أخرى ب1,1 مليار يورو. ومن جانبه، أكد العميد محمود السيد قطري، الخبير الأمني، أن شراء تلك النوعية من الأسلحة نقلة نوعية جديدة للتسليح في مصر وإن كان التسليح أكثر من اللازم، خاصة أن مصر دولة صغيرة ومتوسطة ولا تحتاج ذلك النوع من الأسلحة الذي عدها رفاهية، مشيرا إلى أن مصر في حاجة إلى شراء نوعية أخرى من الأسلحة، أبرزها الصواريخ مثلما فعلت إيران التي أصبحت تملك منظومة صواريخ. وأضاف قطري في تصريحات خاصة ل"المصريون" أنه مبكرا على مصر أن يكون لديها حاملات طائرات لن تفلح في حالات الهجوم مثلما تفعل الولاياتالمتحدة في حالة رغبتها في الحفاظ على أهدافها الاستراتيجية فتستخدم نوعية أخرى من الأسلحة. وتابع أن دولا كثيرة وأبرزها إسرائيل التي عدها عدو مصر الاستراتيجي لا تمتلك حاملات طائرات، وذلك لأن حاملات الطائرات لا تستخدم إلا في مهام بعينها فهي لا تحمل القاذفات مثلا، مؤكدا أن تلك النوعية من الأسلحة مكلفة جدا لارتفاع سعرها، بالإضافة إلى أنها لا تحمل القاذفات فهي غير ضرورية في حالة الحروب. وفي سياق مختلف، قال قدري الشاذلي القائم بأعمال رئيس حزب النصر الديمقراطي، إن توقيع مصر لصفقة الميسترال يترجم مجهودات الرئيس عبد الفتاح السيسي الخارجية، ويؤكد ثقل مصر إقليميًا ودوليًا، مشيرا إلى أنه يؤكد إدراك العالم لقيمة مصر ودورها الإقليمي والمحوري في تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. وأكد الشاذلي، أن جيش مصر يخوض معركة ضارية ضد الإرهاب في سيناء، منوها بضرورة تكاتف المصريين مع قواتهم المسلحة وشرطتهم من أجل القضاء على الإرهاب نهائيا.